من الضوابط السلوكية الفعالة في المجتمعات المتحضرة قدرة الفرد على تفعيل نمطية التعامل مع الآخرين من منهجية مكتسبة عن قناعة فكرية وثقافية تتبلور دائما في ثبات ذلك الموقف مهما تعددت الادوار للشخص في اليوم الواحد. ولعلنا دون مواربة شعب متحضر يعي قيمة كبح السلوك الشائن في كثير من مواقفنا الحياتية ولكن القلة هم الذين دوما يشذون عن القاعدة، ويحملون الآخرين وزر أخطائهم ووزر تصرفاتهم عندما يسمحون لأنفسهم بأن يتحرروا من تلك القاعدة السلوكية كلما فقدوا الرقيب وكلما أمنوا العقوبة وفي ذلك خلل يجب ان يدرس من قبل الاخصائيين النفسيين من اجل انتشال تلك الفئة القليلة من الازدواجية في السلوك، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد البعض ودودا امام مصعد بناية من البنايات وهو يهش ويبش في وجه المنتظرين معه الدور وعندما يهمون بالركوب نجده اول من يتنازل عن دوره او انه يقدم غيره على نفسه بدواعي الترابط الاجتماعي وأثرة الآخرين على النفس ولكنه عندما يمتطي سيارته في الشارع ويغيب عن الوجوه التي يألفها وتألفه نجده يتحول بقدرة قادر الى "ابن جلا وطلاع الثنايا" يسب هذا ويعتدي على ذاك وكأنه يتحرر من القيود التي ألزمها نفسه في جانب من جوانب حياته وخرقها في الجانب الآخر. ولنقس على ذلك المقياس كثيرا من التصرفات التي نجدها في اولئك المتذبذبين سلوكيا.. ولعله من المرجو دراسة تلك الظاهرة دراسة متعمقة ووضع الحلول لها في المدارس.. فكما ان علم الادارة وضع منهجية (ادارة الوقت) واصبح علما يدرس في الجامعات وهو المفهوم الذي ينص على ادارة الذات من الداخل للتخلص من المعوقات الوقتية في المفهوم الحياتي ككل.. فحري ان يكون للسلوك نفس المقياس ونفس النمط.. فهما مفهومان يمسان الشخصية من الداخل ويخلصانها من الترسبات النفسية ويمكنانها من الوصول الى سلاسة التعامل من المنظور الإيجابي للحياة. خصوصا ان ديننا الاسلامي اثرى العقول بتلك المفاهيم الخيرة، ولكننا نحن بحاجة الى تثبيت تلك القواعد السلوكية عقائديا ومنهجيا لكي تتحضر النفوس قبل ان يتحضر انسانها بفعل المؤثرات المعنوية والمادية وهنا تكمن المفارقة.. فالقناعة دائما جوهر لا يتغير مهما تغيرت الادوار..