بدأ البعض من المختصين في مجال التسويق يتساءل، هل نحن بحاجة إلى إعادة صياغة مفهوم التسويق والقائم على قاعدة أعط العميل كل ما يريد حتى وإن كانت من السلع الضارة التي تفتك بصحته، وتضر بجسده، وتفقده ماله، مثل بيع المنتجات الضارة وغير المفيدة، أو تقديم سلع لا تحمل مواصفات الجودة والمعايير السليمة، أو استخدام الإعلانات التجارية بالصورة التي تحقق الربحية دون الاكتراث بالقيم المجتمعية وغيرها من الممارسات. أم نحن بحاجة إلى توفير نوع جديد من التسويق مبني على أساس القيم والإنسانية والأخلاق بحيث يكون خاليا من الأعمال الضارة بالمستهلك والمجتمع، والتعدي على حقوق المستهلك، وتتوفر فيها الخصائص الجيدة والمفيدة. ويرى البعض أن جميع المفاهيم التسويقية الوضعية لم تقم على عقيدة أو مذهب فكري، أو مبدأ خلقي في الأساس، وإنما كانت نتاجا للواقع التاريخي للتطور في الظروف، خلال مراحل تطور نشاط التسويق، ونشأة التسويق في ظروف وبيئات معينة، وليس وفق أسس ثابتة. وبالتالي هو لا يصلح للتطبيق إلا في تلك الظروف والبيئات، ويستنتج بعض الباحثين أن هناك صراعا بين المفاهيم، حيث كل طرف يريد أن يحقق المصلحة والأهداف الخاصة والمفهوم الخاص، بدءا من المفهوم الإنتاجي مرورا بالمفهوم التسويقي، وانتهاء بالمفهوم المجتمعي. وهذه الأسباب جعلت علماء التسويق يؤكدون على أهمية الحاجة إلى إيجاد نموذج جديد للتسويق، وهذا يقودنا إلى استحداث مفهوم يمكن أن يشكل أساسا لممارسات تسويقية، مستندة إلى قيم أخلاقية مستمدة من الضوابط الأخلاقية والشرعية. من أجل ذلك ارتفعت الأصوات وظهرت الكتابات التى نادى أصحابها بمطالب اجتماعية جديدة على النظام التسويقي، وأطلق كوتلر مع الباحث المسلم kartajaya نظريته الجديدة في التسويق أسماها «النظرية الثالثة للتسويق» حاول من خلالها القول إن الأزمة العالمية التي شهدها العالم خلال عامي 2008 و 2009 خلقت حالة من عدم الاستقرار، ومن الشك في الأسس التي يقوم عليها الاقتصاد الغربي، وأن ما حدث كان بسبب انتفاء التعاملات الإنسانية في السوق، حيث تركت دون قيم ومبادئ أخلاقية تحكم التعامل ويرى أصحاب النظرية الثالثة للتسويق أن الأسواق تشهد فترة تحرك القيم، فبدلا من معاملة الناس كما لو كانوا ببساطة مجرد مستهلكين فينبغي النظر إليهم كبشر لهم عقول وقلوب وأرواح، والتعامل معهم على هذا الأساس. * رئيس مجموعة أبحاث الاقتصاد والتسويق [email protected]