اندريك يعوض نيمار في منتخب البرازيل    "قوميز" يمنح لاعبي الفريق الفتحاوي إجازة 8 أيام خلال فترة التوقف الدولي    الكشافة يحققون أكثر من 26 ألف ساعة تطوعية في خدمة زوار المسجد النبوي خلال النصف الأول من شهر رمضان    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. فلسطين    أكثر من 21 الف مستفيد.. "نور" تقدم برامج دعوية خلال أسبوعين من رمضان    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد العظام ويحفظ تاريخًا يمتد إلى 14 قرنًا    النصر يتغلّب على الخلود بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في الوقت القاتل .. ضمك يخطف فوزاً ثميناً من القادسية    ضبط (23865) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    البحرين تطلق القمر الصناعي "المنذر" في إنجاز وطني غير مسبوق    من العقيدة إلى التجربة.. قراءة في أنسنة الدين    الوحدة يتغلّب على الخليج بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ( التطلي) والذكريات الرمضانية    المركزي الروسي يرفع سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    أمطار رعدية غزيرة وجريان للسيول في عدة مناطق بالمملكة    جمعية الأسر الاقتصادية تطلق هويتها الجديدة    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شبه جزيرة ميناهاسا في إندونيسيا    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    الدفاع المدني يكثف جولاته التفتيشية بالمدينة خلال رمضان    قصر ضيافة ومباني فندقية وسكنية في مزاد "جود مكة"    إنجاز سعودي في الأولمبياد الشتوي الخاص    ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني    "ستاندرد آند بورز" ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "A+"    تفعيل مبادرة صم بصحة في فعالية إفطار حي خضيراء الجماعي    إفطار رمضاني يجمع صحافيي مكة على إطلالة البيت العتيق    فيديو.. غضب رونالدو بسبب استبداله أمام الخلود    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    20 جولة تبخير وتطييب للمسجد الحرام يوميًا خلال رمضان    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم العَلَم    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    عَلَم التوحيد    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    الصين تتفوق عسكريا على أمريكا    خناقة بمسجد!    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديقة الغرباء وشعرية التفاصيل
رصد للواقع المعاش
نشر في اليوم يوم 11 - 02 - 2004

في ظل التغيرات العميقة التي تسم الكتابة الشعرية، الآن، وخصوصاً بعد جدل الحداثة الذي رافق حركة الشعر العربي الحديث منذ نهاية الخمسينات، تبدلت مسميات العالم الشعري ومفاتيحه، وحصل ما يمكن أن يشبه "الانقلاب" اللغوي على هذا الجدل، ليس لأن نظاماً معرفياً حل مكان نظام معرفي آخر، وحسب، بل لأن صراع النماذج الشعرية يستفيد من آلية الاظهار والاخفاء التي من شأنها دفع الأبناء الى تفاصيل غيَّبها تكريس نموذج أبوي، الذي مهما امتلك من أحقية، إلا ان الزمن والتعود، التكرار والتكريس، تدفع في الاتجاه الآخر، الذي لم يتضمنه النموذج المنتصر، في ما يشبه المَكءر الشعري.
