كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز البحوث بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض عن ان حجم غسل الاموال في العالم يصل الى 1.5 من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي العالمي وذلك وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي. فيما تقول تقارير اقتصادية اخرى نشرت مؤخرا في استراليا ان هذه المبالغ تصل الى 2.85 تريليون دولار سنويا مما يعكس مدى تزايد حجم المشكلة ووصولها الى مستوى الضعف تقريبا. وقالت الدراسة ان ظاهرة غسل الاموال ويطلق عليها ايضا تبييض الاموال عرفت في الولاياتالمتحدةالامريكية في عشرينات القرن الميلادي الماضي عندما استخدمتها عصابات المافيا في مدينة شيكاغو في شراء مؤسسات خاصة تقوم بأعمال مشروعة لتستخدمها في تمرير وخلط الايرادات الهائلة غير المشروعة بالايرادات المشروعة لتلك المؤسسات والاستفادة من المؤسسات المالية الصغيرة لغسل الاموال المكتسبة بطرق غير شرعية. واكدت الدراسة التي جاءت تحت عنوان: (ظاهرة غسل الاموال وآثارها الاقتصادية والاجتماعية وسبل مكافحتها).. والتي تقع في 240 صفحة من القطع المتوسط ان اول استخدام لمصطلح غسل الاموال بشكل قانوني تم في العام 1982م في احدى قضايا المخدرات بالولاياتالمتحدة مما ادى الى اعتبار الظاهرة جريمة يعاقب عليها القانون بمصادرة الاموال المغسولة من عمليات المخدرات وتنفيذ عقوبة السجن المؤبد للقائمين بها. ونوهت الدراسة بالجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة المملكة لحماية المجتمع السعودي من خلال محاربتها الجادة للجرائم كافة بما فيها عمليات غسل الاموال ومصادرتها والى تشدد المملكة في مكافحة غسل الاموال فيما ينظر الان مجلس الشورى السعودي ويناقش مشروع نظام مكافحة غسل الاموال قدمته لجنة الشؤون المالية بالمجلس والذي تنادي احدى موارده بضرورة انشاء وحدة لمكافحة غسل الاموال تسمى وحدة التحريات المالية يكون من مسؤولياتها تلقي البلاغات وتحليلها واشارت الدراسة الى ان المملكة تعتبر نظيفة من عمليات غسل الاموال لعدد من الاعتبارات منها ان العقوبات الصارمة التي تفرضها القوانين السعودية على الغش والاحتيال في اي عملية مالية تجعل من الصعب على غاسلي الاموال احتراق النظام المالي والمصرفي كما ان الاجراءات الصارمة والمتبعة والمراجعة شبه اليومية على البنوك لكشف العمليات المشبوهة او اي خلل في التعاملات اليومية تؤدي الى رقابة قوية عرفت عن المملكة مما يجعل من الصعب اختراق الانظمة المالية. ويعتبر الهدف الاساس لعمليات غسل الاموال هو اخفاء المصدر الحقيقي للاموال المكتسبة من مصادر غير مشروعة فيما تتم عملياتها على ثلاث مراحل هي مرحلة الايداع او الاحلال ومرحلة التغطية ومرحلة الدمج وتوجد طرق متعددة لغسل الاموال كما تقول الدراسة منها ايداع المبالغ النقدية او التحويلات خارج البلد او استلام الحوالات وشراء شهادات التأمين. ونظرا للتطورات التقنية واستفادة عصابات غسل الاموال منها بالكامل وعجز السلطات الامنية في مختلف دول العالم عن متابعة تلك العصابات بكفاءة فان حجم المشكلة يبدو متزايدا حاليا خصوصا بعد ظهور الغسل الالكتروني الذي يعد الوسيلة الاحدث والاخطر في الوقت الراهن. وبحسب الدراسة فان ظاهرة غسل الاموال تتركز على نحو لافت في دول اوروبا وامريكا تليها دول آسيوية وافريقية وجزر واقعة في المحيطات. واظهرت قائمة حديثة اعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي في منتصف تلك القائمة للدول الجاذبة لعمليات غسل الاموال وذلك بمؤشرات منخفضة جدا وذلك لان عدد هذه الدول انضمت الى الاتفاقيات الدولية والاقليمية لمكافحة المخدرات وغسل الاموال وكذلك سنت قوانين واجراءات محلية لمكافحة الظاهرة. وتشكل عملية غسل الاموال آثارا سلبية على التنمية الاقتصادية حيث تؤثر على توزيع الدخل القومي ومناخ الاستثمار والادخار والاسعار المحلية والسياسات النقدية عموما اما الآثار الاجتماعية فتتمثل في الفساد الاخلاقي وجرائم القتل وتفاقم من البطالة وتحدث خللا في التوازن الاجتماعي تتدنى معه مستويات المعيشة. واختتمت الدراسة بعدد من التوصيات منها ضرورة تجريم عمليات غسل الاموال بصدور نظام لهذا الفرض وضرورة توحيد قوانين مكافحة غسل الاموال في دول الخليج وضرورة انشاء جهاز متخصص في الغرف التجارية يتولى مهمة التعريف بالظاهرة وتحذير منسوبيها من مخاطرها وعصاباتها مع ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة سنويا لكل دولة بما فيها المملكة لمواجهة عمليات غسل الاموال وتمويل الارهاب وتجريم الظاهرة وانزال العقوبة الصارمة على مرتكبيها.