لن أتحدث عن مؤامرة، لكني سوف أضع بين يديك ما تجمع لدي من ملاحظات وشواهد، تاركاً لك حرية تقييم ما يفعله شارون في الخارج وما يقوله آخرون في الداخل. علماً بأنني لا استبعد أن يكون وحده الوعاء الذي يصب فيه جهد الطرفين محض مصادفة بائسة. (1) قبل حين وقعت على مقال كتبه باتريك سيل، الصحفي البريطاني المتخصص في الشرق الأوسط، أورد فيه عشرة أسباب، فسر بها إقدام ارييل شارون على قتل الشيخ احمد ياسين (الحياة اللندنية - 26/3). وإذ وجدت المقال حافلاً بالتحليل العميق والإحاطة الواسعة بخلفيات الصراع وتفاعلاته، إلا أنني لاحظت أن ثمة سبباً آخر جوهرياً لم يتطرق إليه الكاتب وهو يعرض لدوافع ارتكاب الجريمة، يتعلق بالرمز الذي يمثله الشيخ ياسين في الوجدان العام. حيث ازعم في هذا الصدد أن الصواريخ الثلاثة التي مزقت جسده لم تستهدف فقط الشيخ بقدر ما استهدفت الفتك بالرمز فيه. ذلك أن الشيخ احمد ياسين كان رمزاً لقيمة أو لمجموعة من القيم،بقدر ما أن اغتصاب فلسطين ذاتها كان رمزاً لمشروع. بل أنني ازعم أن ثمة تشابهاً كبيراً بين الرجل والبلد. فالرجل بحد ذاته كان قعيداً ومشلولاً ومسكوناً بالأمراض والعلل، حتى صوته كان اقرب إلى الحشرجة منه إلى أي شيء آخر. تماماً كما أن فلسطين الجغرافية كانت بلداً فقيراً بلا أية ثروات طبيعية تثير المطامع أو تغري بالاجتياح، الأمر الذي يسوغ لنا أن نقول أن البلد من تلك الزاوية كان في هشاشة بنية الشيخ. لكن الشيخ، كما فلسطين، كان كل منهما يرمز إلى شيء اكبر من حقيقته البنيوية أو الجغرافية. فالقوة المعنوية الهائلة التي مثلها الشيخ، وتجسيده لقيم الصمود والثبات والعزة والفداء، وكل ما هو نبيل في الحلم الفلسطيني، حولت الرجل القعيد والهزيل، إلى قامة سامقة وشامخة خطفت الأبصار والأضواء، وأشبعت روح الوجدان الفلسطيني. بل وملأته ثقة في النفس ويقيناً في النصر، حتى حشرجات صوته الواهن، تحولت إلى طاقة مجلجلة ترددت أصداؤها في فضاء الأمة بأسرها. ولأنه كان تجسيداً لكل ذلك في زمن شحَّت فيه خصال الكبرياء والصمَّود، تقزمت فيه الهامات وانكسرت الارادات، فلم يكن مستغرباً أن يصبح الرجل هدفاً للذين يريدون فرض الركوع وتعميم الانبطاح. على الفلسطينيين أولاً والأمة بالتالي. وبدا لافتاً للنظر أن قتل الرجل ما كان يحتاج لخروج ثلاث طائرات "اباتشي"، أطلقت ثلاثة صواريخ مزقته حتى نثرت لحمه وعظامه على جدران المكان، في سابقة هي الأولى من نوعها في سجل الإبادة الإسرائيلية. والصحافة الإسرائيلية ذاتها هي التي قالت انه لم يحدث في جرائم القتل السابقة أن أطلقت الطائرات اكثر من صاروخ أو اثنين على من أريد استهدافه، لكن الشيخ ياسين كان حالة خاصة. رغم أن تصفية جسده العليل والمشلول كان يمكن أن تتم برصاصة واحدة. إلا أن قامته المديدة ووزنه الهائل والرمز الكبير الذي كان يمثله، ذلك كله اقتضى الفتك والتمثيل به، وليس قتله فقط. إذ المقصود في النهاية هو الترويع وإشاعة الخوف والقنوط في الدائرة الأوسع التي تتجاوزه. (2) من المفارقات الجديرة بالانتباه أن الحكومة الإسرائيلية على لسان المتحدثين باسمها، دأبوا على اتهام الرئيس ياسر عرفات بأنه وراء كل عملية فدائية. حتى صورته وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية بالتالي، بحسبانه محوراً للشر ومصدراً للإرهاب. ولكن الإسرائيليين حينما أرادوا أن يسددوا ضربتهم القوية للفلسطينيين والمقاومة، فانهم لم يستهدفوا عرفات، وإنما أطلقوا صواريخهم صوب الشيخ ياسين وهو خارج من صلاة الفجر فوق مقعده المتحرك. صحيح انهم قالوا بأن عرفات مدرج على قائمة الاغتيالات، لكن الكل يعلم انه لم يكن بعيداً عن أيديهم طوال الوقت. ورغم أننا نتمنى له السلامة وطول العمر، إلا أن السياق يفرض علينا السؤال التالي: لماذا سارعوا إلى اغتيال الشيخ، وتركوا عرفات قابعاً في "المقاطعة"؟ ردي السريع على ذلك أن عرفات اصبح رمزاً للتسوية السياسية، في حين أن الشيخ ظل ثابتاً على موقفه رمزاً للمقاومة الصلبة والعنيدة. ولعبة التسوية يجيدها الإسرائيليون، وقد حققوا من ورائها الكثير منذ توقيع اتفاقيات أوسلو. إذ في ظلها توسعوا في الاستيطان وابتلعوا الأراضي وحصلوا على العديد من التنازلات وأحدثوا بعضاً من الاختراقات في أروقة السلطة الفلسطينية. أما الثانية فهي اكثر ما يخيف الإسرائيليين ويؤرق منام قادتهم، إذا طالما ظلت جذوة المقاومة متقدة، وطالما ظل الفلسطينيون متشبثين بالدفاع عن حقوقهم إلى حد الإقبال على الموت دفاعاً عنها، فان المشروع الصهيوني بأسره سيظل في دائرة الخطر - ليس ذلك فحسب وإنما باتت المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بالنموذج الفذ الذي قدمته، أهم تجليات الصمود والفداء والكبرياء في زماننا. ولان الشيخ احمد ياسين يقف في صدارة ذلك النموذج فان الفتك به إلى حد التمثيل بجثته أريد به اغتيال كل ما كان يمثله. وهو ما يعني أن الصواريخ التي صوبت نحو الشيخ الشهير استهدفتنا جميعاً، وأريد لها ليس فقط أن تمزق جسده، وإنما أيضاً أن توهن من عزائمنا وتشيع اليأس والهزيمة، بين الفلسطينيين خاصة والعرب قاطبة. ذلك بالضبط ما حدث لفلسطين، التي كان اغتصابها وتشريد أهلها وسيلة وكنا وما زلنا نحن الهدف. نعم وظفت في العملية أسطورة "ارض الميعاد" التي توسل بها آباء الصهيونية الذين كان بعضهم من الملاحدة أصلاً، ناهيك عن أن بين اليهود من يعتبرها خرافة وابتداعاً لا أساس له. لكن الأبالسة الذين ارتأوا أن يزرعوا الكيان الإسرائيلي في فلسطين، بعد استبعاد ترشيحات العراق وليبيا وأوغندا وأمريكا اللاتينية، أرادوا لذلك الكيان أن يظل في ذات الوقت خنجراً في خاصرة الأمة العربية، يقطع تواصلها ويهدد أمنها، ويرتهنها لخدمة المصالح الغربية. ومن ثم كتب على فلسطين التي لم يكن لها في العير أو النفير، أن تكون ضحية المخطط الخبيث. ذلك انه ما كان لعملية اختراق العالم العربي وقطع وشائجه أن تتم، إلا بعد المرور فوق جثة فلسطين وشعبها. إذا صح هذا التحليل فانه يفتح أعيننا على جانب مثير مسكوت عليه في القضية، فقتل فلسطين كانت أوطاننا هدفاً له، وقتل الشيخ احمد ياسين كانت إرادتنا هدفاً له. وفي الحالتين ظل إخضاع امتنا وتركيعها قاسماً مشتركاً اعظماً. وهو ما أدركناه حيناً وذهلنا عنه على نحو كارثي في أحيان أخرى كثيرة. (3) كما يريدون لنا أن نفقد الأمل، فانهم عملوا جاهدين على أن نفقد الذاكرة أيضاً. إذ باغتيال الاثنين يتحقق المراد، فيتم الانبطاح بالكامل، وترفع رايات التسليم بامتداد الأفق العربي، "من المحيط إلى الخليج". وفقدان الذاكرة فيما نحن بصدده له بابان هما: التعليم والإعلام. في المخيمات الفلسطينية، التي تشرف عليها وكالة غوث اللاجئين (الاونروا) - في غزة والأردن ولبنان - يدرس التلاميذ كتباً للمطالعة في إطار مشروع جديد لتعليم حقوق الإنسان والتسامح وحل النزاعات. ورغم أن الوكالة لم تكن تتدخل في مناهج التعليم، التي دأبت على ترك شأنها للدولة المعنية، إلا أن ضغوطاً أمريكية وإسرائيلية قوية فرضت عليها أن تتخلى عن موقفها الحيادي، وتفرض على التلاميذ كتباً بذاتها تستهدف التأثير على مداركهم وتوجيه تفكيرهم إلى المنحى الذي يدعوهم إلى التسليم بالوضع