, لان جدارا حاذاها, جعلها تميل بوجهها, الى حد دفعها ان تأخذ اغصانها الى اتجاهات وعرة.. ولان عتمة او ما يشبهها اخذتها فاصبحت واضحة. ترفع بصرك لان مصباح الشارع كان هناك يهيل ضوءه الاصفر, ولانه ليس الوحيد الذي يصارع سورا مدرسيا عاليا, ترشيد عينيك او تعود بهما نحو سطور جريدة اصابعك, تحت ضوء سيارة داخلي, لم يكن كابيا جدا ذلك الضوء, اذ سمح لك ان ترى كم ان ذراعيك ملطختان بالحزن, ولم يكن الباب الذي انفتح عن ابنك المتسمر امام بقعة مطرية لايعرف كيف يعبرها, ثم انغلق كما لو كان يحدق, بحثا عن امرأة تحط الى جانبك, وتنزوي خلف رائحتها, لان هواء جهما ايقظها ولان الزجاج كان يلمع بالكآبة. ليس اكيدا ان ذلك ما دفعك نحو البحث عن مساحة قد تكون اعلانا.. صورة مثلا, لمجرد كتابة. لأنك تحدق لان صمتا انتبهت اليه ينقلك ولاتعرف ماذا تفعل به, ولان زفرة واحدة قد خرجت منك كما لو كانت مبالغا بها, ولان الشجرة التي ضايقها الجدار لم تتوقف او تبك, لم تطلق عويلا حتى. ولانها الشجرة.. تطفئ ضوء سيارة داخليا, ضوءا لم يكن كابيا جدا, تحدق في الليل والشارع, في اصابعك وثيابك. تحدق في الشجرة وتفكر ان في وسع هنيهة صمت كهذه ان تتسع للجسد وفكرته معا, ولمشاعر مختلطة. تتسع لليد الخالية الا من ظل اصابعها ولعادة عدم البكاء التي ما فتئت تربيها, ولصوت انفاسك. تحدق فيها وتريد في الوقت نفسه ان تحتفظ لها بحقها الا يقتحم احد وحدتها, وان كان حتى بمجرد التحديق, الا يعلق اعباءه على اغصانها, الا يفسد هواء هالتها ببخار خيباته, فلديها من العتمة وما يشبهها ومن مقتول ضوء الشارع الاصفر ما يجعلها تبدو سوداء. تحدق فيما تظن انه يحميك, يحمي نظراتك من ان تيبس هباء, تحدق فيما يسندها يحول بينك وبين سماع هويها. ولئلا تفقد عادة التحديق التي اصبحت لاتجيد او تملك غيرها, تحدق في الشجرة وعتمتها وجدارها وتود لو انها تحدق فيك.