في حلقات الأسبوع الماضي تكلمت حلقة منها عن الذبول وتذكرت اني كتبت مقطوعة شعرية اصف فيها بشاعة الذبول وفعله ولم تكن عندي وقت كتابة الحلقة. وأخيرا وجدتها وهي : الذبول غراب يختفي في الغصون الرطيبة ويخادع فيها الندى والربيع ثم ينشب فيها نعيبه الذبول على الوجنتين أنين بخيل خريف يغالب خطوة انه خجل من شظاياه كيف تصب الحمم فوق حقل الخصوبة الذبول على قلم لم يروض حسناء تومى عن بعد ترسم أعيادها ومواسمها في الهواء وتناديه حتى إذا جاء في وله أترعت حبره بالهراء الذبول غراب يفجر فينا نعيبه لقد وصف السياب الذبول في الوجوه وصفا سريعا لم يودع فيه عبقريته الشعرية النادرة. اما اروع من وصف الذبول فهو الشاعر الكبير امل دنقل : انه كان في الغرفة الثامنة، حيث كل شيء ابيض حوله وفي فراش المرض. وقد اهدى له احد اصدقائه باقة ورد، فنسي مرضه وراح يصف الوردة من حين قطفها الى حين ذبولها. يؤسفني اني بحثت عن ديوانه فلم اعثر عليه في مكتبتي ولا اعرف من خطفه او قطفه او اسرة وحرمني من ان انقل بعضه للقارئ. الذبول هو الذبول ولكنه في الوجوه أشد بشاعة وقسوة غير اني لاحظت ان الذبول في الوجوه يختلف من مكان الى آخر واعتقد ان للجغرافيا دخلا كبيرا في ذلك : فأنت حين تقارن بين عجوز في بيروت واخرى في القاهرة وانت تعرف شبابهما ستأخذك الدهشة من مقاومة الوجه البيروني لمعول الذبول واستسلام الوجه القاهري لضرباته. لاشك أنها الجغرافيا أم أنك ترى رأيا آخر؟