التشعبات الاقتصادية وتعدد مجالات الاستثمار يجعل ذلك بالطبيعة يتقاطر مع مسارات اخرى سياسية ودينية واجتماعية وقانونية بالرغم من انها المحرك الرئيسي لعجلة النمو ولكنها في نفس الوقت قد تشكل عائقا يحد من توسعها ويعطل مسيرتها. ولو نظرنا الى حقبة الخمسينيات من القرن الماضي لعرفنا التأثيرات التي احدثتها مجموعة من القرارات والانظمة مثل قرار التأميم والنظام الاشتراكي وعدم الانفتاح على الخارج الى جانب بعض الاوضاع السياسية والتوترات الاقليمية وصراعات النفوذ والتي شكلت اسلوبا طاردا للاستثمار واخر النمو بل الادهى والامر من ذلك انه كان سببا رئيسيا لهروب الرساميل والمدخرات الوطنية للخارج مما سبب تدني الدخل القومي وعطل القدرات الفاعلة من القوى البشرية بل اصبح دافعا لها للهروب لتبحث عن مأمن ومستقر يحفزها على الانتاج واثبات الذات. ولكن في التسعينات من القرن نفسه اصبح الاستقرار في العالم العربي له طابع ميزة عن فترة الانقلابات والثورات العسكرية وصار الانفتاح هاجس الجميع واكبر دليل تسابقهم على التجارة الحرة وحرصهم على الاستثمارات الكبرى وولوج نظام العولمة من اوسع ابوابها وايجاد القنوات المحفزة لاسترداد مكانتها بين الدول. فنجد ان مصر اولت جل اهتماماتها للخصخصة والمشروعات السياحية الكبرى في شرم الشيخ وتوشكا وكذلك دولة قطر واستثماراتها في مشاريع الغاز وايضا دولة الامارات ومشروعها الجرىء في نظامهاالالكتروني ومشاريعها السياحية الجبارة مثل مشروع جزيرة النخلتين وفندق برج العرب واستثماراتها الصناعية الكبيرة في جبل علي ولا ننسى ماتوجهت له سوريا من رغبتها في الانفتاح الاقتصادي. وبالنظر الى بعض القرارات والانظمة والتشريعات التي استصدرتها الدول في الاونة الاخيرة وخاصة مع بدايات القرن الواحد والعشرين لنجدها مشجعة على اخذ المبادرة في تصحيح الصورة وتثبيت واقع بدأنا نلمسه في مجموعة اقطارنا العربية كل حسب منظورة ومعطياته. فلو اخذنا بالقياس ماقامت به المملكة من استصدار منظومة من التشريعات الكفيلة بردم الهوة وازالة المعوقات لكي تزرع الثقة وتبني عليها الهياكل الاقتصادية القادرة على المنافسة وتمكينها من الثبات تجاه المتغيرات وخاصة عندما تأسست الهيئة العليا للسياحة والمجلس الاعلى للبترول والمجلس الاقتصادي وهيئة الاستثمار وصندوق تنمية الموارد البشرية والمشاريع الوطنية الاخرى. وهذا مايحفزنا لاعادة التقييم لما ساد من اعتقاد بأن الغرب موطن الاستقرار الاقتصادي فها نحن نرى الان تلك القرارات الاوروبية التي تتوالى بالمصادرة او الحجز او التحفظ والمراقبة اي الحد من القدرة على الحركة وهو لايختلف كثيرا عن قرارات التأميم والتقييد الانفتاحي مهما اعطيناه من تبرير او صبغناه بأيه لون فالنتيجة تكبيل وقيود تحرمه من حرية التصرف. واللافت للنظر ان مثل هذه القرارات جاءت بعد تراكم 800 مليار دولار كاستثمار عربي مهاجر سيعاق نموه بحجج تداعيات احداث نيويورك والحرب ضد الارهاب حتى يتم فرزها وتصنيفها ومن المعلوم ان ذلك سيستغرق زمنا قد يطول الى سنوات وهذه الرساميل مشلولة وغير قادرة على الحركة. ومن الطبيعي ان الامة العربية هي المتضررة من هذا التجميد او القيد واصبح من حقنا ان نتساءل هل ان الاوان لعودة المهاجر الى موطنه بعد ان ازيلت عنه المخاوف التي تسببت في هجرته ولكنها تجددت لديه فوجدها في الغرب. فهل من مستوعب لذلك الدرس ويردد مقولة اهلي وان جاروا علي كرام.