القائم في إسرائيل والأراضي المحتلة. بوجه أخص فانه باسم التسامح الذي أريد له أن يكون أساساً لحل النزاعات، أريد للمشروع في نهاية المطاف أن يمحو من أذهان الأجيال الجديدة فكرة "المقاومة"، ولا تسأل عن "الجهاد". بين يدي كتاب من ذلك القبيل قررته "الاونروا" على طلاب المدارس الابتدائية في المخيمات، عنوانه كلمة واحدة هي "السياق". يروي الكتاب قصة صبي اسمه سامي لا يحب أن يكون على خلاف مع أحد، وتحيره كلمة "السياق" التي ترددت على مسامعه اكثر من مرة، خصوصاً أثناء درس كان عنوانه "أهمية الحوار في حل الخلافات"، وبعد حوار مع أمه ومدرَّسه تخلله خلاف مع زميلة في الصف اسمها هدى، يدرك انه ينبغي ألا يكتفي برؤيته الخاصة للأمور، وإنما عليه أن يضع نفسه في مكان الآخر وان يتحاور معه، حتى يستوعب وجهة نظره، فلربما يتبين أن موقف كل منهما صحيح، وان المسألة ليست مقابلة بين رأي صحيح بآخر مخطئ، حيث ما نراه خطأ من وجهة نظر قد يكون صواباً من وجهة نظر أخرى. يلجأ الكتاب إلى الإطلاق والتعميم، ويجرد الخلاف المفترض من عناصر أساسية مثل موضوعه وهوية المختلفين وموازين القوة أو الضعف بينهم. من ثم فتنزيل فكرته على الواقع الفلسطيني تمثل إيحاء بأنه صراع بين حقين، وليس بين صاحب الأرض وغاصبها، كما انه يمثل دعوة إلى نبذ المقاومة وتفاوض القتيل مع القاتل، ومحاولة "تفهم" وجهة نظر الأخير، فربما كان على صواب فيما فعله! على هذا المنوال تجرى عملية تغييب الذاكرة وتشويه الإدراك. وهو ما ينبهنا إلى الهدف الأساسي من الضغوط والدعوات التي لا تكترث بارتفاع معدلات الأمية في العالم العربي والإسلامي، وإنما تلح على ضرورة تغيير مناهج التعليم. وهو التغيير الذي لا يستهدف توسيع المدارك وتشجيع التفكير الحر والإبداع الخلاق، ولا علاقة لذلك التغيير بتحديث التعليم والارتقاء به، أو بالنهوض بالمجتمعات وعبورها فجوة التخلف. وإنما المقصود بالدقة هو إعادة تصميم العقل. (4) يبدو أن لدى العالم العربي حالياً ميلاً بارزاً وواضحاً، وانشغالاً حتى الهوس بمختلف وسائل التسلية والطرب، على حساب النشاطات الأخرى، خصوصاً السياسية والثقافية منها.. وتلك ظاهرة تحض عليها وسائل الإعلام، فنلحظها بشكل خاص في البرامج التليفزيونية بمختلف قنواتها، وفي الغالبية العظمى من البلدان العربية.. ولست متأكداً أن العرب اكثر ولعاً بالطرب من غيرهم من شعوب العالم التي تماثلهم في أوضاعهم وأحوالهم.. (لكن) يبدو لي أن العرب هم من بين اكثر المنشغلين بالطرب والتسلية والمأخوذين بثقافة الاستهلاك (في عالمنا المعاصر) - هذا الكلام ليس من عندي. ولكنه للدكتور حليم بركات، الكاتب وأستاذ الاجتماع بجامعة جورج تاون. وهو أمريكي الجنسية سوري الأصل، كان قد أمضى ستة أسابيع في زيارة للمشرق العربي عام 1999. بعدها كتب مقالة لخصت ما رآه، تحت عنوان دال هو "الطرب يستولي على العرب" - (الحياة - 25/8/99)، والفقرات السابقة مقتبسة من شهادته التي سجل فيها انطباعاته عما رآه، وتحليله لدوافع الظاهرة التي أرجعها لأسباب سياسية. من أسف أن الأجواء التي لمسها الدكتور بركات في عام 99 تضاعفت الآن، حتى أصبحت مهرجانات الطرب بمثابة وباء اجتاح مختلف العواصم العربية، حتى تلك التي عرف عنها المبالغة النسبية في الاحتشام والمحافظة، ولعلي لا أبالغ إذا قلت بأن المهرجانات الفنية أصبحت من أهم مظاهر "العمل العربي المشترك"، لا تنافسها في الانتظام الدوري غير اجتماعات وزراء الداخلية العرب بمقرهم الأثير والدائم في تونس. ما يهمني في "صرعة" الطرب التي استولت على العرب أنها طغت على ما عداها، وشغلت