تبددت آمال الطفل الفلسطيني محمد سمير محمد عبد ربه البالغ 15 ربيعاً من نابلس عندما اقتحمت قوة كبيرة من الجيش الاحتلالي تدعمها الدبابات والجنود المدججون بالسلاح بيته. وفي تقرير أصدرته وزارة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية وحصلت (اليوم) على نسخة منه روى الطفل الأسير محمد في شهادته كيف تم اعتقاله من بيته الساعة الواحدة ليلا، وما انتابه من هلع وخوف: كنت ما زلت يقظا، عم الضجيج العمارة التي أقطن بها بطرقات الجنود القوية على أبواب البيوت، حتى وصلوا الى بيتنا، وحينها فتح والدي الباب وسألوه أين محمد؟، الذي خرج ببراءة الطفولة اليهم غير آبه بشيء بقوله: انا محمد .. بعد ذلك قاموا بتفتيشي، وتقييد يدي ورجلي وعصبوا عيني، وأنزلوني الى الشارع والقوني باتجاه الجيب بقوة لتبدأ مرحلة العذاب. واضاف: ألقوا بي على أرضية الجيب المليئة بالمسامير والمفاصل الحديدية، كلما تحركت وخزتني في أنحاء جسمي، ولا تسمع سوى ضحكات الجنود وقهقهاتهم وهم يسخرون مني ويشتمونني. ويصف الطفل الأسير محمد الليلة الأولى من اعتقاله قائلا: قام الجنود بانزالي من الجيب وأمروني بأن ارفع يدي وافتح رجلي وأقف على الحائط لساعات طويلة وكلما حاولت ان أضم رجلي لأرتاح، كان يضربني الجندي على رجلي دون رحمة ثم نقلوني الى غرفة ولم أعرف حينها أين أنا، وتبين لي في الصباح انني في حوارة. بعد ذلك قام الجنود بالصراخ واخراجنا جميعا، وسألني ضابط يدعى (أرز) عن اسمي فأجبته ومن غير سبب بدأ يضربني ويشتمني، بعد ذلك أدرك الطفل ان عليه ذكر اسم مسؤول عند الاجابة وهذا السبب وراء ضربه. يتابع الطفل محمد سرد قصته الاعتقالية (ان مشاهد التعذيب والاذلال ما زالت مطبوعة في ذاكرتي ولن استطيع نسيانها مع الأيام، اذ بعد يومين من اعتقالي نقلوني للتحقيق في المسكوبية، وسألوني عن حالتي الصحية، فأجبتهم اني أعاني من ألم في رجلي، الا ان الطبيب لم يصدق واتهمني بالكذب)، ويضيف: (بقيت ثلاث ساعات في زنزانة انفرادية، بعدها نقلت الى غرفة التحقيق ولا استطيع وصف حجم المعاناة والألم والضغط الذي نواجهه من قبل ادارة السجن). ووصف الطفل محمد كيف تم التحقيق معه، حيث قام الجنود بتقييد يديه للخلف، وتقييد رجليه ثم تثبيتهما بالكرسي المثبت بالأرض، ثم أعصبوا عينيه، وبقي على هذا الحال ثلاثة أيام متواصلة، حرم فيها من الأكل والماء والذهاب الى الحمام، ولشدة الألم الذي تسبب له اعترف وأمروه بكتابة الافادة بخط يده، بعد ذلك سمحوا لي باستخدام الحمام مرة واحدة في اليوم لمدة ثلاث دقائق فقط وتحت ضغط نفسي لم أعشه من قبل. فقد تعرضت لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، حيث الشتم والاهانة والتهديد بالموت والتهديد بالاغتصاب وتكسير اليدين والرجلين. ويضيف: بعد الاعتراف قاموا بنقلي الى غرفة مع أربعة أشبال، وتمدد اعتقالي لمدة 15 يوما. ولا يزال الطفل يذكر الشرطي بيني الذي كان يضربه ويشتمه دون سبب ويقول محمد: كنت أضع قميصي على الضوء الأصفر القوي المشعل ليلا ونهارا لأخفف من حدته، فما كان من هذا الشرطي الا ان يزيل الغطاء، ويضربني، ويهددني بأني سأموت داخل السجن وسيمنع أهلي من زيارتي. وبقي الأسير 38 يوما في معتقل المسكوبية، ثم نقل الى تلموند حيث كان يفترش الأرض لينام في ظل البرد القارس والمعاملة السيئة وبقي هناك 16 يوما ثم نقل الى بنيامين الذي تميزه خيمه الممزقة والتي تمتلئ بالماء وقت الشتاء، ومراحيضه التي هي عبارة عن براميل، وفي نهاية المطاف تم نقله الى عوفر ليمسي محمد واحد من بين 336 طفلا فلسطينيا دون سن الثامنة عشرة، يمضون عمرهم في المعتقلات والسجون الاسرائيلية، دون أدنى اعتبار للمعايير الدولية، ينتظرون بصيص أمل ليعانقوا الحرية من جديد، وينعموا بمدرسة أصبحت حلما.