استطاع جيل التجديد والتطوير أن يغير في أنماط القيادة للإدارات الحكومية والأهلية في محافظة الأحساء، وهذا التوجه جعلنا نطرح في ( اليوم) قضية الفكر القيادي والإداري بالمحافظة، استطلعنا آراء عدد من الأكاديميين في العلوم الإدارية، الذين أكدوا بضرورة التحرر من حبس دوافع الذات والأداء الروتيني وأهمية العمل بمعيار اختيار الأجدر والقضاء على النزعة الفردية في العمل، وجاءت الآراء على النحو التالي: ارتفاع توقعات الناس يقدم الدكتور/ عبد المحسن حسين العرفج، رئيس قسم إدارة الأعمال بكلية العلوم الإدارية والتخطيط بجامعة الملك فيصل، وجهة نظرة حول الفكر الإداري للمؤسسات العامة والخاصة في محافظة الأحساء بقوله:يمكن تقسيم مؤسساتنا الخاصة والعامة إلى 3 أنواع، الأول يمثل رجال الأعمال والمسئولين في القطاع العام، الذين نفتخر بهم بسبب تطور مستوى تفكيرهم الإداري والقيادي، الذي انعكس على مستوى أداء مؤسساتهم ودوائرهم مقارنة بغيرها. أما المجموعة الثانية فهي تقع على النقيض من الأولى، وهي تشمل مسئولي الدوائر الحكومية التي يشعر الإنسان بالضيق والهم من مراجعتها في حالة الحاجة. كما تشمل العديد من رجال الأعمال الدخلاء على علم الإدارة وفنها،والذين تنتهي مؤسساتهم بالفشل في أقل من ثلاث سنوات. والمجموعة الثالثة تقع بين المجموعتين السابقتين، وهي تمثل مديري الجهات حكومية والخاصة، والتي تعمل بمستوى مقبول يرضي المواطن أو العميل ولكنه لا يبهجه.ويذكر الدكتور العرفج أن توقعات الناس حالياً بدأت تزيد ومعايير أصبحت مرتفعة، بسبب زيادة الوعي الراجع إلى سهولة تدفق المعلومات والتنقل وازدياد المنافسة، وهذا يدعوني أن أعتقد بأن الغالبية العظمى والنمط العام في الأحساء لكل من المؤسسات الخاصة والعامة لازالت بعيدة عن طموح المواطنين والقيادة. وهناك العديد من العوامل المشكلة لفكر الإدارة في القطاعين العام والخاص في الأحساء، ولكني أعتقد أن أهم عاملين هما كما يلي: العامل الأول يتعلق بقيم الإدارة ممثلاً باحترام الآخرين ومعاملتهم كبشر كرمهم الله تعالى وصان حقوقهم. لو عامل المدير المراجع أو العميل على أنه مهم وذو مكانة أو أنه قريب له لتغير حال مؤسساتنا العامة والخاصة. ومع أن ديننا الحنيف دعانا لهذا التوجه، حيث وجهه مربي الأمة رسول الله صلى الله عليه سلم بقوله ( أحب لأخيك ما تحب لنفسك) إلا أننا لا نزال نقع بينما يؤخرنا ويعيق عزتنا وهو ممارسة دينا كعبادة لا سلوك ومنهج عمل. والعامل الثاني هو رضا الإدارة بوضعها الحالي، وعدم رغبتها بالتطوير والتجديد. يرى بعض المديرين أن مستواهم العلمي وما بنوه من تجارب كاف بحيث لا يرون ما يدور حولهم من تغيرات ولا يؤمنون بوجاهة أي مقترح صادر من غيرهم. كما أن العديد منهم وصل إلى مستوى الركون والدعة وعدم الحماس، بسبب عدم توافر الحافز لذلك كضعف المنافسة أو عدم توافر الحوافز المادية والمعنوية وربطها بمستوى الأداء. يكفينا للاستدلال على ما ذكرته حجم حضور محاضرات العامة والدورات التدريبية