اقتحم صوت المنبه فضاء الغرفة الساكن. نهضت متثاقلا من فراشك بكسل تقرأ, الساعة السابعة والنصف! ثم كالمصعوق تنتفض وتشتد همتك تنفض بقايا النوم. حتما لقد تأخرت دقائق معدودة قبل ان تتأهب. كنتما تواعدتما على مراجعة وزارة العمل في اليوم الفائت. كان متحمسا في حديثه وقد تكلم عن العمالة الأجنبية وضرورة اعادة النظر في مبررات وجودها في البلد, كنت تصغي اليه وفي قرارة نفسك تنصاع إرادتك لتصديق اليوم القادم. هناك عندما تصل لمبنى وزارة العمل ستجد عملا, فالوصول ليس بالأمر الصعب, تأخذك مساحات عريضة من الأمل, اليوم هأنت تحمل ظرفا أصفر اهترأ من عرق يديك في جولات الصيف المحرقة. كنت تجوب الجهات الأربع بحثا عن عمل, تستقبلك وجوه متجهمة غير مرحبة بك اطلاقا. يالسخافتهم وهم يسحقون فيك عزيمتك التي ما وهنت. تذكر كيف قابلتك سكرتيرة سافرة الشعر غطت وجهها المساحيق الرخيصة. تمضغ علكتها وتتكلم بشكل استفزازي.. (لا توجد عندنا وظائف شاغرة)!! حتى انك لم تكمل بقية حديثك وتطردك من الباب, هذا ظلم. مثل متسول يلفظك الجميع, تقابلك على أبواب الشركات عبارات جاهزة, تطرد طلاب العمل بطريقة حضارية بغيضة.. (عفوا.. لا توجد وظائف شاغرة) لا منتفخة وكبيرة, تشعرك بالخيبة من وراء الواجهة الزجاجية. تتذكر لا تنسى! تعتب باب البيت مصحوبا هذه اللحظة بدعوات أمك, تمل ظرفا اهترأ من عرق يديك يامسكين. كعادتها تتمنى لك الخير ولطالما سألتك عن عروس مبخرة, قد تكون من القرية تريدها من القرية؟ تسألك في حنان. تغالب هزائمك محاولا اخفاء ما بداخلك وتبتسم. في وجهها الحنون تبتسم لمجرد اخفاء ما يشتعل في داخلك لا ترغب في الكلام ثم بك تتسربل بالصمت! هذا الظرف الكريه في يديك, تختار المكوث هنا في السوق, تنتظره حتى تصعدا حافلة النقل العام. تنتظره هنا, يستقبلك يوم صيفي شرس يترك ملابسك فوق جلدك تتعفن. لا بأس فأنت لا تحصل على عسل هذه الحياة بدون ثمن اللدغ, ستصبر مرغما مصلوبا في هجير لا يرحم. تنتظر, تقرأ ساعتك بقلق, تتلفت في أرجاء السوق بلا جدوى فترتسم بعينيك هلاك شموع الأمل تغالب الانطفاء القادم. تريد ان تراه حتى تفرق شيئا من هواجسك الرعناء تتراكم في حفر شرها تزيدك كآبة. لم يظهر هذا الصديق بعد, لماذا تأخر في حضوره؟ هنا يزداد حرجك واقفا هكذا تتفرج عليك الأعين ثم.. تظهر حافلة النقل العام, تظهر وهي مثقلة بالأجساد الآدمية مكتظة عن آخرها ولا تتوقف عند هذه المحطة التعيسة. بضع فلول من الهنود العمال ونساء متشحات بعباءاتهن السوداء وطلاب مدارس يضجون ساخطين وأنت تهز رأسك مستاء. يكاد ظرف الورق الأصفر يذوب من عرق يديك غاضبا. لا حول لك ولا قوة, تشوبك شمس لاهبة, عبثا تنتظر صديقك لا يأتي. عملا تستجديه لا يأتي واحلام تتوسد ظلالها هاربة منك لا تأتي وأم تدعو لك بالخير وبعروس جميلة تنام في حضنك, تزيد من حماسك متحديا قسوة هذا اليوم الرطب. الآن لا تعبأ بكل ما فات, تجدد اصرارك الداخلي وتشق خطواتك الشارع بعزم لا يلين.