التمادي في القيل والقال وهتك ستر الناس وافشاء اسرارهم وتتبع عوراتهم، يشعل فتيل الفرقة ويؤجج نار العداوة ويزرع الاحقاد والإحن وينبت السوء، والارض الخصبة لهذا الوباء الفتاك تقوم على أساس البطالة والانانية وسوء الاخلاق وقصر النظر وبلادة الشعور والغفلة عن الله. فحين يصاب الانسان بهذا الداء تعمى منه البصيرة فيبدأ ينشر شروره ويبث سمومه، فيقول في هذا وينقل خبر ذاك، يمدح تارة ويذم اخرى، يتصنع الكلام ويتفنن في التزويغ ليصل الى غايته حتى يحقق مراده، وما علم انه اوقع نفسه في شر اعماله واوردها موارد الهلكة فكم من كلمة قالت لصاحبها دعني؟! (قل خيرا او اصمت) وفي الخبر: ايما رجل اشاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها بريء يثنيه بها في الدنيا كان حقا على الله ان يذيبه بها يوم القيامة حتى يأتي بنفاذ ما قال). اذا فكيف نحمي مجتمعنا من هذا الوباء؟ فعلى هذا يتوجب ان تقرأ عليهم آيات الرحمن وهو خير شاف باذن الله تعالى وحتى يقف المحموم بهذا المرض من وعد الله ووعيده حتى يحذر عقابه وبالتالي يحفظ عليه جارحته قال تعالى (هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم) وفي موضع آخر (ويل لكل همزة لمزة) ووصف أم جميل زوج ابي لهب فقال تبارك وتعالى (وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد) لانها كانت تمشى بالنميمة تصيدا للوقيعة وسببا للافساد بين الناس فسمى النميمة حطبا لانها تنشر العداوة بين الناس كما الحطب ينشر النار، وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين بقوله: (اتقوا فراسة المؤمن). فيما اعطاك الله من فراسة عليك ان تتبين حال الواشي وخبره اقرأ افكاره وتفرس في عثرات لسانه يتضج لك امره ثم ضع لذلك ضابطا تتقي به شرره (يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسقا بنبنا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ثم قم بدور المرشد الواعظ والموجه الحكيم.. وبصره بسوء عاقبته وخطر نميمته.. روي عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.. دخل عليه رجل فذكر له رجل شيئا فقال له عمر ان شئت نظرنا في امرك فإن كنت كاذبا فأنت من اهل هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق ينباء فتبينوا) وان كنت صادقا فأنت من اهل هذه الآية (هماز مشاء بنميم) وان شئت عفونا عنك فقال العفو يا أمير المؤمنين.. لا أعود إليه ابدا. فالنميمة جامعة لكل شر واصل كل ذم. عاقبتها وخيمة.. قال بعض الحكماء: الخرس خير من الكذب وصدق اللسان السعادة فصلاح الباطن اساس لكل اصلاح ظاهر وفي ظل هذا نئد النميمة ونسلم من شرها ووبال خطرها ونقيم المجتمع على الصدق والمحبة والوئام.