• توفي والدي رحمه الله من سنتين، وكان يبلغ من العمر 49 عاما، ومنذ انتهت والدتي من عدتها أصبحت تصرفاتها غريبة جدا معنا، علما بأن عمرها لم يتجاوز 39 عاما. أحيانا أوافقها الرأي في الحزم مع أخوي حينما يرفضان الاستماع لها فيما يخص الأسرة أو الأعمال من مؤسسات وعمالة أجنبية، بالرغم من معرفتهما أن ما تقوله لهما صحيح بحكم عشرتها مع والدي رحمه الله، وخجلهما من سؤالها عن أي شيء يخص هذه الأعمال. ما يزعج في الأمر أنها عندما تعجز عن إقناعهما وجعلهما يلبيان ما تطلبه منهما، تقوم هي بمكالمة صاحب المكتب الموكل بتخليص هذه الأعمال من إقامات للعمالة أو التأشيرات، وتأخذ في النقاش معه، مما يزعجنا جميعا، وأنا والله لا ألومها لأنني أعرف ما تعانيه مع أخوي، ولكن تطور الأمر إلى أبعد من ذلك، فقد أصبحت تلجأ إلى محادثة الرجال من العمالة الأجنبية أو أصحاب المكتب وتكثر الكلام معهم والضحك والمزح أيضا، مما صار يضايقنا، وأنت تعلم كم هذا الشعور مؤلم أن نرى والدتنا تتصرف هكذا، مع العلم أنها لم تمتلك هاتفا محمولا في حياة والدي، وبعد وفاته قمنا بشرائه لها، واكتشفت أختي وأخي أن بينها وبين صديق أبي مكالمات إعجاب، وحين صارحاها تعهدت بعدم تكرار هذا الأمر، علما أننا اقترحنا عليها الزواج إن أرادت إلا أنها رفضت مقترحنا، وهي الآن تعيد الكرة مع السائق، فهي حين تخرج مع السائق لإيصال أخوي للمدارس تتجمل وتتعطر، وصرت أراها بمنظر لا يرضيني، وأخشى أن تؤثر تصرفاتها على سلوك أخوي الصغيرين، مع العلم أن أمي عاشت مع والدي حياة ضيق وجحيم، وكان قاسيا جدا معها. ولأنني بدأت ألحظ على أخوي الصغيرين عدم اهتمامهما بتوجيهات أمي، بل لا يحترمان كلمتها ولا يصغيان إلى نصائحها، لجأت إليكم بحثا عن حل. نسرين المدينةالمنورة المشكلة التي تعاني منها والدتك ربما كان سببها أن والدكم رحمه الله كان قاسيا عليها فحرمها من ثقتها بنفسها والشعور بقيمتها، فعاشت في كنفه وهي مسحوقة وفاقدة للشعور بالقيمة، وحين غاب من ساحة حياتها بدأت تبحث عمن يشعرها أنها أنثى مقبولة، فوجدت عند صديق والدكم تقديرا لها ولأنوثتها، وحرصها على وضع المكياج والعطور بصورة مبالغ فيها نتيجة طبيعية لمثل هذه المشاعر، ونتيجة أيضا لرغبتها في العيش مع رجل يشعرها بقيمتها كأنثى، ورفضها الانصياع لكم يشير إلى أنها ليست واعية تماما بالأذى الذي تلحقه هذه التصرفات بكم وبمشاعركم، وما فعلتموه معها حين سمحتم لها بالزواج كان أمرا حكيما، لأنه حق لها من ناحية، ولأنها لا تزال صغيرة السن من ناحية ثانية، في حين أنكم جميعا على ما يبدو صرتم كبارا ومستقلين عنها من ناحية ثالثة؛ لذا أرجو أن تكثروا من الإلحاح عليها بضرورة أن تتزوج، وإن أبت ورفضت بغض النظر عن الأعذار التي تقدمها لكم فعليكم أن تبينوا لها أن الزواج حق لها لا يستطيع أحد أن يحرمها منه، وإن رفضت الفكرة، فعليكم أن تبينوا لها أن الحل الثاني هو التزامها بمجمل الأعراف السائدة في بيئتها، وإلا فإنها تعرض نفسها وتعرضكم لسوء السمعة بين الناس، وبينوا لها نتائج تصرفاتها على سلوك صغارها معها، وإن كنت أرى حاجتكم لإحدى خالاتك للتحدث إليها، إن هي لم تنصت لكم.