ما زالت الحكومة الباكستانية تنفي بشدة علمها بأي اتفاقات مزعومة بين خبراء باكستانيين في المجال النووي وصفتها بأنها دول مارقة، ورغم ذلك يتعرض الرئيس الباكستاني برويز مشرف لضغط متزايد في أعقاب ما تردد من مزاعم عن تقديم علماء ومسئولين في مختبرات أبحاث كاهوتا المنشأة النووية الرئيسية في البلاد معلومات مهمة إلي إيران وليبيا وكوريا الشمالية. وبعد استجواب عدد من الخبراء في مختبرات كاهوتا على مدى شهرين فيما أطلق عليه جلسات الاستجواب تحركت الحكومة أخيرا في مطلع الاسبوع الجاري لمحاولة الحد من الضرر واعترفت بأن شخصا أو شخصين تصرفا بطريقة غير مسئولة لتحقيق مكاسب مالية، لكن وزير الاعلام الباكستاني شيخ رشيد أحمد أكد رغم ذلك أن ترسانة باكستان النووية تخضع للرقابة و لم يحدث في أي وقت نقل لتكنولوجيا نووية. وحتى وقت قريب كانت إسلام أباد ترفض بشدة مزاعم عن تسريب معلومات نووية ووصفتها بأنها محاولة للاضرار بباكستان، التي بالرغم من عدم انضمامها رسميا إلى اتفاقية حظر الانتشار النووي إلا أن مشرف أكد مرارا أن بلاده تتعامل مع التكنولوجيا النووية والمعلومات المتعلقة بها على نحو يتسم بالمسئولية. وفي خطوة وقائية من جانبه فيما يبدو أعلن مشرف أن العلماء الذين سربوا المعلومات النووية والذين لم يكشف عن هوياتهم بعد سيتعرضون لعقوبات شديدة، الامر الذي من شأنه بحسب مراقبين اثارة معارضيه وخصومه بدرجة أكبر. ويرى عديد من الباكستانيين أن تطوير ما يصفه البعض بالقنبلة النووية الاسلامية من أعظم الانجازات التي حققتها بلادهم. والعالم الباكستاني عبد القادر خان الذي أسس مختبرات أبحاث كاهوتا أحد العلماء الذين تحقق معهم السلطات ويحتمل أن يثبت تورطه في هذه الفضيحة النووية. وكان خان (67 عاما) قد درس في ألمانيا وفي مدينة ديلفت الهولندية قبل أن يعمل لدى شركة تتولى التوريد لشركة يورينكو الالمانية الهولندية التي تنتج أجهزة الطرد المركزي وتدير منشأة لتخصيب اليورانيوم بالقرب من جروناو في ولاية فستفاليا في ألمانيا. ويشتبه في أن خان سرق برامج تتعلق بتخصيب اليورانيوم من شركة يورينكو قبل تأسيس المعهد في باكستان وقبل أن يصبح (أبو القنبلة النووية الباكستانية). وينظر إلى خان وزملائه كأبطال قوميين في باكستان ومن ثم فقد أثار اعتقالهم واستجوابهم موجة من الاحتجاجات من أحزاب المعارضة والمحامين. وقال أحد أعضاء البرلمان من تحالف الحزب الاسلامي الذي يحظى بنفوذ قوي إن باكستان تشهد الآن أحلك مرحلة في تاريخها لان أبطالها في مجال الردع النووي يتعرضون للاذلال والهوان لمجرد إرضاء واشنطن. ويحظى مشرف بدعم الادارة الامريكية رغم القلق الذي يساور البيت الابيض حاليا من احتمال تسرب معلومات نووية إلى دول تنتمي إلى ما وصفه الرئيس الامريكي جورج بوش العام الماضي بمحور الشر. وحتى إذا بدا في وقت ما أن باكستان شريك لا يمكن الاعتماد عليه كثيرا في الحرب على الارهاب فإن مثل هذه الخطوة يمكن أن ترتد بسهولة إلى نحر الرئيس الباكستاني وتضعف موقفه المزعزع والمحفوف بالمخاطر في الوقت الراهن.