منحوتات ضخمة مشغولة وفق تقنيات الفسيفساء المرصع بأشكال هندسية متعددة يحتضنها معرض سمبوزيوم الإسكندرية الدولي للنحت في ساحة الحضارات (البلازا) في مكتبة الإسكندرية. والمعرض هو محاولة للخروج بفن الفسيفساء من الدائرة المحدودة من المتخصصين الأثريين والمرممين إلى دائرة أوسع من الجمهور. إذ عرضت الأعمال الفنية في الهواء الطلق في ساحة البلازا، ما يجعل الجمهور يشاهد هذه الأعمال الإبداعية من دون حواجز لإيجاد شكل من التواصل وإعادة ترتيب العلاقة بين المتلقي والفنان بما يشكل حافزاً لاستنهاض الإبداع لدى الفنانين. يوضح مستشار مكتبة الإسكندرية للفنون التشكيلية الدكتور مصطفى الرزاز أن 22 فناناً اجتمعوا من أقطار مختلفة من العالم في جوٍ من التآلف والتخاطر الإبداعي والنقد والمساندة، بروح الفريق الذي تتلاشى فيه الأعراق والقوميات والأيديولوجيات والمذاهب والأساليب. يشارك معهم شباب واعد تطوع للمعاونة. ويقول: «إنه عالم مثالي إبداعي ترجم في تلك الأعمال المعروضة الرائعة. وفي ساحة البلازا في مكتبة الإسكندرية في الهواء الطلق استقبلت هذه الأعمال آلاف الزوار من أهالي وضيوف الإسكندرية في موسم الصيف»، مشيراً إلى ان الأعمال وزعت في مواقعها ضمن المجموعة الدائمة من الأعمال الفنية ذات الطبيعة المختلفة. وتوضح النحاتة الإيطالية فرناندا توليميتو انها حاولت ان تضفي على عملها الثلاثي الأبعاد كامل المواصفات التقنية المُتبعة في فنون النحت، لافتة إلى أن عملها ارتبط في مضمونه الشكلي ودلالته الرمزية بتوزيع الكتلة وعناق الفراغ المعبر عن لحظات حلم ووعي بالواقع الفطري. وتقول منى مجدي قناوي (مصر): «هناك رغبة من الفنانين في عدم استظهار خبراتهم كأنهم يشتغلون مجدداً، وهذا شكَّل مبرراً لطرح التجريب في بعض الأعمال الفنية، إذ شكلت المنحوتات محاولة جريئة لنقل أساليب الأيقونة التي هي مادة ذات بعدين وتحويلها إلى عمل نحتي أو كتلة ذات ثلاثة أبعاد». ويعتبر الفنان محمد شاكر (مصر) أن الاحتكاك على المستوى الدولي شيء مهم جداً بالنسبة للفنان، لأن فكرة التبادل الثقافي من خلال الفن تعمم مفهوم التنوير الذي تدخل فيه الثقافة إلى جانب الفن. وشارك شاكر بعمل سمّاه «انحناءات راحلة» يصور فيه حالة الدائرة التي ترمز إلى الديمومة واللانهائية، «فهذه الكرة تنقسم إلى نصفين وتنفصل عن نفسها؛ وكأننا نعيد ذرة الحياة مرة أخرى، فنحن نعترض على الحياة السابقة ونريد إعادتها مجدداً، والفن فرصة كي يتحسس الإنسان خيالاته وتأملاته، وهذا جزء من ثقافة الفن، الذي يجب ألا يغيب». ومن الأعمال اللافتة التي أشاد بها الحاضرون «حامل الشعلة»، للشخصية الأسطورية بروميثيوس: العملاق الذي قدم النار للبشرية رمزاً للمعرفة، وأصبح اسمه مرادفاً للإبداع والابتكار وحرية التعبير من أعمال النحات بافلوس انجيلوس كوجيو متسيس. كذلك تبرز بين تلك اللوحات جدارية للفنانة عزيزة فهمي (مصر) تعكس تأثرها بالفن الروماني تم اختيارها لتكون غلافاً لمطبوعات المعرض، وجدارية للفنان محمد بنوى (مصر) الذي استخدم الألوان والرسومات الموجودة على قطع كبيرة من السيراميك. كما قدمت الفنانة إدا مالي (النمسا) عملاً تجريدياً ظهرت خطوطه أكثر مرونة وانسجاماً مع طبيعة الخامات المستعملة، وما بينها من تآلف الصنعة والصياغة التقنية، ليظهر تعبير مكشوف لمساحة الأسطورة والواقع ومُدركات الحلم وتجلياته البصرية. وكلها تنهل من معين فكرة تعبيرية واحدة، قوامها التجريد، واللعب التقني على قدرات الخامة. وكان معرض «سمبوزيوم الإسكندرية الدولي للنحت في الخامات الطبيعية» افتتح مع بداية مهرجان الصيف للفنون الدولي الثامن، بحضور أكثر من ألفي مدعو من جمهور الفن والموسيقى. ضمن ثلاثة معارض جماعية يشارك في اثنين منها نخبة مختارة من الفنانين الشباب، بينما يشارك في الثالث فنانون من أقطار مختلفة من العالم.