رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    وزير الموارد البشرية: 5% مستهدف البطالة بحلول 2030    السواحه: 15% مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    البنيان: رصدنا أكثر من 166 مشروعا تعليميا في 2025    "أنا المدينة".. تجربة واقع افتراضي تنقل الزوار إلى العهد النبوي    نائب أمير الشرقية يستقبل جمعية"ترابط" ويرأس اجتماع مجلس إدارة هيئة تطوير الأحساء    الكهموس: المملكة جعلت مكافحة الفساد ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030    وزير الطاقة يعقد اجتماعًا ثلاثيًا مع نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة الكازاخستاني    المملكة ضيف شرف لمنطقة الشرق الأوسط في معرض «أرتيجانو إن فييرا» بإيطاليا    نائب وزير الصحة يستعرض إنجازات "مستشفى صحة الافتراضي" ضمن ملتقى ميزانية 2025    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    محفظة التصدير تتجاوز 30 مليار ريال وتقديرات الثروات التعدينية ترتفع إلى 2.5 تريليون ريال    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    هدنة لبنان.. انسحابات وإعادة انتشار    انتقادات من جيسوس للتحكيم بعد مواجهة السد    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    بدء تشغيل الخطوط الجوية الفرنسية Transavia France برحلات منتظمة بين السعودية وفرنسا    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    هؤلاء هم المرجفون    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأهيل الاقتصاد السعودي والعربي ضرورة للاستفادة من العولمة
" وقفات حول العولمة " دراسة لل د. النملة (1-2)
نشر في اليوم يوم 08 - 02 - 2004

فيما ارتفعت مؤشرات قبول المملكة عضواً في منظمة التجارة العالمية WTO خلال العام الجديد بعد انجاز عدد من الملفات المؤهلة لانضمام المملكة للمنظمة الدولية اكدتها المناقشات المثمرة بين المنظمة وحكومة خادم الحرمين الشريفين في السنوات الاخيرة يتفق عدد كبير من الرموز الاقتصادية في المملكة على ضرورة تأهيل الاقتصاد السعودي وكافة اقتصاديات المنطقة العربية للاستفادة من مزايا العولمة التي تفرضها مقتضيات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وفي دراسة جادة للدكتور علي بن ابراهيم النملة وزير العمل والشئون الاجتماعية حول العولمة بعنوان "وقفات حول العولمة وتهيئة الموارد البشرية" يؤكد النملة على الوقوف على كافة جوانب العولمة والتي رصدها في 26 وقفة حيث يقول في الوقفة الاولى ان الانسياق وراء العولمة لا يعني التخلي عن الثقافة المحلية والعادات الحميدة ديناً وعقلاً مشيراً إلى ان بعض الاكاديميين العرب أنه بافتراض انه بالعولمة سيكون هناك وجود عمالة كاملة، او شبه كاملة في الاقتصاد وسهولة انتقال القوى العاملة ضمن الدولة الواحدة من عمل لآخر وسهولة تكيفها مع العمل الجديد فاذا حدثت بطالة في صناعة النسيج بسبب تعرضها لمنافسة خارجية يمكن للعاملين في هذه الصناعة ان يجدوا عملاً في زراعة القطن مثلاً فافتراض العمالة الكاملة غير واقعي .
ما العولمة؟
ويعرف الاقتصاديون العولمة على انها حركة تستهدف تحطيم الحدود الجغرافية والجمركية وتسهيل نقل الراسمالية عبر العالم كسوق كونية.
والسياسيون يقولون عنها انها: التداخل الواضح لامور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة، او الانتماء إلى وطن محدد او دولة معينة ودون الحاجة إلى اجراءات حكومية.
