في عالم يعج بالمحاذير والمخاوف على البنات والأولاد أصبح هم الأمهات كبيرا ومخاوفهن كبيرة من أن ينجرف الأبناء في غفلة من أنفسهم ووالديهم إلى تصرفات قد تكون نتائجها وخيمة العواقب ولكل من الأب والأم طريقته في التعامل مع الأبناء لتعويدهم على المصارحة والحوار الذي ينبىء عن المخاطر قبل وقوعها ولكن الأهل لا يكتفون ويمارسون دور المراقب من ريب ومن بعيد لتطمئن قلوبهم وفي المقابل يرفض الأبناء الكثير من الأدوار المناطة بالأهل فهم يرفضن النصيحة المباشرة ويرفضون التهميش ويرفضون التدخل في خصوصياتهم وأكثر ما يزعجهم أن يكون الحوار المتبادل بينهم وبين أهلهم عبارة عن (سين وجيم) يشبه التحقيق البوليسي وإذا وصل الأمر إلى تفتيش الأغراض الشخصية فهذا بالنسبة لهم جريمة في خصوصياتهم أمام هذه المطالب كان لابد أن نستمتع إلى الجميع . أرفض التفتيش يقول عبد العزيز وهو مراهق في الخامسة عشرة .. أسمع من أمي وأبي كلمات كثيرة تعني أنهم يثقون في وأنهم ينتظرون مني أن اخبرهم بكل ما من شأنه أن يحفظني بعيدا عن كل المخاطر. ولكني فوجئت عندما دخلت إلى غرفتي ووجدت أمي تقرأ كل ورقة تجدها في مكتبي وعندما سألتها قالت : إنها تبحث عن الجدول ولكني قلت لها: إن الجدول معلق أمامها. فضحكت قائلة: أنا أتابعك فأحيانا ترى أنت أشياء بسيطة ونراها نحن بداية لشرور كثيرة. هنا غضبت من أمي وقلت لها: لو كانت لدي أشياء تخيفك لما أبقيت غرفتي وأدراجي مفتوحة لم ولكن هذا لا يعني أن تفتشوني مثل الحرامي. وانتهى الموضوع بيننا على أنها لن تفعل وأني التزم بسرد كل تفاصيل يومي عليها !! أليس لهم خصوصيات ؟ ماذا عنا إذاً ؟! ويأخذ مروان طرف الحديث ليقول: هناك خصوصيات لكل إنسان كبيرا أو صغيرا بينه وبين أصدقائه أو معارفه لا يجب أن يطلع عليها غيره فلماذا يقبلون لأنفسهم ذلك ولا يقبلونه لنا. أنا فقط أطلب جزءا من الحرية في علاقاتي مع أشخاص هم يعرفونهم جيداً . الولاعة الدليل أما تركي فقال: دخلت يوما على أمي وهي غاضبة جداً وأخذت تلوم تهدد تارة بالصراخ وتارة باللين وأنا لا أدري عم تتحدث حتى أخرجت لي ولاعة وقالت : منذ متى وأنت تدخن؟ فدهشت من سؤالها فقالت : لا تنكر.. هذه الولاعة موجودة في جيب بنطلونك الذي أخذته لأغسله .. فقلت لها: نعم إنها ولاعة ولكنها ليست للتدخين بل للألعاب النارية والمفرقعات التي أخذتها معي بالأمس إلى الكورنيش وعندما شعرت أمي بالهزيمة قالت : آه الحمد لله أنك لم تخن ثقتي فيك .. وما أزعجني أنه رغم صدقي مع أمي في كل شيء إلا أنها اتهمتني مباشرة دون أن تسألني بل قررت بينها وبين نفسها فقط . - قلبها دليل وتروي هدى أن حيل أمها معها لاستدراجها بالكلام مضحكة جداً ولا تترك لها مجالا للعمل بمشورتها وتقول: فرغم أنني مع أمي معظم الوقت باستثناء ساعات الدوام المدرسي إلا أنها تختلق لي حكايات عن فلانة وعلانة لتشرح لي مخاطر الصديقات وعندما تراني أتحدث بالهاتف تبدأ في المرور أمامي بكثرة لتلتقط أكثر ما تسمعه مني. وبعد أن أقفل تبدأ بسؤالي عن تفسير وشرح لكل كلمة سمعتها وبعد أن أعطيها كل ما تريد ينتهي الكلام بأنها لا تصدق وبأن قلبها دليلها الذي تعتمد عليه وأنها ستكشفني يوما . أمام كل عدم الثقة هذا كيف تريدون مني أن أتصرف ؟! جوالي مراقب أما دانة ذات الستة عشر عاما فتقول: لظروف التنقل من البيت إلى المدرسة الخصوصية قدمت لي أمي هاتفا جوالاً وما أن أدخل من البيت وأضع الهاتف في مكان ما حتى أجد أمي قد أخذته وبدأت تتابع المكالمات الواردة والصادرة . وتتصفح الرسائل لقد تكرر الموقف أكثر من مرة دون تعليق منها أو مني فهي لا ترى ما يريبها وفي يوم قررت أن أمسح كل المكالمات والرسائل قبل أن تبدأ نوبة التفتيش وعندما رأته على تلك الحال ثارت وغضبت وأخذت تهدد وتتوعد وعندما انتهت قل لها: كل يوم تفعلين ما تفعلين دون أن اعلق رغم أن هذا يزعجني ويهز ثقتك في التي لم تكن موجودة أصلا فأردت أن أزعجك أو بالأحرى انبهك أنه لو كان عندي شيء أخفيه لفعلت دون أن تشعري .