التي تعقد في الأحساء حيث يلاحظ محدودية الحاضرين خاصة في المحاضرات التي تتطلب دفع رسوم ( مع تدنيها) أو التي لا يصاحبها وجبة طعام! ويوجه العرفج كلمة أخيرة لمديري الإدارات الحكومية والمؤسسات الخاصة في الأحساء يقول: عليهم مراعاة الله تعالى أولاً واستشعار عظم الأمانة الملقاة على كل فرد، فالفرد والمؤسسة نواة لكامل الأمة ونجاحهم نجاحها. كما أدعو لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وليكن معيار الاختيار هو الجدارة، وهذا يتضمن الحرص على التعليم والنظر في أسلوب الاستقطاب من الخارج وغرس ثقافة في البيوت والمؤسسات وكامل البلد تتصف بحب التعلم والتطوير والتحسين والبحث عن الأفضل. بحث ميداني علمي ويرى الدكتور سعد عبد الرحمن الناجم، عضو هيئة التدريس بقسم الإدارة التعليمية بكلية التربية بجامعة الملك فيصل، حول الفكر القيادي والإداري بمحافظة الأحساء أن حاجة الفكر الإداري والقيادي في إدارات القطاعين الحكومي والخاص في محافظة الأحساء وأثره على مستوى الأداء والإنجاز والفعالية وما يتعلق برضا المستفيدين بحاجة إلى بحث ميداني علمي، حتى نستطيع أن نحكم على نوعية الفكر الممارس والآثار المترتبة عليه، لأننا عندما نتحدث عن الفكر الإداري والقيادي في الإدارات يواجهنا سؤال مبدئي، يقول ما مدى تمتع بعض مديري الدوائر الحكومية والخاصة في الأحساء بفكر إداري واضح وفلسفة أدائية موجهة نحو الأهداف؟ ولربما نفاجأ بالإجابة التي تقول وهي انطباعية وليست علمية أن معظم المديرين في مجتمعنا يعيشون بفكر ذاتي منفصل عن الفكر الإداري المؤسسي لإدارتهم، لذا فهم يديرون إداراتهم بطرق اجتهادية بعيدة عن أهدافها المعلنة، فهم يحاولون الوصول إلى النجاح المرتقب عن طريق التجربة والخطأ. ويذكر الناجم أن هناك كثيرا من الدوائر الحكومية والأهلية يعاني مديروها من عدم وضوح الرؤية في الأداء والنتائج، حتى وأن كانت تخدم نشاطاً متشابهاً، مثال: المؤسسات التربوية للبنين والبنات، حيث إن لكل منهما طابعه الخاص، وإن حوته مظلة واحدة، هي وزارة التربية والتعليم، ومع هذا نجد بعض المسؤولين في قطاع البنات يديرها وفق نظام روتيني وضع أساساً للبنين. كما أن هناك مجموعة من التوقعات تحيط بأي عمل إداري مصدرها، الأهداف المؤسسية، أهداف المديرين، أهداف العاملين المنفذين، وأهداف المجتمع، فإذا تداخلت هذه التوقعات دون رؤية واضحة فإنها قد تسبب عدم تحقيق الأهداف على مستوى الأداء والإنجاز، وبهذا سوف توصل العاملين والمستفيدين إلى درجة من عدم الرضا تتناسب مع وعيهم المؤسسي والشخصي والفكر الإداري القيادي بمفهومه الواضح هو معرفة جميع التوقعات المحيطة والتحرر من حبس دوافع الذات ودوافع الرؤية الروتينية، لأن حبس ذات المديرين في الأداء الروتيني مرض يصيب معظم دوائر الأحساء، ولذا نجد الفارق واضحاً بين نفس الدوائر ومثيلاتها خارج الأحساء، أما الذين تحرروا من قيد الروتين ففي الغالب يعدون على الأصابع، وهم نماذج مشرقة ويعرفها الجميع. ويرى الناجم