اصطف عشرات المواطنين الفلسطينيين أمام أحد خزانات المياه في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة لتعبئة جالونات أحضروها بالمياه العذبة مقابل (شيكل واحد) لكل جالون، وقال حامد قيطة بعد ان انتهى من تعبئة جالونه: مياه المنازل مالحة وملوثة وغير صالحة للشرب او حتى للطبخ. واضاف ان شراء المياه يكلفه حوالي (60شيكلاً) شهريا (14 دولاراً أمريكيا) ، مشيراً الى انه عاطل عن العمل مما يضطره للاستدانة من أخيه لتوفير ثمن هذه المياه. ويعاني أهالي المخيم من نقص في المياه حيث يقول المواطنون: ان المياه التي تصل منازلهم مالحة وملوثة في احيان اخرى، وقد لا تصلهم في اليوم الا لساعتين وخاصة في فترات الصيف. من جهته علل صابر الغول الذي يملك خزان المياه اقدام المواطنين الكبير على شراء المياه الى عدم جودة مياه البلدية التي تصل المنازل، مشيراً الى انه يبيع في اليوم الواحد الف لتر مياه، موضحا ان شركة بريطانية اسمها (اكوا) هي التي تكرر المياه وتبيعها للمواطنين الفلسطينيين. من ناحيته اشتكى المواطن معين سلامة من سكان المخيم من تكرار انقطاع المياه عن منزله ولا سيما في فصل الصيف مما يسبب للعائلة العديد من المشاكل واولها مشكلة النظافة العامة. وتنتشر في قطاع غزة محلات تحلية المياه التي تبيعها للمواطنين هناك، اضافة الى انها اصبحت تباع في كثير من المحال التجارية رغبة من الباعة في زيادة حجم مبيعاتهم نظراً للاقبال الكبير على شرائها. وبسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة، يضطر الكثير من الفلسطينيين في القطاع الى احضار المياه التي يعتقدون انها افضل من التي تصل الى منازلهم، من آبار بعيدة نوعاً ما عن مناطق سكناهم يحفرها مواطنون ميسورو الحال، فمثلاً في منطقة تل الهوا جنوب مدينة غزة يتزاحم عشرات المواطنين على صنبور مياه لتعبئة جالوناتهم بالمياه ونقلها اما بواسطة عربات تجرها حمير او بسياراتهم الخاصة. وفي جنوب قطاع غزة، وتحديداً في رفح فاقمت الممارسات الإسرائيلية واعمال التجريف التي طالت شبكات المياه وخزانات المياه من معاناة المواطنين. أزمة المياه وللوقفوف على اسباب ازمة المياه في فلسطين قال المهندس فضل كعوش نائب رئيس سلطة المياه الفلسطينية ل (اليوم): إن من أصل 200 طلب تقدم بها الجانب الفلسطيني لحفر آبار لتوفير احتياجاتنا من المياه، كما حددتها الاتفاقية في المجال المائي، لم يوافق الجانب الإسرائيلي سوى على 14 بئراً فقط، 11 منها لغرض الشرب و3 للزراعة، وان هذه الآبار توفر للفلسطينيين 22 مليون متر مكعب من أصل ال 80 مليون متر مكعب المتفق عليها. واضاف اريد الاشارة الى أن اللجنة المشتركة للمياه واصلت في عهد حكومات العمل والليكود، المتعاقبة العمل لكن لقاءاتها توقفت منذ وصول شارون إلى الحكم. وأضاف يقول: لقد واجهنا مشكلات في عهد حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق نتنياهو، لكن العديد من المشاريع نفذت، وبعد مجئ شارون توقف كل شيء. كما تقدمنا عبر اللجان الفنية بطلبات لتنفيذ العديد من المشاريع المائية، لكن لم تتم الموافقة على أي مشروع منها، منوهاً الى ان جميع المناطق والتجمعات