الانسان في حقيقته مخلوق مركب.. فكر وجسد كل منهما مؤثر ومتأثر بالآخر، فالحواس تغذي العقل بالمدركات كما يغذي العقل الحواس بالاوامر (تغذية راجعة)، فهي علاقة طردية بين الظاهر والباطن وما سلوك الانسان إلا تصوراته فهو كالوعاء لايفيض إلا بما استوعب. ومن المعلوم ان مفهوم التربية ومفهوم الرعاية يدل كل منهما بالآخر عند اول اطلاقة لذا وجب التفريق بينهما ولو من الناحية التربوية الاصطلاحية لتتضح الصورة ولكي لايهمش احدهما على حساب الآخر ولكون التربية والرعاية كلاهما مؤثر في عملية بناء الانسان فان هذا العامل المشترك اوجد خلطا بين مفهومين لدى الكثير., فحقيقة الرعاية هي تنظيم الوقت من نوم وتغذية ولباس وصحة وترفيه ونكاح وانجاب وغيره، ليتضح من ذلك انها اهتمامات حسية جسدية يشترك في كثير من جوانبها الانسان والحيوان وهي ليست مذمومة اذا كانت بالقدر المعقول المشترك بين الناس فلا افراط ولا تفريط ولكن الله جميل يحب الجمال، الا انها لاترتقي لدرجة التربية بمفهومها الخاص من حيث الاهمية، فالتربية تركز على الجانب التوعوي والفكري والاخلاقي لدى الفرد فهي مجموعة المبادئ والقيم والمثل التي يكتسبها الانسان من خلال تأثره بما يشاهد ويسمع ويتعلم ويدرك من طرق عدة كالأسرة والبيئة والمدرسة والاصدقاء والاعلام لتتبلور وتصاغ حسب ادراكاته وقناعاته على شكل سلوك قد يسمو به فوق منزلة الملائكة وقد يحط به ادنى من درجات الحيوان. ومن هنا تتضح خطورة الخلط بين المفهومين الذي قد تكون له عواقب وخيمة تتشكل وتتضح خلال مراحل عمر الفرد خاصة مرحلة المراهقة فوجود الجسم السليم المملوء نشاطا وحيوية دون وعي بعواقب الامور ينتج عنه تفريق لهذه الطاقة في غير محلها فالمدخلات تساوي المخرجات ومن استمع الى الغناء غنى ومن استمع الذكر ذكر.