ويعلق على ذلك احد المهتمين من الميالين إلى البعد الثقافي للعولمة بقوله: ان العولمة ليست مجرد آلية من آليات التطور الرأسمالي بل هي ايضاً وبالدرجة الاولى ايديولوجيا تعكس ارادة الهيمنة على العالم، وهناك من ينظر إلى العولمة على انها افكار القوة وهي نماذجها الثقافية والحضارية وهي لسوء حظنا وحظ امثالنا تسير دائماً في اتجاه واحد، ولم نر مطلقاً انها سارت في الاتجاهين، الذهاب والاياب، لذا فان العولمة بتعبير بسيط اخر هي اكذوبة القوي على الضعيف، وهي استدراج له إلى ساحات معقدة من ساحات التعايش الممكن في الوقت الذي يعلم فيه انه لا يدرك من قوانين الساحات أي شيء.
ويشير إلى انه تبين بالممارسة ان منظمة التجارة العالمية جهة مضمون اتفاقياتها وجهة آليات عملها منحازة بالكامل لصالح الشركات الكبرى وراس المال العالمي، وهي لا تولي أي اهمية لفكرة العدالة الدولية ولمصالح البلدان النامية، ولمصالح شعوب بلدان الشمال نفسها وهي تتناقض بشدة مع تحقيق التنمية ومع حق الشعوب فيها.
اما الوقفة الثانية التي يسردها د. النملة في دراسته ان العولمة قديمة قدم الحضارات واذا كانت العولمة المعاصرة اعتمدت الغزو الثقافي مآخذ الاسلحة لحماية الغزو السياسي والاقتصادي وان ابسط ادوات بسط العولمة القديمة "التنصير - والاستشراق" مشيراً إلى انه التنمية البشرية في العولمة يجب ان تنطلق من مفهوم "خير الناس انفعهم للناس" وان يكون الهدف من ذلك هو الارتقاء بمستوى حياة جميع الفئات بمفهومها الاقتصادي بما فيه الانخراط في المنافسة وتنظيم الارباح سيؤدي للدخول في نطاق ممارسة الضغود والمناورة في المجالات العمالية بهدف تخفيض كلفة العمل كانقاص الاجور وتقليص الخدمات الاجتماعية واهمال العناية المكفولة للقوى العاملة بحيث ينظر للعمل بمفهومه الاقتصادي وليس الاجتماعي.
الوقفة الرابعة: من الذين عالجوا العولمة برؤية سلبية ناتجة عن اختلاف في التوجه الفكري صاحبا كتاب فخ العولمة هانز - بيتر مارت وهارالد شومان اللذان لم يريا فيها خيراً للبشرية، بل ان عنوان الكتاب يوحي بالمضمون والمحتوى، ومن هذا المنطلق الفكري يستمر النقاش في هذا التوجه، حيث يقول المؤلفان فيما يقولانه من تحليل طويل ومعقد - غير سطحي -: وعلى ما يبدو فقد انطبقت مصيدة العولمة على فريستها على نحو لا مفر منه، فها هي حكومات اغنى واكبر دول العالم تبدو كما لو كانت اسيرة سياسة لم تعد تسمح بأي توجه اخر، وليس هناك مكان عانى فيه السكان من هذا التطور ما عاناه سكان الوطن الام للثورة الرأسمالية المضادة على وجه الخصوص: الولايات المتحدة الامريكية.
على ان هناك من ينظر إلى هذا التوجه المحموم نحو العولمة انما هو توجه نحو الارهاب والفتنة بالمفهوم الاعم لهاتين الكلمتين باصطلاحهما الشرعي لا بالاصطلاح الاعلامي السريع ويؤكد صالح بن عبد الله بن عبد الرحمن العبود ذلك في ورقة قدمها للامانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث يناقش المفهوم الشرعي للجماعة في مواجهته للعولمة، وان العولمة تأتي على حساب اثبات الهوية الاسلامية.
والموقف العربي الاسلامي من العولمة لا يزال يخوض في جدلية القبول والرفض ولكل فريق مسوغاته ومخاوفه من القبول او الرفض.
