اكد محمد الحماد رئيس مجموعة البيان القابضة ان السوق العقارية بحاجة ماسة الى التطوير العقاري، ونقل الخبرات في هذا المجال، لان التطوير بات ضرورة تحكمها الاوضاع السكنية والاقتصادية. واشار في حوار مع (اليوم) الى ان نقص المعلومات في سوق العقار بات مشكلة للسوق، الذي نما بسرعة، ولم يكن في وقت سابق بحاجة الى المعلومة قدر حاجته للسيولة، ولكن مع التطور الحالي بات من المهم ايجاد المعلومة، لاننا بحاجة الى تغيير نمط العمل، الذي لم يعد يعتمد على الجهود الفردية. وقال الحماد: ان ما حدث في سوق العقار في السبعينيات لا يمكن ان يتكرر في الوقت الحاضر، رغم ان هناك امكانية لحدوث طفرات نوعية، لكنها ليست عشوائية. وذكر ان سوق العقار بات يستقبل استثمارات نسائية ضخمة، تعتبر محركا اضافيا للسوق، كونها اصبحت تستثمر وتبني وتسكن وتصمم. وتوقع ان تشهد السوق العقارية دخول شركات مساهمة بدلا من اقتصارها على الشركات الفردية، ولكن دخول هذه الشركات مرهون بوجود المظلة القانونية والرقابية. وفيما يلي نص الحوار: @ نعلم ان بداياتك كانت عقارية بحتة هل العودة لهذا المجال تأكيد على ان العقار (ظهر التاجر)؟ * هذا صحيح لقد قمت بصفقة عقارية كبيرة ان صحت التسمية في بداياتي الاولى لكنني تأملت آنذاك في التفكير السائد للعقار وبمعناه التقليدي فآثرت العمل على القطاعات الاخرى واضعا خطة للتنوع، نجحنا ولله الحمد في تطبيقها ولانزال نطمح للكثير في اطار التوسع العمودي بعد استكمال التوسع في كل شركة على حدة وفي كل نشاط افقي. اما عن العودة للعقار فهي في اطار محدد وهو (التطوير العقاري) الذي اثبتت دراستنا الاولية ان السوق السعودية بحاجة ماسة وكبيرة له خصوصا مع تغير نمط التفكير لدى طرفي المعادلة العقارية - البائع والمشتري - حيث بدأ ظهور الطرف الثالث وهو المطور وهذا النهج في مجموعة البيان يقوم على الاستفادة من تجارب وخبرات دولية كبيرة ولدينا دراسات اجنبية معمقة للافادة منها في عمليات التطوير العقاري لذا فقد اصبح الاستثمار العقاري خاصة في مجال التطوير ضرورة تحكمها الاوضاع السكنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية التي تعيشها المملكة بسبب تزايد النمو السكاني وبالتالي تزايد الطلب على السكن خصوصا اذا علمنا ان ما يزيد على 75% من سكان المملكة هم من فئة الشباب المقبلين على تأسيس حياة جديدة، لذلك يجب ان تكون هناك رؤية واضحة لمستقبل الاسكان في المملكة تعتمد على دراسات وبيانات موثقة. @ هذا يقودنا الى سؤال مهم يشتكي منه العقاريون وهو غياب المعلومة الى ماذا ترجعون ذلك وما الحلول التي ترونها؟ * هذا صحيح فالمعلومة العقارية غائبة تقريبا لعدة اسباب اهمها ان العمل العقاري في المملكة نما بسرعة كبيرة معتمدا على النهضة المتسارعة للبلاد وعلى الانفاق الكبير للحكومة على مدى خطط التنمية. وكان العمل العقاري في مجمله لا يحتاج للمعلومة بقدر احتياجه للسيولة فهو لم يتجاوز الاستثمار في المخططات والاراضي البيضاء وبناء وحدات للايجار اما الآن فقد بدأ الاحتياج للمعلومة كنتيجة حتمية للحاجة الى تغيير نمط العمل العقاري خصوصا في مجال التطوير، والامر الآخر هو ان العمل العقاري كان في بداياته يعتمد على جهود فردية او عائلية ذاتية وشبه مغلقة ولم يكن للعاملين في القطاع اي وجود على مستوى الشركات والمؤسسات الا ما ندر وهذا ايضا ساهم في نقص المعلومة. اما الحلول فتبدأ من مركز المعلومات العقارية الذي لابد ان تكون له جهة محايدة تتبناه. وتسعى الغرف التجارية الصناعية ممثلة في اللجنة العقارية حثيثا لاقامة مثل هذا المركز كما ان انشاء