استضاف المركز الثقافي المصري بالعاصمة الرباط الأربعاء الماضي ضمن فعاليات (الصالون الثقافي المصري) المفكر المغربي حسن أوريد مدير مركز طارق بن زياد الثقافي. وقدم حسن أوريد في هذا اللقاء الذي حضره عدد من السفراء العرب المعتمدين بالرباط رؤيته لرحلة المفكر المصري رفاعة الطهطاوي لباريس من خلال كتابه (الديوان النفيس في إيوان باريس) أو (تخليص الأبريز في تلخيص باريز) وهو ما يمثل الوقوف (عند محطة هامة من تاريخ مصر الفكري من خلال أحد رواد النهضة المصرية). وأكد أوريد أن رغبته في التعرف والوقوف على هذه (المعلمة) كانت صدور كتاب في فرنسا قبل أكثر من سنة للمفكر الفرنسي غي سورمان بعنوان (أبناء رفاعة) والذي اعتبر فيه أن هناك فئات من المفكرين العرب والإسلاميين ممن نهلوا من فكر رفاعة الطهطاوي، يؤمنون بالتلاقح بين الحضارتين العربية الإسلامية والغربية. ولاحظ رئيس مركز طارق بن زياد في معرض تتبعه وسبره لرحلة رفاعة الطهطاوي أن هذا المفكر (الأزهري) لم يجد غضاضة في أن يأخذ من نتاج درة الغرب آنذاك (فرنسا) إذ ينتقي ويستقصي يأبى أن يذوب, ويرفض أن تنمحي ذاتيته وتغور هويته في اغراءات العبث واللهو، حيث كان حريصا على أن يفيد بقدر ما يستفيد ، وحريص أن يفيد من خلف وراءه من مجتمع جامد متخلف بمصر وغيرها من البلاد الإسلامية.. فهو يمحض النصيحة ويقدم ما يفيد من معلومات دون أن ينسلخ عن هويته. واستنتج المفكر المغربي من ذلك أن المثقف الحق هو الذي لا ينسلخ عن ذويه ولا يخذلهم, حيث أنه يلتمس أسباب المعرفة لكي يشرك فيها ذويه, كما أن قوام الهوية في بلاد الإسلام ليس الأرض ولا الدم وإنما العقيدة. ورصد الباحث مسيرة رفاعة الطهطاوي في رحلته وما وقف عليه من ملاحظات وآراء بخصوص الفرنسيين مشيرا في هذا الخصوص إلى أن العالم الأزهري المصري (فطن إلى أن سبق الفرنسيين للحضارة مرده سبقهم في المعرفة القائمة على الاستكشاف وحب المعرفة لا على التقليد)، مستخلصا من هذه الملاحظة أنه في الوقت الذي شكل اعتماد العقل في المعارف سببا في تقدم الفرنسيين ما زال التعليم في العالم العربي يجري على أساس (النقل والحفظ وما يستتبع ذلك من خنوع ونزوع إلى الغش). ولاحظ حسن أوريد أنه بالرغم من نجاح رفاعة الطهطاوي في النفاذ إلى طبائع الفرنسيين والوقوف على محاسنهم فإنه لم يستطع بالمقابل أن يستوعب بعض المفاهيم أو (كان استيعابه لها سبكها في قوالب ذهنية إسلامية, فالحرية عند الطهطاوي تفيد شيئا آخر غير ما هو متعارف عليه في الأدبيات الغربية). ومن جهة أخرى وضمن فعاليات معرض الدار البيضاء العاشر للكتاب تم اختيار بلدان قارة أمريكا اللاتينية كضيف شرف على فعاليات المعرض الذي شهد حضور عدد من وجوه المغرب الثقافية مئوية الشاعر العالمي بابلو نيرودا. وفي كلمته الافتتاحية اعتبر أليخاندرو كارفاخال سفير دولة الشيلي بالرباط أن الاحتفال بالذكرى المئوية لشاعر الشيلي الحائز على جائزة نوبل للآداب سنة1971 بابلونيرودا يشكل فرصة سانحة لسانتياغو والرباط لتعزيز علاقاتهما الثقافية. وقال كارفاخال خلال افتتاح اليوم الوطني لجمهورية الشيلي الذي نظم بالدار البيضاء في إطار المعرض أيضاً إنه (فضلا عن النقاط المشتركة بين ثقافتي البلدين خاصة منها ما يتعلق بالإرث الأندلسي الذي عبر إلى أمريكا اللاتينية عن طريق إسبانيا فإن الرباط وسانتياغو يجمع بينهما هذا الشاعر العالمي الخالد .. نيرودا). وتميز الاحتفاء باليوم الوطني للشيلي بتقديم قراءات شعرية من دواوين الشاعر المحتفى به باللغات الإسبانية والعربية ألقاها على التوالي السفير كارفاخال والشاعر جلال الحكماوي والشاعر إدريس الملياني على خلفية تلاوة مسجلة لشعر نيرودا بصوته وعرض الفيلم السينمائي"ساعي بريد نيرودا". واستعرض الدبلوماسي الشيلي جوانب من السيرة الذاتية لنيرودا موضحا أن (عالمه الشعري يتميز بقدرته على ملامسة جميع الشرائح الاجتماعية مهما بلغت درجة بؤسها)، مشيرا إلى أن (المفردات الشعرية التي يستعملها نيرودا بسيطة ومتداولة في الحياة اليومية ولكن الشاعر يستعملها في إطار جمالي يصنع منها عملا فنيا خالدا). واعتبر أن التأثير الكبير لنيرودا الذي ترجمت أعماله إلى أكثر من مائة لغة أجنبية (شديد الوضوح) لدى عدد كبير من الشعراء الذين يمثلون عدة أجيال خاصة في المغرب حيث تأثر عدد من الشعراء المغاربة به. وفي هذا السياق قال الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال أن علاقته الشعرية بنيرودا تعود إلى وقت بعيد إذ اطلع منذ أواخر الستينيات على آثاره المتعددة عن طريق الترجمات في مرحلة أولى خاصة ديواني (إسبانيا في القلب) و(النشيد الشامل). وأضاف الطبال الذي ألقى مداخلة تحت عنوان "بابلو نيرودا في الشعر المغربي" على هامش مائدة مستديرة نظمت في إطار الاحتفال بالذكرى المئوية لميلاده أن علاقته بهذا الأخير مازالت مستمرة وأنه يعود إلى قراءة دواوينه العديدة ب"حب وشغف". معتبراً أن هناك تناصاً خفيا وغير خفي في شعره وفي قصائد شعراء مغاربة آخرين إذ كان هناك في مرحلة الشعر الستيني وحتى الشعر السبعيني أثر أو ما يمكن تسميته ب(ظل خفي) لإبداعات نيرودا في الشعر المغربي. وأكد معرض الدار البيضاء احتفاءه بالإبداعات الأدبية في بلدان أمريكا اللاتينية بما فيها المكسيك كضيف شرف، من خلال تنظيم محاضرات وقراءات شعرية ومعارض تشكيلية وتقديم كتب وموائد مستديرة وحفلات موسيقية ومسابقات. من الاحتفالية بالشاعر نيرودا