في كتاب الشاعر السوري حسين درويش (حديقة الغرباء)، نجد شيئاً واضحاً من هذا التغير. وهذه سمة عرفت أيضاً، في الشعر السوري الجديد، وتحديداً مع الشاعر الراحل رياض الصالح الحسين، حيث يتألق عالم التفاصيل في مناخ من استعادة ممنهجة للواقع معكوسة في الشعر. في ديوان حسين درويش لا نلبث أن نعثر على هذه الاستعادة: (والمكان يكتظ/ عندما تعبرين/ الريح الثياب/ دراجة الشرطي/ حذاؤه الطويل/ دفتر حكومته/ بسمة دولته/ كلها تسقط). في هذه المرحلة لم يعد الحديث عن شعرية التفاصيل أمراً جديداً، بعد المرحلة التي قطعتها هذه الشعرية منذ الثمانينات الى الآن، حيث دخلت رهاناً في ما يمكن أن يكون امتلاكاً كاملاً للنموذج القياسي، وفي ظل معيارية من هذا النوع لا بد من أن تكون الأدوات متحدة في منطق يجعل منها كما لو انها عالم موحد: (درهم للسندويش/ درهم للكولا/ معلمتي البيضاء الممتلئة/ قالت: رائحتك سجائر/ فكتبت على جدران مدرستها/ عيناك وتبغي ودخاني). ومثلما افترضت الشعرية المتعالية أن تكون الأنا ذات مفعول غير قياسي لأنها لا يمكن فحصها على خلفية تكونها الميتافيزيقي، فهي غير قابلة للتعريف ولا تاريخية، لذلك تعودنا على رؤيتها تقوم على نفي التاريخ من خلال وصف الأنا على أنها المركز. على العكس من هذه الشعرية المتعالية تأتي شعرية التفاصيل، فهي تعرّف الأنا وتضعها في إطار من الفعل التاريخي، لأنها جزء منه، تتغير بتغيره، وتخضع لأولوياته. من أجل هذا، فإن الأنا في شعرية التفاصيل هي درجة من درجات الأنا الاجتماعية التي لا تدعي وصلاً مع جوبيتير أو زيوس أو أبولو، بل أنا الآخر، وفي أسرع الطرق الى ذلك: (كنزة الصوف/ إبرة العمر/ جوارب الأحفاد/ رائحة المدرسة/ مقلاة البيت/ العتبات/ ما أكثر الحنين). وحيث يأتي فعل التذكر نوعاً من تشديد على تاريخية الأنا: (على تلك الطاولة/ كنا منذ قليل / نتبادل المودات/ ونحكي).
الأنا الشعرية لا تحافظ على كيانها الذاتي المستقل، خصوصاً عندما تكون ذات أساس تاريخي، وهذا نوع من المنطق الذي يحكم نظام الأفكار، بطبيعة الحال. فبما انها جزء من المناخ الذي تطمح الى تحويله أدوات أو نظاماً معرفياً، فهي كذلك تعبّر عن الأنا بمستواها الذاتي العادي غير المحمّل بعبء تغيير النظام، بل المحافظة عليه. جلجامش عندما مات أنكيدو فكّر بالخلود، أما في شعرية التفاصيل فإذا مات أنكيدو يتشكل سعي الى استعادته أو ندبه، في إطار من الاعتراف بالتاريخ وشروطه: (سنتذكر كثيراً/ أن على شبابيكنا/ كان ينمو الورد/ وأن أبوابنا تفتح عند الفجر/ وأن الآباء يرحلون/ تاركين قبلاً على جباهنا).
في هذا الكتاب تم الجمع بين المقاطع القصيرة والطويلة، وفي اعتماد افتتاح متكرر في الكثير من القصائد. المقطع القصير يتضمن الاختزال أو التكثيف. وعندما يطول التنامي الدرامي، فإن العلاقات اللغوية تتخذ شكل الصانع للمزيج، الذي يحول العناصر الى مركّب منسجم يتفتح في استجابة لشرط التنامي. في المقطع القصير نرى التكامل بين اللغة والقول الشعري في لحظة شعرية تم القبض عليها بنجاح بادٍ: (لا شيء يحميني/ سوى عصافير الحديقة/ تنقر وقتي/وتحمل قش روحي/ لمن يكاتبني/ من الملائكة/ أو السلاطين). أما في قصيدة "ثم نحن ثم نحن ثم الطريق" فقد اتخذت كل الأبعاد الضرورية للتنامي في تأكيد دور التمهيد وتفعيله ليتحول الى ضربة بداية تتوالى عنها الحركات الأخرى.
@@ المؤلف: حسين درويش
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر- 2003 صفحة: 282


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.