شركة (عقاري) التي اعلن عنها مؤخرا يعد في حد ذاته خطوة رائعة تبشر بتنظيم تقني وعلمي للعمل العقاري بالمملكة وتسويقه وادارته. ويجب على باقي الشركات العقارية تخصيص جزء من جهودها وموازناتها لدراسات السوق فالعقار يرتبط بالحالة الاقتصادية العامة وبنمو السكان وبصناعة مواد البناء وبأشياء كثيرة كلها تصب في اتجاه واحد واعتقد اننا لو بدأنا ذلك ستكون هي البداية الصحيحة لطريق قد يطول قليلا. @ ما المقصود بالتطوير العقاري الذي تقودونه من خلال شركة البيان للتطوير العقاري؟ * تطوير اي شيء هو نقلة من وضع معين الى وضع افضل وبلغة المال هو تحقيق عائد اكبر من الاصل نفسه، وهناك حوالي 25% من مساحات المدن السعودية عبارة عن اراض بيضاء وانا اعتقد ان هذه ستكون وقود التطوير العقاري المقبل فلم نعد بحاجة لانشاء مجمعات تجارية او اقامة قصور وفلل واسعة اننا الآن بصدد تغيير انماط الطلب العقاري والمطور هو الذي يستجيب للطلب الكامن وهو الطلب الذي لم يلب بعد او لم تسد حاجة السوق منه، حيث انه من المعروف ان الاتجاه السائد حاليا في السوق هو الاقبال على شراء الاراضي السكنية الصغيرة ذات المساحات الصغيرة لبناء مساكن اقتصادية صغيرة، وهذا الاتجاه بلاشك هو استجابة طبيعية ادركها المطور نتيجة تغيرات اقتصادية واجتماعية في المجتمع السعودي. @ على ذلك هل نستطيع القول: اننا أمام تحول جذري في السوق وبعبارة اخرى هل نتوقع عودة للطفرة العقارية؟ * نعم نستطيع قول ذلك والطفرة ليست فقط في السوق العقارية اننا من خلال عملنا في اكثر من نشاط نلمس تحولات كثيرة وتتبدل مع تغير الزمن والاقتصادات العلمية تتغير كنا نتحدث عن اقتصاد الخدمات، وها نحن على بوابة ما يسميه المراقبون الاقتصاد الجيد وهو اقتصاد الانترنت والمعلوماتية وسننتظر الآتي وهو سيكون اسرع مما نتصوره.. اما عن الطفرة العقارية فلا اعتقد ان ما حدث في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات الميلادية سيتكرر، فان لتلك الفترة ظروفها التي نعرفها جميعا، اما الآن وفي المستقبل المنظور فلن تحدث طفرات عشوائية لكن من الممكن حدوث طفرة نوعية يحققها البعض وهؤلاء هم من يستطيعون بناء طفرات ذاتية لانفسهم شريطة ان يجيدوا قراءة الطلب. ان من يقرأ الطلب جيدا سيلبيه جيدا وستكون له طفراته الخاصة اذا عمل وفقا لتخطيط سليم وبناء على دراسات اقتصادية متخصصة وشاملة، خصوصا اذا علمنا ان نسب النمو في المدن الكبرى من المملكة كبيرة وقد تتجاوز المعدلات العالمية بمقاييسها المعروفة.. مما يجعل الاستعداد والتنظيم لهذه المرحلة المقبلة مطلبا مهما لتفادي حدوث ازمات في السكن والمساكن. @ نستشف من كلامكم ان آلية التعامل العقارية ستتغير ايضا؟ * بالتأكيد لقد انتهى زمن الشراء البخس والبيع الثمين، نسب التوسع ستنخفض، ونسب الارباح كذلك، لكن يبقى ان تشتري الثمين وتطوره لتبيعه بثمن افضل، كما يبقى على العقاريين دوما اكمال الخدمات في مخططاتهم. لقد بذلت الحكومة الرشيدة الكثير في هذا الاتجاه وجاء الدور على المطورين ليقوموا بخدمة عقاراتهم واراضيهم. @ كان العمل العقاري حكرا على الرجال وبدأنا نلمس توجها نسائيا نحو هذا القطاع كيف ترون مستقبل المرأة مع العمل العقاري؟ * المرأة السعودية نجحت في دخول اكثر من قطاع، لقد نشأ لدينا جيل من النساء المتعلمات والعاملات في آن واحد، استطعن العمل وفقا للظروف المتاحة، وتحت مظلة الصورة الاجتماعية المحافظة المطلقة من تعاليم الشريعة السمحة، المرأة دخلت المجال العقاري منذ الازل فهناك صحابيات جليلات امتلكن البيوت والمزارع واستثمرن في تأجيرها وسكناها فهذا ليس بالشيء الجديد، انما الشيء الجديد هو تأسيسهن شركات عقارية، وتوجيه بعض مدخراتهن للاستثمار العقاري، خصوصا مع دخول المرأة سوق العمل، وازدياد نسبة التعليم، لكنني لاحظت ان المرأة ورغم تواجدها القليل في السوق، الا انها تعاملت معه بشكل متميز، فهي متأنية، وهي تتوجه بالدرجة الاولى الى نشاط التأجير، وتوجيه الدخل الى زيادة الوحدات المملوكة وهكذا دواليك. وهنا اعود الى ما سبق ان قلته حول الطلب وقراءته وحول الطلب الكامن، فالمرأة الآن محرك ملموس في السوق وهي اصبحت تستثمر وتبني وتسكن وتصمم.. إذن هي عامل جديد ومتنام في الطلب يجب أخذه في الاعتبار. @ هل يدخل التطور الذي نفذ وينفذ في المناطق المركزية للمدن السعودية ضمن التطوير العقاري بها وكيف تقيمون تجارب اعادة الاعمال في هذه المراكز؟ * بما ان عائد ومنافع العقارات في هذه المراكز قد ارتفع اذن هي طورت وتغيرت للأفضل، اما عن اعادة الاعمار فهي ضرورة تاريخية، كلما مرت فترة من الزمن على منطقة يجب اعادة اعمارها، وهنا لابد من الاشارة الواجبة لجهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض الذي نقل قلب الرياض القديم الى منظومة حديثة ومتكاملة من المشاريع الحديثة التي تأخذ بأصالة القديم بالتعاون مع القطاع الخاص وبإشراف ومتابعة شخصية من سموه الكريم، وفي الاجمال انا اعتقد ان المدن تغير مناطقها المركزية باستمرار، التوسع بالوسط التجاري يزحف باستمرار، لكن تظل مراكز المدن بأهميتها الادارية ذات عبق تاريخي يجذر عمق تاريخ كل أمة. @ هل كان توسع المدن الذي يوصف بانه كبير جدا متسقا مع التخطيط المدروس ومتلائما مع احتياجات السكان؟ * لقد كانت قفزات التوسع العمراني عالية جدا، مما اوجد ما يشبه العجز في الآلية الاجهزة المعنية بالتخطيط والتنفيذ والخدمات، حيث لا يوجد في هذه الاجهزة قدرات مالية او بشرية لمسايرة قفزات التطور، او التوسع العمراني الكبير الامر الذي اوجد عجزا كبيرا في القدرات الفنية للاجهزة المحلية وعلى ذلك قس، فيما يتعلق بالخدمات من المهم جدا التركيز على قضية العلاقة بين المستويات التخطيطية المختلفة، حتى نصل بالمدن الى الجحيم الامثل والمتوافق مع الاحتياج السكاني والتجاري والصناعي. وفي الاجمال هناك فجوة تخطيطية في بعض المدن، ولكن اعتقد ان المقبل من الايام سيوجد بعض التواؤم، بين المتطلبات التنموية والاقتصادية والخدمات وبين التوسع العمراني وتخطيط المدن وهنا ايضا اشير الى توجيهات سمو امير منطقة الرياض - حفظه الله - بتحديد النطاق العمراني للعاصمة على مرحلتين تتيحان سد الفجوات التخطيطية السابقة. @ الشركات العقارية المساهمة محدودة رغم وجود عشرات الشركات الكبرى التي لا تتحول الى المساهمة ولا نراها في سوق الأسهم، الى ماذا تعزون ذلك؟ * الأمر ببساطة ان سوق الاسهم بوضعه الحالي لا يساعد على ادراج الشركات الجديدة، لقد كان السوق مناسبا لمرحلة اقتصادية معينة ولكن الوقت الحاضر يحتاج الى مواكبة الاسواق العالمية فلدينا سوق كبير لجهة رؤوس الاموال التي تتجاوز 250 مليار ريال لكن الشركات المدرجة لا تتجاوز 75 شركة تقريبا رغم ان هناك اسواقا ناشئة تضم مئات الشركات في الجوار. اننا نحتاج الى انشاء هيئة مستقلة للسوق واذا تم هذا الامر ستدرج 20 شركة عقارية على الاقل. @ هل ستكونون احدى هذه الشركات؟ * لا استطيع الجزم الآن لكن لم لا، ان الشركات المساهمة اذا توافرت لها المظلة القانونية والرقابية القوية واذا اتسم السوق بالشفافية حتما سيكون اكثر فائدة، والعمل الجماعي المؤسس افضل حالا من العمل الفردي وهذا ينطبق على جميع النشاطات الاقتصادية.