عزيزي رئيس التحرير بالاشارة الى تعقيب مدير العلاقات العامة بالهيئة الملكية - مشروع الجبيل الاستاذ عبدالله العجمي على مانشرته صحيفة (اليوم) تحت عنوان (خفايا السوق) المنشور بتاريخ 29/11/1424ه والذي نفى فيه ان تكون هناك انبعاثات للغازات صادرة من المصانع في مدينة الجبيل الصناعية، عليه أود التعقيب بالآتي: ان رد الاستاذ عبدالله العجمي اكد الحقيقة من حيث لا يعلم وهي الحقيقة الظاهرة لكل مراقب بان هناك انبعاثات غازية تزكم الانوف وتعرض حياة المواطنين للضرر تصدر من بعض مصانع شركة سابك ومصانع اخرى انبعاثات ادت الى تلوث البيئة واصابت الكثير من المواطنين بالالتهابات الصدرية وخصوصا الاطفال حديثي الولادة حيث تشير الاحصائيات الطبية غير المعلنة الى أن هناك تزايدا مستمرا في عدد حالات الربو والالتهابات الصدرية وهذه على المدى القريب, اما على المدى البعيد فنسأل الله السلامة من الامراض الاكثر سوءا. نعود الى بيان الاستاذ عبدالله العجمي الذي حاول من خلاله جاهدا ان ينفي دون ان يستخدم كلمات النفي المباشرة بل انه استبدلها بجمل انشائية وتعابير جعلته ينفي النفي الذي هو بصدده وهو تأكيد للخبر المنفي. فعلى سبيل المثال اورد مانصه: (وتوضح القراءات والبيانات المستخرجة من هذه المحطات (محطات الرصد) ان نوعية الهواء بشكل عام جيدة ومطابقة للمعايير البيئية للهيئة الملكية ولم تسجل اي انبعاثات لغازات مضرة بالبيئة زائدة عن المعدل في السنوات الاخيرة). وفي هذا الجزء فقط نلاحظ الآتي: يقر الاستاذ عبدالله من حيث لايدري بوجود انبعاثات غازية ولكنها اقل من المعدل فالنفي لم يأت بالكلية بل حدد بأنه لم تكن هناك انبعاثات زائدة عن المعدل المسموح به وفي هذا اقرار بوجود الانبعاثات الغازية وهو تأكيد لما ورد في زاوية (خفايا السوق) المنشور في صحيفة (اليوم) بتاريخ 13/11/1424ه. يربط الاستاذ عبدالمحسن بين معدل الانبعاثات الغازية المسموح به وبين المعايير البيئية الخاصة بالهيئة الملكية والمعروف ان المعايير البيئية هي معايير عالمية تطبق في جميع انحاء العالم وليست معايير خاصة بجهات محددة فصحة الانسان وطبيعته متطابقة في جميع انحاء العالم. المعايير العالمية تمنع بعض المصانع الخطرة من ممارسة نشاطها داخل المدن او بالقرب من التجمعات السكانية مثل مصانع المبيدات السامة وبعض مصانع البتروكيماويات الخطرة التي يؤدي تسرب الغاز منها الى دمار شامل بينما سمح هنا لشركة بتروكيميا (بن حيان) بتصنيع غاز فينيل كلوريد الاحادي VCM وهو غاز يؤدي الى الاصابة بالسرطان في حال تعرض الانسان الى كمية من هذا الغاز تزيد على الواحد من المليون (1:1000000) وغيرها من الغازات الخطرة والمبيدات والعوازل السامة هناك دول محددة كاليابان وبعض الدول الاوروبية لاتسمح بوجود بعض مصانع البتروكيماويات على اراضيها وان سمحت فانها تشرط ان تبنى في مناطق غير مأهولة. يقودنا هذا الى الاعتقاد (اعتقاد يرقى الى حالة الجزم) بان المعايير التي تطبقها الهيئة الملكية لاترقى الى مستوى المعايير العالمية وان اجتهدت مكاتب العلاقات العامة جميعها في نفي هذه الحقيقة كما ان التعامل مع بيانات محطات مراقبة جودة الهواء لايتم بالطرق العلمية العادلة, ولو كان الامر كذلك لاكتفى الاستاذ عبدالله بنشر البيانات الدقيقة لمخرجات اجهزة الرصد ومقارنتها بالارقام العالمية المسموح بها دوليا شريطة ان تكون هذه البيانات مأخوذة في اوقات محددة ثبت من خلالها لمعظم سكان الجبيل وجود بعض الانبعاثات الغازية من خلال استنشاقهم لها. في ختام رد الاستاذ عبدالله حاول ان يجعل من المواطنين المتضررين شهودا على عدم وجود انبعاثات غازية في الجبيل فتحدث نيابة عنهم بثقة كبيرة قلما تجدها عند احدهم في تقييمه لوضع متعلق به شخصيا حين قال (كما نفيدكم بأن الكثير من العامة يقيمون الوضع اما بحاسة النظر او بحاسة الشم الامر الذي لايعطي دليلا على وجود تجاوزات بيئية). ولعلنا نقبل منه هذا التأكيد شريطة ان يتم من خلال استفتاء عام تنشر نتائجه بحيادية كي نضمن الحصول على الاجابة الحقيقية من معظم سكان مدينة الجبيل, وانني هنا اؤكد على ان هناك انبعاثات غازية نستنشقها يوميا وتزيد نسبتها في ايام الخميس والجمعة وفي اوقات الفجر من كل يوم كما اؤكد على انني ارى بأم عيني سحب الدخان الكثيف وهي تغطي مدينة الجبيل خاصة الجبيل البلد، وحمم اللهب المتزايدة التي نسمع هديرها على بعد خمسة كيلو مترات دون مبالغة بل ربما ابعد من تلك