بعنوان يحاول الكشف عن ملامح البدايات، ويطرح حالة تشكيلية جديدة، قدم التشكيلي السعودي معجب عثمان الزهراني، معرضه الأول في جاليري (شدى) حاملا لافتة شديدة الوضوح تتمثل في كلمة (محاولات) وهو بذلك يقدم تجربته الفنية عبر عنوان ذكي يفرض نوعا من التصالح بينه وبين المتلقي من جهة، وبين خياره في عرض مختلف اعماله في معرض واحد من جهة اخرى. ففي هذا المعرض الذي افتتحه الدكتور محمد الرصيص، وحضره عدد كبير من الفنانين والمهتمين بالتشكيل، طرح الزهراني نتاج عشر سنوات هي عمره التشكيلي الذي بدأ في عام 1994م. وقد اتسمت اعمال المعرض بالتجريب في مختلف الخامات، والتنقل بين مختلف الاساليب، وكأنه يحرص منذ البداية على ان يكون واضحا وصريحا مع المتلقي، ليقول بشكل ضمني مبطن، هذا أنا منذ ان بدأت وحتى اللحظة الراهنة، فلم يخجل من عرض اعمال البدايات المتواضعة، الى جانب اعمال اخرى تتجاوزها بصورة ما بحكم التمرس والتجريب، او بحكم النضج الذي ترتفع وتيرته مع مرور السنوات، ولذلك كان المعرض حافلا بأعمال واقعية تعتمد على المحاكاة، واخرى واقعية وتعبيرية وتجريدية، اضافة الى اعمال الكولاج، واعمال تلامس تيمات الفنون الاسلامية. دلالات البراويز من الاشياء اللافتة في معرض معجب عثمان الزهراني، انه جعل من (البراويز) التي تؤطر أعماله جزءا من العمل نفسه، فقد اخذت البراويز من الوان العمل وعناصره ورموزه المحفورة في محاولة لربطها بالعناصر الأخرى الموجودة في محيط العمل، وجذبها للمشاركة في تفعيل المضمون. ايضا.. كانت مسألة محاكاته لبعض الاعمال الفنية الشهيرة مثل (الجيوكاندا) شكلا من اشكال التحدي للذات والقدرات، وكأنه عندما يعيد نقل لوحة ذائعة الصيت مثل (الجيوكاندا) يسعى لتوصيل قدراته في التصوير التشكيلي للمتلقي الذي يعرفه لأول مرة، او انه يقول بشكل ضمني: ان المعرض اذا كان يحمل عنوان (محاولات) فانه ايضا يحملني الى عالم التشكيلي وفق خاصية تعدد الأساليب وتنوعها، وهو بذلك ربما يطرح علامة استفهام تضعه في مواجهة اسئلة حول المسار الخاص الذي يجب ان يتخذه كل فنان ليكون ذاته مبتعدا عن نتاج ذوات الاخرين، وهنا يقول معجب عثمان الزهراني: من الضروري ان يكون لكل فنان مساره الخاص، لكن احيانا الظروف التي يعايشها الفنان تفرض عليه انماطا مختلفة قد تخرجه عن مساره الخاص، فعندما يتأثر الفنان بواقعه العربي ويتفاعل معه، كما حدث معي في سلسلة (الطفولة المشردة) يجد نفسه مشدودا للتعبير عن قضايا مثل معاناة الاطفال في فلسطين او في العراق، وهنا قد يجد الفنان نفسه امام اسلوب معين، يفرض نفسه بصورة تحمله الى خارج مساره، لكنه سرعان ما يعود الى اسلوبه مرة اخرى. تغيير الخامة والأدوات وعن استخدامه الخامات، وتجريبه في الكثير منها يقول الزهراني: حاولت ان اغير الخامة من مرحلة الى اخرى، او من عام الى عام، فاستخدمت خامات من الطبيعة مثل الطين، الرمل، وخلط (التمبرا مع الزيت، ودمج البرواز مع اللوحة، وهذه كلها محاولات لربط الخامة بنوع من التجديد التقني في الاستخدام وكذلك في التوظيف، وبالنسبة لمفهوم اللون حاولت ان اعكس الرؤية التقليدية لبعض الالوان. فمثلا عندما استخدمت الألوان الداكنة او الشاحبة، كنت اعرف ان الكل سينظر اليها على انها الوان تعكس صورة للتشاؤم او الحزن، لكنني حرصت على ان اقودها الى مفهوم آخر يستولد علاقة مختلفة مع تلك الالوان. تنوع في الذائقة اما عن لجوئه لمحاكاة بعض الاعمال الشهيرة ورسم المظاهر الطبيعية في الوقت الذي يعرض الى جوارها اعمال تجريدية، يقول الزهراني: اعرف ان جمهور المعارض متنوع بين الفنان والناقد والدارس وصولا الى المتلقي العادي، لذلك حاولت ان يكون التنويع متوافقا مع جمهور المعرض على اختلاف ذائقته، لكن الجزء الاهم في هذا الموضوع، هو ان الكثير من الفنانين يتهمون بأنهم لا يجيدون الرسم، لذلك يلجأون الى التجريد، فحاولت ان ابرهن للمتلقى علىعدم مصداقية مثل هذا الاعتقاد، وانه ليس بالضرورة ان كل من يقدم اعماله بصيغة تجريدية لا يجيد الرسم او التصوير، وهذا هو السبب الذي جعلني ارسم لوحة مثل (الجيوكاندا) او غيرها من الاعمال التي تعكس قدراتي في التصوير مثل الخيول او مكونات الطبيعة الصامتة. ان هذا المعرض الذي يمثل اطلالة اولى للفنان معجب عثمان الزهراني، يطرح خاصية مهمة تحسب لجاليري (شدى) وسياسته التي وضعها المستشار الفني عبدالرحمن العليان، وهذه الخاصية مفادها ان المعارض التي يقيمها الجاليري ليست مقصورة فقط على كبار الفنانين، وانما هناك أيضا مساحة للتجارب الشابة المتميزة، وبهذا يمكن القول: ان الجاليري اضافة نوعية في مجال خدمة الفنون التشكيلية، وتفعيلها خصوصا في الرياض. إحاول أن اكون قريباً من الجميع احدى لوحات الزهراني