عزيزي رئيس التحرير لايستطيع ان ينجح في الحياة الا القليل، وهؤلاء الاقلية سيثيرون الحسد في نفوس من حولهم، وعندما يصادفك النجاح في طريقك فان الناس الذين يتعين عليك ان تخشاهم اكثر من غيرهم هم اولئك اللصيقون بك في دائرتك من الاصدقاء والمعارف الذين تركتهم خلفك اذ ان مشاعر النقص تقضهم وتنخر في داخلهم, ففكرة نجاحك لاتؤدي إلا الى زيادة شعورهم بالركود، فيسيطر عليهم الحسد الذي يسميه الفيلسوف كيركاغارد (الاعجاب التعيس) وقد لاتراه ولكنك سوف تحس به ذات يوم الا اذا تعلمت استراتيجية الابتعاد وتقديم التضحيات، فاما ان تقوم بطمس شيء من بريقك بين الحين والآخر، متعمدا ان تكشف عن عيب او ضعف او قلق او عزو نجاحك الى الحظ او ان تعثر لنفسك عن اصدقاء جدد. واياك ان تقلل تقدير قوة الحسد. يقول ارثر شوبنهاور ان الحسود يصبح مخترعا لحيل ومخططات لانهاية لها لاخفاء نفسه وراء الاقنعة. وهكذا فانه قادر على التظاهر بتجاهل تفوق الاخرين الذي يأكل قلبه وكأنه لم يرهم ولا يسمعهم ولم يع بوجودهم ولم يسمع بهم قط. وهو متقن لفن التمثيل وهو من جهة اخرى يحاول بكل قوته ان يتواطأ وبذلك يمنع اي شكل من اشكال التفوق من الظهور في اي وضع. فاذا ظهرت حالات التفوق هذه القى عليها الغموض والخمول والنقد المفرط والسخرية والتشهير، كالعلجوم الذي يبصق السم من وكره الطيني. وهو من جهة ثالثة يقوم بلا انقطاع برفع الاشخاص التافهين وضئيلي الجودة وحتى الناقصين في بعض انماط النشاط. فاياك ان تصل بك الحماقة الى حد الاعتقاد بانك تثير الاعجاب عندما تزدهي باستعراض الخصال التي ترفعك فوق الآخرين.. ذلك انك عندما تشعر الآخرين بتدني مكانتهم فانما تثير في نفوسهم (الاعجاب التعيس) او الحسد، الذي يقضهم حتى يقوضوا مكانتك بطرق لاتستطيع التنبؤ بها, فالاحمق هو الذي يتحدى الحسد بالتفاخر باستعراض انتصاراته اما صاحب السلطة الذكي فيفهم ان مظهر التفوق على الآخرين ليست له اهمية بالمقارنة مع حقيقة ذلك التفوق المخفي. ولابعاد الحسد يوصي غراسيان بان يظهر الاقوياء ضعفا او حماقة اجتماعية صغيرة وثانوية.. اعط حاسديك شيئا يقتاتون عليه وعليك بالحذر من بعض أقنعة الحسد، فالمديح المفرط علامة تكاد تكون مؤكدة على ان مادحك يحسدك فاما ان يهيئك لسقطة لانه سيكون من المستحيل عليك ان ترتفع الى مستوى مديحه او ان يشحذ نصاله وراء ظهرك وفي الوقت نفسه فان اولئك المفرطين في انتقادك او الذين يشهرون بك علنا قد يكونون من حسادك ايضا فتعرف على سلوكهم باعتباره حسدا متنكرا وبذلك تنجو من مصيدة التقاذف المتبادل بالطين او من اخذ انتقادهم على محمل الجد المؤذي فاحصل على انتقامك بتجاهل وجودهم التافه. وكن على وعي بان بعض البيئات تؤدي الى الحسد اكثر من غيرها وآثار الحسد اخطر بين الزملاء والاتراب حيث توجد قشرة من المساواة وقد قال هنري ديفيد الكاتب الامريكي (الحسد هو الضريبة التي يجب ان يدفعها التميز).. @ المرجع: كيف تمسك بزمام القوة. د. روبرت غرين تعريب د. محمد البجيري سرور محمد الحربي