يدخل ملف النزاع في الصحراء الغربية الأيام القادمة مرحلة حاسمة . فمجلس الامن يعقد نهاية الشهر الحالي جلسة للنظر في آخر تطورات الملف الذي يراوح مكانه منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار بداية تسعينيات القرن الماضي. في اجتماعه ينظر المجلس ردود طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو حول المقترحات الأخيرة للوسيط الأممي السيناتور جيمس بيكر والتي رفضتها الرباط جملة وتفصيلا باعتبارها تتحدث عن إجراء استفتاء حول تقرير المصير بعد 5 سنوات من الحكم الذاتي فيما سارعت البوليساريو وحليفتها الجزائر إلى الموافقة المبدئية على بنوده. وقد طلبت المغرب استبدالها بالحل الثالث الذي يدعو إلى منح الإقليم محل النزاع حكما ذاتيا ضمن السيادة المغربية. المغرب الرسمي: لا للاستقلال كان ملف الصحراء على رأس المواضيع التي تناولها نبيل بن عبد الله وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة المغربية في مؤتمر صحفي أعقب اجتماعا للحكومة عقد الاسبوع الماضي حيث ابلغ ال صحافة أن المغرب أكد في رده الذي بعث به إلى رئاسة مجلس الأمن على المقترحات الأممية بشأن الصحراء المغربية على تشبثه بالحل السياسي النهائي التوافقي واستبعاده المطلق لخيار الاستقلال.، وأوضح بن عبد الله أن جواب المملكة المغربية أكد على مغزى وفلسفة الحل السياسي المتفق عليه. أي أن المغرب يطمح إلى حل سياسي نهائي توافقي، مضيفا أن الجواب(الرد) يؤكد كذلك على ما لا يمكن للمملكة المغربية أن تتفاوض بشأنه ويتعلق الأمر بالاستبعاد المطلق لخيار الاستقلال وللمرحلة الانتقالية واحترام ثوابت الدولة المغربية. وقال إن المغرب عبر عن استعداده لمناقشة الجوانب الأخرى للمخطط وعن عزمه على مواصلة التعاون مع الأممالمتحدة والتفاوض على أساس حكم ذاتي نهائي أي تفويض بعض الاختصاصات لسكان أقاليمنا الجنوبية {الصحراوية} في إطار ما يضمن السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمغرب ويستلهم مرجعيته من تجارب ومرجعيات الدول القريبة ثقافيا وجغرافيا من المنطقة. تصريحات بن عبد الله تزامنت مع تصريحات وزير الخارجية الإسباني الجديد ميغيل أنخيل موراتينوس الذي قال في واشنطن أن موقف بلاده الخاص بقضية الصحراء مماثل لموقف الأممالمتحدة . لكنه قال في مؤتمر صحفي عقده إلى جانب نظيره الأمريكي كولن باوول أن مدريد تفضل الحوار الثنائي لإيجاد حل نهائي لهذه القضية. وكان ملف الصحراء على رأس جدول أعمال المباحثات المغربية الإسبانية خلال زيارة ثباثيرو ووزير خارجيته موراتينوس للمغرب. ومع اقتراب موعد 30 من أبريل الذي بات يشغل أطرافا مغربية عدة استشرفت (اليوم) آراء عدد من الزعماء السياسيين المغاربة حول تطورات الملف الذي يعتبر القضية الوطنية الأولى للشعب المغربي، حيث جددوا تأكيدهم على دعمهم ومساندتهم للموقف الرسمي للحكومة بشأن الصحراء والذي يشدد فيه على التشبث بالحل السياسي النهائي التوافقي واستبعاده المطلق لخيار الانفصال. الأحزاب: إجماع حول الموقف واختلاف حول التدابير محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ذو التوجه الأمازيغي عبر عن قناعته بأن الموقف المغربي جاء منسجما مع تشبث المملكة بالخطوط الحمراء التي لا تقبل التفاوض بشأنها. وهي الوحدة الترابية والسيادة المغربية والملكية الدستورية. وأضاف أن المغرب يبدي تعاونا مع منظمة الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي وتوافقي ونهائي في ظل هذه الثوابت، وأشار إلى أن المقترحات التي تقدم بها المغرب تنسجم وتتناغم مع النهج الذي سارت عليه المملكة عبر تكريس خيار اللامركزية والإقليمية المحلية وتمكين سكان مختلف المناطق المغربية, وبينها الصحراء من آليات لتسيير وتدبير الشأن المحلي، معتبرا أنه يجب أن نجد الصيغ الملائمة للسكان المحليين والوسائل والقدرة على تسيير الشأن المحلي في إطار السيادة المغربية والوحدة الترابية للمملكة. وأكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية على وجود إجماع مغربي حول قضية الصحراء يتجاوز إطار المواقف الحزبية أو الفردية قبل أن يخلص إلى أنه لا يمكن أن نقبل بمشروع بيكر الذي يمهد لانفصال هذه الأقاليم عن المغرب. من جانبه اعتبر إسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الشيوعي سابقا أن مسألة الوحدة الترابية للمملكة قضية محسوم فيها حيث أن موقف المغرب منها واضح, وبالتالي فإن جميع الدول والهيئات الدولية مدعوة إلى تبني هذا الموقف، موضحا أن جميع الهيئات السياسية المغربية عبرت بشكل جلي وقاطع ولا لبس فيه عن أن قضية الصحراء لا تعدو أن تكون نزاعا مصطنعا و مفتعلا داعيا الجارة الجزائر إلى فتح نقاش صريح مع المغرب حول هذا الموضوع في إطار المغرب العربي الكبير . ولاحظ إسماعيل العلوي أن تدبير الشأن المحلي بالصحراء تحدده سياسة اللامركزية التي انتهجها المغرب في إطار سيادته الوطنية ووحدته الترابية، مشيرا إلى أن غالبية البلدان وحتى تلك التي كانت معروفة بمواقفها المساندة لطروحات الانفصاليين, راجعت مواقفها في اتجاه مساندة الموقف المغربي المتشبث بوحدته الترابية مضيفا أن التطور الديمقراطي الذي يشهده المغرب حاليا وتوسيع مجال الحريات العامة ساهما بشكل كبير وفعال في التعريف ودعم المطالب المغربية المشروعة بخصوص وحدته الترابية. بدوره أوضح السيد الدكتور سعد الدين العثماني أمين عام حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي أن كل الأحزاب السياسية المغربية لها نفس النظرة فيما يخص للنزاع المفتعل في الصحراء أو للوحدة الترابية للبلاد بشكل عام التي لا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال. وحول الكيفية التي يمكن بها تدبير هذا الملف دعا العثماني إلى تفعيل الديبلوماسية المغربية الرسمية من جهة، و ضرورة العناية بالبيت الداخلي وجعل المناطق الصحراوية نموذجا للتنمية والديموقراطية. وشدد عبد الله القادري زعيم الحزب الوطني الديموقراطي المعارض على أن المغرب يقبل بالحل التفاوضي السلمي والسياسي في إطار سيادته الوطنية مؤكدا على ضرورة الإعداد الداخلي من خلال تعبئة المواطنين وخاصة سكان الأقاليم الصحراوية. وأشار إلى ضرورة تعزيز دولة الحق والقانون وإشراك السكان في تنمية الأقاليم الجنوبية، واعتبر أن المغرب بكل مكوناتها متفقة على إيجاد حل سياسي لا يتعارض مع وحدة التراب المغربي التي لا يمكننا أن نتنازل عليها مهما كانت التضحيات. القادري وفي ذات التصريح دعا الجزائر إلى الأخذ بالحكمة والتبصر لمعالجة هذا الملف الذي يقف حجرة عثرة بسبب موقف ساستها المعارض للسيادة المغربية حجرة عثرة في وجه الدفع بمنظومة الاتحاد المغاربي، بدل التمسك برؤى ومواقف عفا عنها الزمن الرسمي وتعود لحقبة السبعينات وموضة الحزب الوحيد. ومن جهته أكد محمد سعد العلمي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال حرص المغرب الدائم وتجاوبه مع كل المساعي الدولية من أجل الوصول إلى حل نهائي بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة واستقرار المنطقة. وقال سعد العلمي في تصريحه ل اليوم إن المغرب كما انفتح على الأممالمتحدة, انفتح كذلك على كل الأطراف المعنية وأكد باستمرار أنه حريص ومتجاوب مع كل المساعي الدولية من أجل الوصول إلى حل نهائي في المنطقة. وأضاف أنه لم يبق عمليا إلا الحل السياسي الذي لا يمكن أن يكون إلا توافقيا يرضي كل الأطراف ويحقق الحقوق المشروعة للمغرب في وحدته الترابية الكاملة، مذكرا بأن قضية الصحراء المغربية واستكمال الوحدة الترابية للمملكة هي قضية الشعب المغربي بأكمله وأنها قضية يتحقق حولها إجماع وطني منذ البداية والتفاف رائع حول الملك محمد السادس الذي يقود هذه المعركة بحنكة وتبصر. وفيما يخص موقف حزب الاستقلال أحد أكبر الأحزاب في البرلمان المغربي والذي يقود إلى جانب الاتحاد الاشتراكي الحكومة الائتلافية في المغرب أكد العلمي أن الحزب مجند خلف الملك محمد السادس للدفاع عن الوحدة الترابية مهما تطلب منا ذلك من تضحيات، مؤكدا أن المغرب في أرضه ويمارس سيادته وأن المواطنين في الصحراء يساهمون في بناء بلدهم وفي مجهودات التنمية التي تشهدها البلاد في مختلف الأنحاء، قبل أن يخلص للقول إلى أن التعبئة المحققة حول هذه القضية يجب توثيقها وتقويتها وتدعيمها لنواجه العالم دبلوماسيا وإعلاميا وسياسيا بسلاحنا القوي وهو وحدة كلمتنا ووحدة صفنا والتحامنا شعبا وحكومة وقيادة حول هذه القضية. عبدالله قادري - محند انصار سعد عثماني - سعد العلمي