لا يمكن للكلمات أن تترجم كل الغضب الذي اجتاح نفوس المواطنين، كما لا يمكن لها ان ترصد كل المشاعر التي اجتاحت قلوبهم استياء واستهجانا وادانة لهذا العمل الشنيع فهذه الجريمة البشعة تدل على افلاس مرتكبيها دينيا واخلاقيا بل وانسانيا وليس من المعقول او المقبول ان يفجر الانسان نفسه لا لشيء، الا ليؤذي غيره، ويودي به الى التهلكة، فاي عقلانية في هذا التصرف الإجرامي الأرعن، واي هدف اصلاحي يرتجى من ورائه، وكأن لغة الموت اصبحت سهلة التداول، يتم التعاطي معها دون تردد ولا تفكير. لقد توالت هذه الاعمال الارهابية في بلادنا، بشكل يدعو الى التفكير في كثير من معطيات الواقع، واعادة النظر في كثير من القناعات السائدة التي اصبحت من المسلمات، ولكنها في حقيقة الامر تعيق حركة الاصلاح، وتتجاوز في افرازاتها المصلحة العامة، بل ان حركة التنمية تتأثر كثيرا بها تأثرا سلبيا، ومسؤولية المواطن تجاه مكتسبات الوطن تتنامى بقدر ارتباطه بهذه المكتسبات وتاثيرها الايجابي على حياته الخاصة والعامة، وهذا امر قد يغيب عن بعض الاذهان، ولكنه النتيجة الطبيعية والمطلوبة للانتماء الوطني الذي لا يتحقق بالكلام بل بالفعل الايجابي، والعمل المتواصل لازالة كل الاسباب المساعدة على بروز الظواهر السلبية في المجتمع. وقد دعت الدولة كل المنتمين للفكر المنحرف الى الحوار الجاد، وهذا الاسلوب الحضاري في تجسير العلاقة بين الجميع، هو تأكيد للحرص على تجاوز هذه الاشكالات والخروج بالواقع من مأزق العنف الذي يقض مضاجع المواطنين ويشغل الدولة عن التركيز على الاصلاح المنشود، ويكفي للجروع عن هذه الخطيئة الاجماع على ادانتها شرعيا وانسانيا ووطنيا، مع ان مرتكبيها في كل الحالات لا يفلتون من قبضة رجال الامن، ولا من سوء العاقبة في الدنيا وفي الآخرة هم من الخاسرين. من يقع ضحية هذه الأعمال الإجرامية مهما كان موقعه هو مواطن اولا واخيرا، وايذاؤه بأي شكل من اشكال الايذاء هو اعتداء صارخ على الوطن، والدفاع عن الوطن مسؤولية الجميع دون استثناء، فهم الدرع القوي الذي سيحمي الوطن ان شاء الله من كل الشرور والاخطار التي تحدق به من الداخل والخارج. وهذه الاخطار تحتاج الى المزيد من التكاتف والتآلف لتفويت الفرصة على الاعداء الذين يرفعون راية الفرح كلما اصيب الوطن او المواطن، بما يسيء من مثل هذه الاحداث.