د. سمير سرحان ليس فقط ظاهرة ثقافية مصرية مهمة، لكنه ايضاً الدينامو المحرك لمشروعين ثقافيين تشهدهما مصر والعالم العربي، وهما معرض القاهرة الدولي للكتاب، ومشروع مكتبة الاسرة، والاهم من ذلك يعد من ابرز المفكرين المصريين والعرب، ولعل ادارته لهذين المشروعين الثقافيين بعقلية المفكر والمثقف كانت من اسباب نجاحهما.. (اليوم) التقته ودار الحوار التالي حول معرض الكتاب وقضايا اخرى: @ هل لنا ان نتعرف على اهم ملامح الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب؟ * قام الرئيس محمد حسني مبارك بافتتاح المعرض بمصاحبة وزير الثقافة فاروق حسني، وبحضور مجموعة من الوزراء وكبار الزوار والشخصيات السياسية والفكرية البارزة ويشارك في المعرض اكثر من ثلاثة آلاف ناشر يمثلون تسعين دولة عربية واجنبية. وكان قد شارك في المعرض في دورته السابقة ثلاثة آلاف وستمائة ناشر مصري وعربي واجنبي مثلوا سبعاً وتسعين دولة وعرضوا اربعة ملايين كتاب، ومن القضايا البارزة التي يركز عليها المعرض ما يتعلق بالوجود الامريكي في العراق في مرحلة ما بعد صدام حسين، وقضايا تتعلق بالواقع الثقافي العربي ازاء تحديات العولمة، فضلاً عن عقد العديد من الندوات والمناظرات والحوارات التي تشهد مشاركة كبار المفكرين المصريين والعرب من تيارات مختلفة، وذلك بخلاف الانشطة والفعاليات الثابتة في كل عام، ومن بينها فعاليات مخيم الابداع وسراي الشعراء والمقهى الثقافي وسوق عكاظ، وغيرها وقد وجهنا الدعوة لعدد من كبار المبدعين العرب من شعراء وروائيين ونقاد وكتاب، ومن بينهم السوداني محمد الفيتوري والفلسطيني محمود درويش بالاضافة إلى الطيب صالح والطاهر وطار والطاهر بن جلون.. وغيرهم، ومن جهة اخرى فقد تشكلت لجنة تضم نخبة من المفكرين والنقاد والاكاديميين لبدء فحص الكتب الادبية والسياسية والاجتماعية والنقدية والثقافية المرشحة من دور النشر المصرية والعربية لنيل جائزة افضل كتاب مصري وعربي. @ وماذا عن مشاركة المملكة في المعرض؟ * في البداية لا بد من التأكيد على اعتزازنا وتقديرنا لمشاركة المملكة في هذا المعرض، حيث ان جناح المملكة في المعرض يعتبر احد اهم الاعمدة الرئيسة التي نرتكن اليها في نجاح المعرض، وذلك لحرص المملكة، في ظل التوجيهات السامية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين - حفظهما الله - بضرورة المشاركة في التظاهرات الثقافية الهادفة والبناءة في كافة انحاء العالم، وفي المعرض اهم اصدارات لأكثر من 13 جهة مشاركة ضمن الجناح الموحد للمملكة لابراز ما تحقق للمملكة من تطور في نتاجها الثقافي والفكري والعلمي، وتعريف المجتمع الدولي بما تحقق لها من انجازات في المجالات الثقافية والفكرية وجوانب النهضة الحضارية التي تعيشها في عهد خادم الحرمين الشريفين.. اضافة إلى الفعاليات والندوات التي يقيمها المشاركون في جناح المملكة.. وذلك ما يوضحه الاقبال الكبير والاهتمام من قبل رواد المعرض بالحرص على زيارة جناح المملكة. @ بالنسبة لضيوف المعرض من الشخصيات العربية؟ * في هذا العام يأتي الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في يوم 25 يناير ليقرأ على الجمهور قصائد من ديوانه الجديد ولا تعليق على مجيئه سوى انه رمز كبير من رموز النضال الفلسطيني والعربي واننا نرحب به في كل وقت، كما ستأتي الشاعرة سعاد الصباح بعد انقطاع عشر سنوات عن الظهور العام. @ وماذا عن ادونيس؟ * لم يتم توجيه الدعوة له لانه اهان معرض الكتاب في العام الماضي. وانا اقول ان قامة مصر وقامة معرض الكتاب اكبر من قامة أي احد آخر. @ متى ينتهي تكرار اسماء مؤلفين بعينهم في كل دورة للمهرجان؟ * نحن ننشر لجميع المثقفين الكبار منهم خصوصاً، ولا بد ان يحدث تكرار، وهذا العام وبتوجيهات سوزان مبارك، اتجهنا للطفل من خلال مشروع اضافي هو اقرأ لطفلك فضلاً عن مشاريع الموسوعات التي تباع بسعر رمزي. @ الا تعد اعادة نشر هذه الموسوعات افلاساً؟ * ليس افلاساً بل تغطية لطلبات السوق، فقد انهالت الطلبات التي تريد اعادة طبع موسوعة مصر القديمة التي نفد منها 150 الف نسخة. @ مع كامل تقديرنا لانجاز سليم حسن، لماذا لم يتم تحقيقها وخصوصاً انه مضى على تأليفها زمن كبير تغيرت فيه حقائق ومفاهيم؟ * آثرنا تقديمها كما هي باعتبارها نوعاً من الوثيقة ودلالة على الانجاز الضخم الذي حققه هذا العالم الفذ بجهد يحتاج إلى مؤسسة. @ هل جمهور القراء اقل اذا ما قورن بفترة الستينيات؟ * بالطبع هناك قراء، بدليل ان هناك كتباً تباع وتقرأ، ومعرض الكتاب يتردد عليه اكثر من 5 ملايين مواطن، وانا اختلف حول هذه المقولة التي ارتحنا اليها وهي ان الناس كانت تقرأ في الستينيات اكثر من الآن، فهذه مقولة سهلة، ويجب الا نرتكن اليها، ولكن ليس هناك حرية نقدية واعلامية ولا اجتماعية مواكبة لهذا، والستينيات لم تكن هي الفترة الذهبية، الآن هو العصر الذهبي للقراءة. @ لقد قامت اسرائيل بترجمات كاملة لاعمال نجيب محفوظ بالعبرية.. وهذا يبرز السؤال: ماذا فعلنا نحن؟ * هم يحتاجون هذا، ولكننا لا نحتاج اليه، هم يحتاجون ان يعرفوننا ولكننا لسنا في حاجة ان نعرفهم. @ ألسنا في حاجة لأن نعرفهم؟ * وماذا سنعرف فيهم؟ نحن نعرفهم جيداً فليس لديهم شيء، لا ادب ولا فكر ولا ابداع، لديهم رواية واحدة ليائيل دايان التي حاولت ان تكون فرانسوا ساجان، ولديهم فرقة موسيقى سيمفوني، وهذا كل شيء ولكن نحن لدينا كل شيء، لدينا زخم حضاري ومفردات ثقافية. @ ما رأيك في مصطلح الغزو الثقافي؟ * انا اؤمن بصلابة وقوة الهوية العربية، نحن نقف على تاريخ عريق، ليس هناك شيء اسمه غزو ثقافي، وقد يكون هناك غزو عسكري يأتي ويزول، ولكن هناك الحضارات والهوية القديمة جداً للشعوب العربية، نحن لدينا مفردات مرعبة، ثم بدخول الاسلام صنع الاسلام هوية قوية وترجمات وافكار. واذا كنا تخلفنا تكنولوجياً عن ركب التقدم العلمي، سنصلح ذلك، واذا لم نصلحه ندرك اننا سنخرج من الركب العلمي للتاريخ، وليس الحضاري، ومن يقول ان هناك صراعاً بين الحضارة الشرقية والغربية مخطئ، فهناك حوار وليس صراع وانا ضد استسهال الالفاظ مثل الغزو الثقافي وغيره، ونحن حضارتنا الآن جمل او كما قال زكي نجيب محمود، حضرة الكلامونيا فنكون جملة براقة ثم نصدقها. @ وماذا عن في المجلات الثقافية؟ * انا ارى ان المجلات الثقافية الموجودة الان لا تلبي حاجة المجتمع، لان تفكيرها تفكير (ستيني) بمعنى انها تحوي مقالات وبضع قصص، ويكتب رئيس التحرير المقال الافتتاحي، وتكون هكذا مجلة، والحقيقة ان دور المجلة الثقافية اختلف تماماً مع وجود الانترنت ومجتمع المعلومات والمعرفة، نحن في حاجة إلى مجلات فكرية تصلنا بالعالم وبمنجزاته التي لا نلاحقها، فكل يوم يحدث جديد ويظهر الجديد. @ برأيك كيف السبيل للتواصل مع الغرب؟ * للتواصل مع الغرب لا بد ان يكون لدينا ما لديهم من المقدرة على مخاطبة الغرب، من حيث معرفة العقلية الغربية وطريقة مخاطبتها ولا يمكن ان نخاطبهم بالمزايدات او بلغة الخطاب العاطفي او الاعلامي او الشعارات. @ هل تقصد ترجمة الثقافة العربية وتوصيلها للغرب؟ * لقد ترجم نجيب محفوظ، ونحن في هيئة الكتاب ترجمنا الادب العربي باللغة الانجليزية، ولكننا يجب ان نتساءل: هل الغرب يأخذ هذه الاعمال كنماذج لدراسة المجتمع دراسة فلكلورية؟ او على انها اعمال ابداعية حقيقية؟ وهل هم يعاملوننا كما كان يعاملنا المستشرقون؟ لهذا الذين ترجموا لم يصبحوا عالميين باستثناء نجيب محفوظ.