الناس عما هو جاد وملح في حياتهم. إذ حين يثور جدل حول الفرق بين نانسي عجرم وروبي، ويصبح موضوعاً للمناقشة عدد عمليات التجميل التي أجرتها المطربة الفلانية في وجهها، وهل هو ثلاث أم خمس، وحين تقام 6 مسابقات للجمال في ليلة واحدة ببيروت، أو حين تعبأ الجماهير العربية للتصويت لصالح مشاركين معينين في مسابقة "ستار أكاديمي". في هذه الأجواء المهيمنة لا بد أن تتراجع هموم الأمة الحقيقية في الإدراك العام. خصوصاً بين أجيال الشباب، على الأقل تلك المشدودة إلى الإعلام المرئي اغلب الوقت. وهي الشرائح التي تشجع هذه الأيام على المسارعة إلى الاستماع إلى أغنية "آه ونص" لنانسي عجرم، في حين سقطت من ذاكرتنا أغنية فيروز عن القدس وحجبت عنها أغنية عبد الوهاب "أخي جاوز الظالمون المدى". اللهم إلا كانوا من متابعي تليفزيون "المنار" التابع لحزب الله في لبنان. (5) إلى جانب تغييب القضية في الوجدان العام. فثمة تشويه لها في كتابات صحفية لا تحصى، محورها الأساسي تيئيس الناس وإدانة المقاومة والتنفير من الجهاد ضد العدو، الأمر الذي لا يفسر بحسبانه دعوة مبطنة للاستسلام والخضوع، وهو ما يتم تسويقه أحياناً باسم الواقعية، وفي أحيان أخرى بدعوى تجنب إراقة مزيد من الدماء والاستجابة للنهي القرآني: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة. من هذا القبيل إعلان أحد الكتاب ذات مرة انه "لم يعد ثمة غموض في أن الفلسطينيين خسروا أو كادوا يخسرون هذه الجولة من صراعهم التاريخي" (الأهرام - 2/2/2004) - ومن ذلك أيضا ما دبجه كاتب آخر في ازدراء وسب حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان، ووصف المؤيدين لهما بالغباء، مع التحريض العلني عليهما، بزعم أن كلا منهما يرشح نفسه بديلاً للدولة في البلدين. (الشرق الأوسط - 17/11/2003). وبينما تتوالى كتابات عدة في هذا الاتجاه، نجد نداءات وكتابات أخرى تدعو إلى القطرية ونفض الأيدي من القضية الفلسطينية، وهي التي يجسدها شعار "نحن أولاً"، وكتابات من طراز ثالث تضيف إلى القطرية الازدراء بالعروبة والتنفير منها. وهذه الأصوات تكررت في مصر. وقد قرأت لأحدهم ذات مرة قوله عن المصريين: أن وعيهم بذاتهم القومية كان قوياً عميقاً. وعيهم بأنهم متفقون فيما بينهم. وانهم مختلفون عن غيرهم(!).. لكن المصريين الذين فقدوا استقلالهم وخضعوا للقوى الأجنبية التي توالت على بلادهم، وجدوا أنفسهم وقد انفصلوا عن هذا التاريخ العريق، خاصة بعد الفتح العربي الذي غيَّر لغتهم، وقطع بينهم وبين أسلافهم - (الأهرام - 5/2/2004). من أسف أن ذلك لم يعد صوتاً نشازاً، ولكنها "نغمة" جديدة في الخطاب الإعلامي، تلح على أن المصريين غير العرب، وان مصر تراجعت وتدهورت أوضاعها بعدما "خضعوا" لأولئك العرب "الأجانب". وهي ذات الفكرة التي يرددها متعصبو القدس الذين يعتبرون أن دخول الإسلام كان وبالاً على حضارتهم وبلادهم. كثيرة أمثال تلك الهدايا المجانية التي يقدمها البعض عندنا لشارون ومن لف لفه، حيث كلها تسير في طريق واحد وتصب في وعاء واحد، غايته إلحاق الهزيمة بالأمة بكسر إرادتها أو تجريدها من عوامل العافية وأسبابها، الأمر الذي يجعلها لقمة سائغة أمام عوامل الانخلاع والاجتياح، التي تنتهي بالركوع والانبطاح. لا تسألني بعد ذلك عما إذا كانت تلك مؤامرة مرتبة بين الأطراف المعنية، أم أنها نموذج للمصادفات البائسة، لان النتيجة واحدة في الحالتين، علماً بأن تحري خلفيات المؤامرة هو شغل جهات التحقيق أو المؤرخين، أما نسج خيوطها ووقوعها فهو الخطر الذي ينبغي أن ننتبه إليه - لذا لزم التنويه.