في الستينيات من القرن العشرين ظهر مبدأ تسويقي شهير يقول: "استقطبهم وهم صغار قبل أن تستقطبهم ماركة أخرى". وظهر ذلك المبدأ استجابة لسوق مستهلك عناصرها من الشباب اليافعين أخذت في التنامي والتوسع بشكل مفاجئ. في كتابهما "تسويق لا يشيخ" لناشر ديربورن تريد بابليشينج يرويان وولف وسنايدر أن هذه الشريحة من المستهلكين والتي تشكل أغلبية المستهلكين في السوق، تتألف من أناس تبلغ أعمارهم 40 عاما فأعلى. ولكن الزمن عفى على هذا المبدأ القائم على السن. وفي نحو العام 1990 أطلق وولف صيحة تحذير في كتابه "في خدمة سوق بلا عمر" أن السيناريوهات البديلة قادمة على أمل أن ينتبه عالم الشركات في أمريكا إلى هذه الظاهرة التي تحركها عوامل سكانية وبدأت لتوها في تحويل السوق. لكن عالم الأعمال وقتها كان مشغولا بانفجار تكنولوجيا المعلومات (من بين أمور أخرى) وتوظيفها بتكاليف منخفضة جدًا. ومع ذلك، فإن التسويق الذي يزدهر على المعلومات أكثر من أي مجال آخر، أصبح أقل إنتاجية في الوقت الذي يقتطع جزءًا من ميزانية الشركة يتزايد على نحو غير مسبوق. وفيما يوضح كتاب "تسويق لا يشيخ" أن التسويق والأبحاث الخاصة بالمستهلك قد فشلا في فهم العلاقة بين التغييرات في القيم التي تحكم العمل في السوق ووجهات النظر والسلوكيات السائدة في هذا السوق وبين أغلبية المستهلكين الجدد. هذا الاستكشاف الشامل لسبب فشل التسويق والأبحاث، يسير في طريق مختلف عن المسار الذي سلكته أفكار التسويق التقليدية، ليقدم لنا رؤية جديدة تنطلق من منظور "وعي جديد" له عناصر جديدة عديدة، تتميز بتأثيرها القوي. وهكذا، فلو كان القارئ مهتما فقط بالبحث عن مجموعة من أساليب وعمليات التسويق فلن يجد بغيته في هذا الكتاب. وهما جادان تمامًا، في القول إن الاقتصاد بالكامل وآلاف المنشآت التجارية تعتمد على تفهم أن عقلية التسويق لا بد أن تتغير لتستوعب مقدِم أغلبية المستهلكين الجدد بوصفها "أقوى قوة في سوق المستهلك اليوم". وعليه، فما هذه العناصر الجديدة؟ أولا: الوعي الجديد، ينبع من رؤية المستهلكين بعيون علم النفس التنموي الذي يقدم فهما عميقا لسلوك المستهلك، وهذا الفهم لا يمكن اكتسابه من خلال الأبحاث التقليدية عن المستهلك والتسويق. لكنه يأتي من مجموعة متكاملة من النتائج التي تم التوصل إليها بعد نتائج عملية تصوغ في مجملها نموذجًا جديدًا، لتسويق قائم على علاقة تنموية، يسهل توفير رؤية شاملة "موثقة" عن المستهلكين. وثانيا، يحاول المؤلفان تقليل الدور الذي يلعبه الرأي في القرارات المتعلقة بالتسويق، عن طريق تقديم أساس يقوم على أرض صلبة وراسخة من التجارب العملية في مجال العلوم السلوكية التي تجعل التسويق يتحرك في مساحة تتجاوز المعرفة النظرية والرسوم الإحصائية للمستهلكين. والغرض الأول من ذلك، هو وقف تصنيف الكائنات البشرية إلى أرقام منزوع عنها الصفة الإنسانية، لا تقدم رؤية واضحة، لأسباب قصور التسويق بشكل كبير. والغرض الثاني، هو توفير الأدوات اللازمة للتعرف على الحلول التسويقية ثم تطبيقها في مجال أغلبية المستهلك الجديد. وهكذا فتح وولف وسنايدر مجالات جديدة للتفكير واستكشاف أولئك الذين يشكون (وهم محقون) من أن الإعلان لم يعد يجدي لأن قنوات الاتصال الجماهيري لم تعد موجودة. ولم يعد الابتكار في الإنتاج يجدي، لأن المتنافسين يستطيعون تقليد وتقديم ابتكارات ناجحة بفارق زمني وجيز عن منافسيهم. ولم يعد التسويق عن المنتجات المرخصة عبر الإنترنت يجدي لأن المنتجات السائبة غير المسجلة تحظى بنصيب متزايد في السوق. ويقدم المؤلفان ترياقًا للتسويق نفسه، الذي وقع ضحية أخطائه وما ترتب عليها من افتقار لثقة المجتمع في التسويق. كما أنهما بثا الحياة في الأفراد الذين يفتقرون إلى سمة مميزة لهم كمستهلكين ولا يحظون باهتمام رجال التسويق- الذين يستهدفون الشرائح الناضجة من اليافعين- لكنهم يشكلون سوقًا صعبة وكبيرة في آن معًا. كتاب "تسويق لا يشيخ" يقدم أدوات ضرورية لاستقطاب هذا القطاع المنسي واكتساب زبائن بالمليارات في عملية التسويق هذه. Ageless Marketing Strategies For Reaching The Hearts And Minds Of The New Customer Majority By: David B Wolfe with Robert E Snyder 380 pp. Dearborn Trade Publishing