ومن هذا المنطلق نفسه نجد ان محمد اركون يعالج موضوع العولمة برؤية تعودناها منه، ويرمي ا لى ان يجعل العولمة في مقابل التراث الاسلامي وان ظاهرة العولمة قد اخذت تقلب جميع التراثات الثقافية والدينية والفلسفية والسياسية - القانونية التي عرفتها البشرية حتى الآن، وفي هذا الصدد يؤكد المؤلف على ان ظاهرة العولمة تنتشر على مستوى الكرة الارضية بأسرها استراتيجيات اكتساح الاسواق الاستهلاكية وتدجينها والحاقها بها، ولا تبالي اطلاقاً بالمآسي الاجتماعية والفقر المدقع الناتج عن ذلك في دول الجنوب.
( الايجابيات والسلبيات )
الوقفة الخامسة: ان ادبيات هذا الموضوع "العولمة" مليئة، بصورة مذهلة بالطرح السلبي لحركة العولمة، كما ان هذه الادبيات كذلك مليئة بالصورة المذهلة نفسها بالطرح الايجابي لهذا التوجه ومن يسع إلى تعضيد أي من الرأيين فلن يعدم وجود الجدليات المقنعة ولست اريد ان اكون من اولئك الذين ينهجون احد النهجين، اذ ان هناك موقفاً ثالثاً نسمية في ثقافتنا التوقف حتى يتبين الامر، وتكون هناك قدرة على الموازنة بين ايجابيات التوجه وسلبياته مما يعني انه توجه لا يخلو من الايجابيات كما انه كذلك لا يخلو من السلبيات وقد يتهم بعض المتابعين هذا الموقف المتمثل في التوقف انه مدعاة إلى مضي القطار دون اللحاق به ومع هذا فمن قال ان العبرة في ركوب هذا القطار وذلك انه قد يؤدي إلى نفق مظلم يصعب الخروج منه.
ويصعب تتبع الوقفات السلبية ازاء العولمة الحديثة كما يصعب في هذا المجال الضيق تحليل بواعث الوقفات السلبية، الا ان تتبعي لادوات العولمة ركزت لدي هذه النظرة السلبية التي لا تقوم بالضرورة على منطق التحفظ لدوافع ثقافية فحسب، بل ان من دوافعها عدم الرضا عن المد الغربي الذي يراد له ان يكون بديلاً لما تنادي به بعض التيارات المحلية او الاقليمية إلى درجة الدعوة إلى العولمة المضادة من منطلق فكري يوحي بالرغبة في تسجيل المواقف ضد توجه فكري آخر قادم من الغير.
ولقد اسهم خمسة عشر كاتباً في ندوة العولمة والتحولات المجتمعية في الوطن العربي التي عقدها مركز البحوث العربية والجمعية العربية لعلم الاجتماع في القاهرة ولقد وجدت اسهاماتهم تصب في هذه النظرة السلبية تجاه العولمة، رغم ما ظهرت به بعض الطروحات من اسلوب جلد الذات.
ولعل من المناسب هنا تبني الدعوة إلى اطلقها عبد الله بن يحيى المعلمي في ورقة له عن الاقتصاد والثقافة في الوطن العربي: نظرة مستقبلية، اذ يعرض لثلاثة مواقف من العولمة، الانغلاق الكامل، او الاندفاع نحو الانفتاح، او تقبل الانفتاح ومواجهة التحديات بالعمل على بناء المؤسسات الوطنية والفكر الذاتي القادر على التعامل مع معطيات العصر، والاستفادة من رياح العولمة والتأثير فيها.
ولا يتنافى هذا الموقف مع ما ينادي به كتابنا ومفكرونا من ضرورة الحفاظ على الخصوصية الثقافية، اذ ان هذه الخصوصية هي التي تدعو إلى الموقف المتوازن وهذه الدعوة إلى الخصوصية الثقافية ليست وليدة المجتمع العربي المسلم، بل ان فرنسا قبل ذلك تشبثت بما اسمته الاستثناء الثقافي في ظل هذا الزحف القادم من وراء البحار.
