ليس من الغرابة في ضوء الدعم الامريكي المطلق لاسرائيل وفي ضوء الضعف العربي الذي بلغ ذروته في فشل انعقاد القمة العربية الدورية في تونس، وفي ظل الخلافات العربية القائمة ان يعلن شارون اليوم بصوت جهوري واضح عن عزمه الاكيد بتصفية عرفات كما صفى بالامس الشيخ ياسين، ولا يفوته وهو يعلن عن هذا العزم تكرار اسفه وندمه على عدم اقتناص فرصة تصفيته عرفات حينما كانت متاحة له صيف عام 1982، وهو يتذرع اليوم بأن التصفية الجسدية للرئيس عرفات اضحت ممكنة وميسورة بعد ان تمت تصفيته سياسيا بعزله في مقره برام الله، ولاشك في ان شارون يسعى من خلال هذه التصفيات الجسدية الى اشعال حرب اهلية فلسطينية طاحنة كان يخطط لها منذ اشتعال الانتفاضة الثانية في اعقاب زيارته المشؤومة للقدس، ويبدو ان طريق شارون لتصفيات فلسطينية جديدة اضحى ممهدا بشكل واضح بعد اغتيال الشيخ ياسين، وليس بخاف ان التطمينات الامريكية بالابقاء على عرفات حيا لا تمثل اهمية بالنسبة لشارون الذي لا يرى فيها الا خطوة تتيح للادارة الامريكية التبرؤ من اي جريمة اغتيال قادمة، فشارون بألاعيبه الحالية التي يمارسها علنا يستهدف اعداد الرأي العام العالمي للقبول باغتيال عرفات، وازاء ذلك فان الموقف الامريكي الرافض لتهديدات شارون بتصفية الرئيس عرفات ليس كافيا، بل يجب العمل بطريقة جدية لمنع شارون من تحقيق حلمه الشخصي باغتيال عرفات، فتحقيق هذا الحلم سوف يؤدي الى حالة من فوضى عارمة واقتتال عنيف بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، بل ان المنطقة بأسرها ستكون تحت صفيح ساخن ينذر بعواقب وخيمة غير متوقعة، وسوف يتحول مشروع خطة خارطة الطريق الى استهلاك اعلامي ممجوج، فشارون لا يبحث عن سلام حقيقي في المنطقة ويسعى الى تأجيج المواقف القابلة للاشتعال من خلال ممارسته اغتيال القيادات الفلسطينية في محاولة للحيلولة دون قيام دولة فلسطين المستقلة التي جاءت في كل مبادرات السلام المعلقة بما فيها مبادرة خارطة الطريق الرباعية.