الفلسطينية تعاني من أزمة نقص متفاقمة في مياه الشرب والزراعة على السواء. وهنا لا بد من الاشارة الى ان احصائيات فلسطينية وإسرائيلية متطابقة، نشرت مؤخراً، كشفت عن وجود هوة كبيرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في استهلاك المياه، ففي حين يبلغ متوسط استهلاك الفرد للمياه في الجانب الفلسطيني 40 لتراً في اليوم فإن استهلاك نظيره الإسرائيلي يبلغ 350 لترا. ويرتفع معدل استهلاك المياه في المستوطنات إلى 800 لتر في اليوم، حيث ينعم المستوطنون بالحدائق المنزلية وبرك السباحة. وتقف بعض التجمعات الفلسطينية على مشارف العطش مثل لواء طوباس قرب نابلس في الضفة الغربية الذي لا يتجاوز معدل استهلاك الفرد للمياه فيه 22 لتراً في اليوم، كما يقول المسؤول الفلسطيني: إن 240 قرية فلسطينية ما زالت محرومة من المياه الجارية يسكنها 350 ألف مواطن. انتفاضة المياه ومع تعاقب سنوات الجفاف الذي يحد من كميات المياه المتاحة، وتنامي عدد السكان وتواصل السحب الإسرائيلي الزائد من الأحواض الجوفية، فإن أزمة العطش في فلسطين مرشحة للوصول إلى نقطة خطيرة لا يستبعد معها أن تحمل الانتفاضة القادمة اسم انتفاضة المياه أو انتفاضة العطشى. وأضاف: تبلغ كمية المياه المتجمدة في الضفة الغربية 850 مليون متر مكعب، منها 700 مليون متر جوفي و150 مليون متر سطحي، كما تستغل إسرائيل مياه الفلسطينيين من خلال شبكة واسعة من آبار السحب مقامة على طول الآبار الجوفية الرئيسية الثلاث في الشرق والغرب والشمال، اذ أدت هذه الآبار إلى جفاف عدد كبير من الينابيع والآبار في الأراضي الفلسطينية ما فاقم مشكلة العطش. وقال كعوش: لقد أقام الإسرائيليون على سبيل المثال لا الحصر بئرين ضخمتين في قرية بردلا في الأغوار الشمالية للضفة الغربية ، تضخ الواحدة منها ألف متر مكعب في الساعة ما أدى إلى جفاف 22 نبعاً و12 بئرا في المنطقة، كما أقاموا 17 بئراً في الأغوار ما أدى إلى جفاف عشرات الينابيع والآبار الأخرى. وقال كعوش: عندما يفقد مزارع مصدر المياه ولمواشيه وأرضه، وترفض السلطات الإسرائيلية تزويده بالمياه ، كما ترفض السماح له بحفر بئر لضخ المياه، فماذا من شأنه أن يفعل؟، وماذا من شأننا أن نجيب عليه عندما يتوجه لنا؟؟ وتابع يقول: إسرائيل ملزمة بتزويد الفلسطينيين بحاجتهم من المياه طالما احتلت أراضيهم ومواردهم المائية، وإلا فإن عليها ترك مواردنا، وحينئذ سنعرف كيف نتدبر أمرنا. ويؤكد كعوش في نهاية تصريحه أن موارد المياه المتاحة في الضفة تكفي لسد حاجة الفلسطينيين في حال توقف الإسرائيليون عن استغلالها واستنزافها كما يفعلون. المياه العادمة ففي مستوطنات غوش قطيف المقامة على أراضي محافظة خانيونس ، يتم تصريف المياه العادمة من بركة المجاري الخاصة بالمستوطنة الى الأراضي الفلسطينية المحيطة بها (منطقة المواصي)، مما يؤدي إلى إتلاف الأراضي الزراعية الفلسطينية ، وتلويث آبار المياه المخصصة للشرب بالإضافة إلى تلويث الخزان الجوفي في المنطقة ، حيث تزداد نسبة النترات والأملاح بحيث تصبح المياه غير صالحة للاستعمال الآدمي. فلسطينيون ينتظرون الحصول على مياه الشرب في مخيم خان يونس (ارشيفية)