( متابعة المتغيرات)
الوقفة السادسة: انه اذا كانت العولمة ستسعى إلى توحيد العالم حضارياً بنقل التقنيات الحديثة فلا يعني ذلك انها ستوحد العالم ثقافياً، او انها ستقضي على الخصوصيات الثقافية، وفي هذا الصدد يقول الامير سعود الفيصل: ومما هو مدعاة للاسف ان الفكر العربي لم يواكب ما حملته المتغيرات الدولية المتسارعة من فرص وتحديات فبدلاً من التفاعل الايجابي مع العولمة انشغل بعض المفكرين بالتحذير من شرورها وتهرب البعض الاخر من ممارسة النقد الذاتي والتحليل الموضوعي في زمن نحن احوج ما نكون فيه اليهما.. ولعل من اخطر التطورات الفكرية السلبية ان يشيع لدى بعض العرب اليأس والقنوط، او ان يستبطنوا الهزيمة الداخلية، فيروجوا لخطابات اعتذارية غير مقنعة، او خطابات تثبيطية تبالغ في جلد الذات واقتناص العيوب وتضخيم السلبيات.
ومع هذا فقد كانت الخصوصية بمفهومها الاهم هي اولى محاذير العولمة التي يتحدث عنها محسن احمد الخضيري التي يمكن اجمالها في الاتي:
1- محاذير انعدام الخصوصية وشيوع العمومية.
2- محاذير التغريب والاغتراب عن الذات.
3- محاذير غياب الوعي والاستلاب من الداخل.
4- محاذير التراجع والارتداد والنكوص والجمود والتحجر.
5- محاذير التماثل في مجالات ادارة الاعمال والمال والتجارة والمعلومات.
6- محاذير حرية الحركة واعطاء المعنى والتفاوض عليه.
7- محاذير اتساع الفجوة الاجتماعة والاتصالية.
8- محاذير تسارع الحراك الاجتماعي.
9- محاذير التخلي عن الواجبات والمسئوليات سواء من جانب الدولة ام من جانب الاعمال.
10- محاذير الاضطراد المتنامي والانخراط المتناظم في اطار مفروض بقوة فوقية.
(الاستثمار الاجنبي)
الوقفة السابعة : اننا بفعل العولمة مقبلون على مفهوم الاستثمار الاجنبي المباشر فلم يعد هناك قدرة على الاكتفاء بالاستثمار المحلي وهذا يعني فيما يعنيه مزيداً من الانفتاح على العامل الوافد الذي سيجلبه المستثمر الاجنبي معه مما يؤدي إلى مزيد من مزاحمة العامل الوافد للعامل المحلي غير المؤهل او غير المدرب.
وهذا الوضع يؤكد مرة اخرى على اهمية الالتفات الكلي إلى التدريب والتأهيل للعامل المحلي بحيث تملك دول المنطقة القدرة على تقديمه لا ليحل بالضرورة محل العامل الوافد كلية ولكن ليقف معه جنباً إلى جنب على خطوط الانتاج.
وهناك دراسات جعلت توطين الوظائف من عوائق الاستثمار "35.3% من الاستبانة التي اعدت لمعرفة معوقات الاستثمار" مما يزيد من هذا الأمر تعقيداً لا سيما مع الانفتاح للاستثمار الاجنبي الذي قد يشترط نوعاً خاصاً بل ربما جنسية خاصة من العاملين، ومما يؤدي في الوقت نفسه إلى قدر عال من الاغراق بأنواعه الثلاثة: الاغراق المؤقت والاغراق الدائم والاغراق الضاري لا سيما على الدول النامية.
(مخاطر الحماس الزائد )
الوقفة الثامنة: انه لا ينبغي ان نكون عولميين اكثر من العولميين انفسهم فننساق وراء مفهومات لم تتضح معالمها بعد ونبدي من الحماس للعولمة على انها المخرج إلى التنمية على حساب ظروفنا الخاصة التي تقتضي منا التريث دون التوقف، والتؤدة دون التعطل، والتأمل دون الابطاء، مع الاخذ في الاعتبار ان الانخراط في تيار العولمة الذي تمثله الان منظمة التجارة العالمية قد ترك هامشاً جيداً لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية القيم الدينية والاخلاقية والتراث الثقافي والصحة البشرية والحيوانية وكذا الحفاظ على اللغة لا سيما اللغة العربية التي ارتبطت بالدين والقرآن والحديث والتراث العربي الاسلامي، والتي تعد من اهم الملامح التي تكون هوية الامة وتميزها عن غيرها من الامم، فاللغة والدين هما العنصران المركزيان لاي ثقافة او حضارة، كما يؤكد ذلك هنتجتون في كتابه صدام الحضارات، ومن هنا فان أي تحد لثقافة ما ينطوي على تحد للغتها.
وفي هذا الصدد يقول احد المحاضرين عن العولمة ان مواجهة الافرازات العقائدية للعولمة الغربية لا تكون بالرفض السلبي او بالشكوى والتحذير السطحي، بل بالتعامل الموضوعي والجدي معها والعودة إلى مكنون الفكر والتراث الاسلامي واعادته إلى موقع الريادة والمقدمة وطرحه، ليس كبديل معاصر بل كأصل تغافل الناس عنه وانغمسوا في بدائل واهنة لا ترقى إلى مضمونه، فان مواجهة التداعيات المادية للعولمة لا تكون هي الاخرى ذات جدوى اذا لم تقترن بعمل منهجي لاصلاح هيكل الاقتصاد العربي ليكون شريكاً فاعلاً في رسم معالم العولمة وصانعاً لاستحقاقاتها وهي معالم ما زالت غضة تستوعب القادرين على تعديل معالمها وتوجهاتها، والقدرة مرحلة متقدمة من صراع الانسان مع قدراته الذاتية والمكتسبة، وهو صراع حضاري لا يمكن التغلب عليه بالانكفاء والتخاذل والرفض وهذا ما يؤكده كذلك عبد الحي زلوم في كتابه نذر العولمة.
(الانفتاح على العالم )
الوقفة التاسعة:ان الانضمام لمنظمة التجارة العالمية المتوقع اكتماله لدول الخليج العربية قبل نهاية هذا العقد الهجري 1421 - 1430ه/ الميلادي 2001 - 2010م ان شاء الله، سيؤدي مما يؤدي اليه إلى الانفتاح الاقتصادي على العالم واتخاذ الاجراءات الادارية والنظامية "القانونية" لتسهيل هذا الانفتاح وذلك بمراجعة الاجراءات الادارية والانظمة مثل مشروعات التوطين للقوى البشرية ونظم "قوانين " العمل والتأمينات الاجتماعية وهذا ما بدأ بالفعل لثلاثة عقود مضت 1390 ه - 1970م بما في ذلك زيادة مؤسسات التعليم والتدريب من كليات تقنية ومعاهد فنية ومراكز تدريب على المستويين الحكومي والاهلي ثم اتخاذ الاجراءات التي تكفل مزيداً من الدعم لحملة التدريب والتأهيل مثل صناديق تنمية الموارد البشرية وتلمس مواطن فرص العمل و تفعيل اجراءات اشغالها وتنظيم اجراءاتها وايضاً ما يدخل ضمناً في تنمية الموارد البشرية من حملات صحية اسهمت باذن الله في مكافحة الامراض والارتقاء بمستوى الصحة العامة وبالتالي زاد معدل متوسط عمر العامل المتوقع إلى 65 سنة وانخفض معدل وفيات الاطفال بما يزيد على 50% وكل هذا يدخل في مفهوم الالتفات إلى الحماية الاجتماعية بما في ذلك ما يتعلق بعمل الاطفال والنساء والبيئة ويزيد هذا من وجود ارضية للتفاهم بين اعضاء المنظمة.
ومع هذا فان هناك تخوفاً من ان تنزلق دول المنطقة والدول العربية والاسلامية إلى استيراد المعايير الاجتماعية بما فيها تهيئة الموارد البشرية من بيئات تختلف عنها اجتماعياً مما يؤثر على نجاح المعايير المستوردة عندئذ نعود إلى الغابة التجارية التي تسعى منظمة التجارة العالمية إلى الخروج منها إلى نظام قواعد وشفافية في التبادلات الدولية، كما عبر عن ذلك بيتر استيرلاند آخر مدير لمنظمة الجات واول مدير لمنظمة التجارة العالمية.
