النميمة هي نقل كلام بعض الناس لبعض، لقصد الإفساد بينهم، وإيقاع العداوة والبغضاء، وهي داء يفتك بالمجتمع وأكبر مُعول يهدم وحدته، وأمضى سلاح يقطع حبال الألفة ويوغر الصدور وبها يدب النزاع وتسود العداوة، وينصرف كلٌ عن واجبه ويحصر همه في الإيقاع بصاحبه. النميمة هتك الستر وإفشاء السر، لا تَقْرب من مودة إلا أفسدتها، ولا عداوة إلا جددتها، يأتي صاحب نفس مريضة إلى آخر فيستدرجه بالكلام حتى يكشف شيئاً من أسراره ثم يطير بها إلى الآخرين فينفث تلك السموم، وينشرح صدره عندما يرى نار الخصومة شبت، ويُسر فؤاده عندما يرى سعايته أفلحت، قبيح بالمرء أن يجلس مع قوم ثم ينقل ما دار بينهم من حديث فربما كان عمله هذا سبباً في حدوث فتنة عظيمة، لو فكّر في عاقبة عمله لما فعل ذلك. وقد نهانا الله تعالى عن طاعة كل من كان كثير الحلف حقير الرأي عياباً طعاناً نقالاً لحديث الناس بعضهم لبعض، فقال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ، هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ}، وأخرج الإمام أحمد في مسنده (27599) من حديث/ أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (.. ألا أخبركم بشراركم؟ المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة، الباغون للبراء العنت). ومما يحمل على الوقوع في هذه الرذيلة البغض والحسد والحقد والكراهية التي في نفس النمام الذي يسعى إلى قلب السعادة شقاء والمودة والصفا كرهاً وعداء فيفصل الأخَ عن أخيه، والولدَ عن أبيه والصديقَ عن صديقه، فتنحل رابطتهم وتذهب ريحهم. إن رفيع النفس سليم القلب لا يترك سوق الوشاية تروج لديه، ولا يجعل أذنه واعية لقالة السوء ولا يفتح في قلبه مكاناً يحتله ذوو النفوس المريضة بأكاذيبهم، وقد قيل: «لوصح ما نقله النمام إليك لكان هو المجترئ بالشتم عليك»، فالعاقل يحمل نفسه على آداب العشرة وحسن الصحبة وكتم السر وحفظ المودة والحذر من النميمة، وإذا جاءه منَ ينُم له عن غيره أن ينهى عن هذا الفعل ويمقت منه هذا الباطل. - وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية