بعد كتابة المقالين السابقين (في حضرة اللغة) قرأت ما يلي: (اللغة العربية مدعوة إلى المشاركة في تشكيل المستقبل العربي من باب تفكيك الأساطير المؤسسة لوعي يقبع فيما هو دون الخرافة، ويستمد ما يكفي من الوقاحة للقفز على الحاضر). حسام عيتاني/الحياة 23/12/2013. السؤال الذي يطرحه من يقرأ هذا الكلام للأستاذ حسام عيتاني، وهو من كتاب جريدة الحياة الجادين.. ليس في أن اللغة مدعوة أو غير مدعوة إلى تفكيك الاساطير المؤسسة للوعي الزائف.. السؤال هو كيف تكون هذا الوعي الزائف؟ هل تكون خارج اللغة أم داخلها؟ والسؤال الآخر هو كيف تقوم اللغة بتفكيك هذا الوعي الزائف وتزرع وعيا مستقبليا.. هل تفعل ذلك من تلقاء نفسها؟ تشبه اللغة بالشجرة التي تساقط أوراقها في كل عام؛ لتلبس أوراقا جديدة أشد اخضرارا، وهو تشبيه صحيح الإجابة التي تفرض نفسها، هي: أن هذا الوعي الزائف تكون داخل اللغة وبها.. وأن اللغة باعتبارها معجما لا تستطيع تغيير نفسها بنفسها.. الوعي الخرافي يجب ان نبحث عنه وعن أسبابه داخل اللغة حتى نقترب من إزالته ويكون ذلك حسب التصور القريب بما يلي: أولا: نزع القداسة عن اللغة: لا شك في أن القرآن مقدس، وأنه لا يأتيه الباطل (=الخرافة) من بين يديه ولا من خلفه.. ولكن اللغة غير القرآن.. ونحن ألبسناها جهلا تلك القداسة التي للقرآن.. وحين ألبسناها حولنا ما تحمله من أساطير المجتمع السابق الى حقائق. ثانيا: الكف عن التغني بشاعريتها: من الأساطير الاعتقاد (الشارد) على وزن الشعر الشارد.. بأن العربية هي اللغة الشاعرية من بين لغات العالم.. ووصف الشاعرية نفسه يعني اللا واقعية.. يعني مجرد الهيام بسرب ألفاظ والهيام في كل واد من أودية الخيال.. وهذا معناه الانفصال عن الواقع حتى في التواصل اليومي لا عند سادتنا الشعراء فقط. ثالثا: اللغة شجرة: تشبه اللغة بالشجرة التي تساقط أوراقها في كل عام؛ لتلبس أوراقا جديدة أشد اخضرارا، وهو تشبيه صحيح.. ولكن متى يتم ذلك في حقل اللغة؟ يتم هذا التجدد عندما يكون اهلها قادرين على التجديد، وإلا فهي باقية على أوراقها الصفراء، ويمكن لك ان تنظر الى اللغة في القرنين الثالث والرابع، وتنظر اليها في القرن السابع والثامن لتقتنع ان التشبيه ليس مطلقا. اللغة ظل لقامة أهلها.