(الثروة البشرية )
الوقفة العاشرة: انه ينبغي التوكيد على ان الثروة الحقيقية الدائمة هي الثروة البشرية العاملة بكفاية ولقد اثبتت التجارب الدولية ان الثروات الحقيقية للشعوب لا تتأتى من مجرد توافر الموارد الطبيعية او من وفرة الجوانب المادية او في شراء التكنولوجيا الجاهزة فقط وانما من خلال تدريب الافراد وحسن تنظيم العملية التدريبية في المجتمع والارتقاء بالمفاهيم حول العمل وسلوكه والانضباط فيه.
ويذكر محمد علي حوات ان نجاح الاندماج مع معطيات العولمة انما يرتكز على تنمية الموارد البشرية وايجاد البيئة الملائمة للاستخدام الامثل لها فالاهتمام برأس المال البشري وزيادة قدرته على التكيف مع التطورات التكنولوجية الجارية عالمياً هو من اهم عوامل الاستفادة من آلية العولمة، بدلاً من الخضوع لسلبياتها، ويقوم هذا على اساس من الشورى - الديمقراطية وتحقيق العدالة بين المواطنين والاخذ بمبدأ الثواب والعقاب.
وهذا ما اكد عليه قرار منظمة العمل الدولية بشأن تدريب الموارد البشرية وتنميتها في دورتها الثانية والثمانين (جنيف ربيع الاول 1421 ه/ يونيو 2000م) الذي ركز على ان التدريب حق للجميع على اعتبار انه جنباً إلى جنب مع تدابير اخرى اخذ ادوات التصدي للتحدي الذي يمثله القطاع غير المنظم الذي لا يحظى بالحماية ويتسم في معظم الحالات بانخفاض الدخل والانتاجية معها مما يفضي هذا التصدي في النهاية إلى ايجاد العمل الشريف.
الوقفة الحادية عشرة: انه من المهم التوكيد في ضوء هذا التسابق المحموم نحو تبني معطيات العولمة ان الاستثمار الحقيقي في منطقة الخليج العربي على الخصوص، وفي غيرها كذلك يمكن الاستثمار في القوى البشرية من حيث التعليم والتدريب والتأهيل والتنشئة قبل ذلك كله، وانه مهما انفقت الدول على هذا الاستثمار فانها في النهاية هي الرابحة، والعكس صحيح، وهذا يتطلب التوكيد على ذلك في خطط التنمية التي لم تغفل ذلك ابتداء،ولكن التوكيد على تطبيق ذلك وابرازه ضروري جداً في ضوء ما اطلعت عليه من ادبيات تتحدث عن طروحات العولمة وما خرجت به من تصورات وان كانت عجلى تظهر ان هناك قدراً من التغاضي عن الاستثمار في الموارد البشرية، ذلك التغاضي الذي يثير كثيراً من التساؤلات حول مصير القوى البشرية ان لم تتدارك الدول ذلك، وتسارع في تكثيف استثماراتها في القوى البشرية المتنامية.
الوقفة الثانية عشرة: انه ينبغي ان نقارن بين مواردنا البشرية المحلية/ الخليجية وما تحتاجه اسواق العمل في المنطقة من قوى عاملة واذا كان المستهدف لدى منظمة التجارة العالمية هو ان تكون نسبة 25% من القوى العاملة من غير المواطنين فان الواقع ان المعادلة لدينا معكوسة، اذ لا يعمل الا 25% تقريباً في سوق العمل من المواطنين في القطاع الخاص خاصة، والبقية وافدون، مع ان نظام العمل والعمال في المملكة العربية السعودية الصادر سنة 1389ه/ 1969م قد اكد على هذه النسبة قبل فرضها من قبل المنظمة.
ضرورة تنمية الموارد البشرية للتعامل مع العولمة
العولمة ليست تبادلا تجاريا فقط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.