المسافة وقطعا فان هذا اللهب والهدير غير الطبيعي لاينتج الا بسبب احراق الغاز الذي لايمكن السيطرة عليه داخل المصنع وكذلك أنقل عن اقربائي وجيراني الذين لا اكاد ارى احدهم الا واسمع تذمره الشديد من حالة التلوث الشديدة التي بدأت تعم جوانب الجبيل ولعلي ادعو الاستاذ عبدالله الى صلاة الفجر في مسجد البوحمود ثم التجول في المنطقة المحيطة بعد الصلاة كي يكون شاهدا على نفسه قبل ان يكون شاهدا على هذه المصانع. مدير العلاقات العامة بالهيئة الملكية لم يكتف بالدور الذي اوكل اليه من الهيئة الملكية بل زاد تطوعا كما يفعل بعض المسؤولين فأفتى بمعلومات طبية اعتقد ان مجاله بعيد كل البعد عنها فذكر مانصه: (فبعض الغازات لها رائحة غير مألوفة وليست لها آثار ضارة بالصحة) هذه الغازات التي تحدث عنها هي غازات صادرة عن مصانع بتروكيماوية اي ان المدخلات والمخرجات جميعها من المصادر الخطرة على صحة الانسان والبيئة لذا توضع المعايير القاسية للحد من اي تسرب لهذه المواد ان كان على شكل غاز يتلقفه الجو او كان على هيئة سائلة يتسرب الى الارض ثم الى تجمعات المياه السطحية. وللايضاح اورد هنا بعضا من الغازات التي تسربت بالفعل وتتسرب بصورة متقطعة خصوصا في يومي الخميس والجمعة وفي اوقات الفجر من سائر الايام. ثاني اكسيد الكبريت SO2 وغاز هايدو اكسيد الكبريت H2S ويصدر عن شركة ساسرف. غاز الامونيا وهو غاز كثير التسرب ويلاحظه المواطن العادي ويصدر عن بعض الشركات مثل شركة سماد وابن البيطار. هناك ايضا تناثر مخيف لنشارة الحديد الصادرة عن مصنع حديد التي تصل الى اكثر من خمسة كيلو مترات نحو الجنوب مما يؤثر سلبا على الغطاء النباتي ومناطق الرعي وتلوث الجو. هناك بعض الغازات الخطرة جدا التي من الممكن تسربها في اي لحظة اذا لم يتم التأكد والتحوط الدائم من معايير السلامة الصارمة التي تطبقها المصانع المنتجة لها وغازات اخرى تتسرب دون ان يلحظها المواطن العادي ولكنها قطعا لن تكون عطورا باريسية بل سموم تقود الى الهلاك لو استمرت في التسرب. نخلص الى القول ان مصانع شركة سابك والمصانع الاخرى المتواجدة في مدينة الجبيل الصناعية تنتج غازات خطرة على صحة الانسان وسلامة البيئة ومهمة مراقبتها والتأكد من سلامة وضعها التقني ومعايير السلامة فيها مهمة معقدة جدا ينبغي وبشكل قاطع ان تكون في ايد متخصصة قادرة على التعامل مع هذا الكم الهائل من المصانع والمواد الخطرة. هناك معايير عالمية تساعد على الحد من الاخطار المتوقعة من مثل هذه المصانع ولا تمنعها بالكلية وهناك شركات رقابية عالمية متخصصة في التأكد من تطبيق هذه المعايير وهناك منظمات دولية تحدد المعايير والاسس التي يجب ان تبنى عليها الانظمة والشروط التي من خلالها تستطيع مصانع البتروكيماويات العمل من خلالها. نحن نحتاج الى خبرة هذه المنظمات العالمية لوضع الاسس والمعايير الرقابية والاحترازية للحماية من انبعاث غازات المصانع خصوصا في السنوات القادمة وهي السنوات التي تبدأ بها اجهزة هذه المصانع بالتآكل وبذلك تبدأ المشاكل البيئية والصحية. اذا كانت هذه المصانع تتسابق وتتقاتل من اجل الحصول على شهادة الجودة العالمية في الانتاج وتسمح للمنظمات العالمية بتقييمها من الداخل والاطلاع على ادق تفاصيل الانتاج فلماذا لا تسمح بوجود هيئات رقابية عالمية مستقلة تراجع اداءها بشكل مستمر لترشدها الى مناطق القصور في تطبيق المعايير العالمية ولتطمئن المواطنين بسلامة موقفها. ان تمثيل السكان الرسمي يجب ان يتم تطبيقه من خلال الدولة ومن جهات مستقلة مثل هيئة الارصاد وحماية البيئة تقوم نيابة عنهم بالمتابعة والمعاينة وذلك يجب الا يتم على انه تفضل منهم وكرم بل يجب ان يكون واجبا يفرضه القانون عليهم فالانتاج وزيادة الدخل ليسا مقدمين على صحة المواطن. واخيرا يجب التأكيد على ان لكل بيئة مقدرة محددة على تحمل الملوثات المختلفة فلا وجود للبيئة الخالية من التلوث ولكن هناك بيئات تقل فيها نسبة التلوث واخرى تزيد لذا يجب ان يضع المخططون الاستراتيجيون حدا لتوسع مصانع البتروكيماويات في الجبيل فقد بلغت صناعة البتروكيماويات حدا لا تستطيع معه من الموازنة المطلوبة بين مخرجات الانتاج ونسبة التلوث لذا يجب ان يكون التوسع في الصناعات الاخرى غير الملوثة للبيئة اما الصناعات البتروكيماوية الجديدة فيجب ان يوفر لها منطقة صناعية جديدة بشرط ان تكون بعيدة عن المناطق المأهولة كي لا نقع في اخطاء الماضي من جديد. فضل بن سعد البوعينين