أن الفهم الواضح للتخطيط الفعال والتجديد والابتكار وروح الفريق والجودة الشاملة في مختلف خطوات الإنجاز يجلب بلا شك الرضا للعاملين والمستفيدين، ويجعل الفكر الإداري السمة الواضحة للعمل، مما يسهل عملية التقويم ومعالجة الأخطاء والوضوح كل الوضوح الذي يفتقده معظم مدرائنا على مستوى الذات وعلى مستوى الإدارات التي يديرونها، لذا أعطني فكراً واضحاً جلياً، أعطك عملاً مميزاً وولاء لا ينقطع. هذا ما نفتقده للدكتور محمد دليم القحطاني أستاذ ادارة الأعمال الدولية المشارك بكلية العلوم الإدارية والتخطيط بجامعة الملك فيصل الرؤية التالية : هذا الموضوع يعد من الموضوعات التي تستلزم وقوف المختصين حولها، فالمشكلة الأساسية التي تواجه مؤسسات القطاعين العام والخاص في محافظة الأحساء تكمن في غياب الفاعلية والإبداع والابتكار، والعجز عن التطوير، وإيجاد الحلول الفورية للمشكلات غير المنصوص عليها في أنظمة لوائح العمل. كما أن لغياب الرؤية لدى هذه المؤسسات دورا في اتساع مساحة الخلل الإداري . ويقول الدكتور القحطاني / هناك عدد من المؤسسات الحكومية في محافظة الأحساء التي بدأت بالفعل في تطوير ذاتها وأنظمتها، بحيث يشعر المواطن بأن معاملاته تنجز بشكل ملموس وواضح، عكس ما كان يلمسه في السابق، ولكن ليست بالسرعة التي تتزامن مع ما تفرضه علينا تغيرات القرن الحادي والعشرين، والتي تستوجب تحديد الأهداف بشكل دقيق ووضع الخطط واللوائح التي تساهم في إنجاز هذه الأهداف، وهيكلة هذه المؤسسات بشكل ينسجم مع انسيابية القرارات وفاعلية الاتصالات بين أعضاء المنظمة وتشجيع التنظيمات غير الرسمية داخل هذه المنظمات للعمل للصالح العام والبعد عن المهاترات وتعطيل الأفكار والابتكارات لأسباب شخصية. كما أن القيادة في هذه المؤسسات تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية فهي أساس التوجيه والاقتداء . فالمواطن عندما يراجع إحدى مؤسسات القطاع العام أو الخاص لا يهمه الأسلوب السائد في تنظيم العمل، بل ما يهمه هو إنجاز معاملاته بشكل سريع وبعيد عن التعقيدات والروتين العمل. من هنا وجب على هذه المؤسسات التفكير الجاد في أسلوب العمل والسعي وراء تجميع الطاقات البشرية في بوتقة واحدة والحرص على تكاملها لتصب جميعها في مجرى واحد يتدفق في نفس الاتجاه، من هنا ستتضاعف المحصلة العامة وتختفي العيوب الفردية الخاصة. ويؤكد القحطاني على الاهتمام بفرص العمل المؤقتة، وإضعاف النزعة الفردية في العمل يقول: هذه الفرصة لابد أن يكون بين أعضائها الانسجام التام والشعور بالتحدي والتجديد والابتكار والثقة بالنفس والالتزام . وهذه الأمور لن تتحقق في غياب القائد المناسب والأعضاء المناسبين والتدريب المستمر لهم الذي يكسب جميع أعضاء الفريق المهارات الجديدة وزيادة الوعي، والإلمام بالمستجدات في مجال العمل المنوط بهم. كما لابد من تبادل المعلومات بدون تحريف بين أعضاء الفريق الواحد، وهنا لابد أن نذكر بوضوح المهام والأدوار لكل فرد من أفراد المجموعة المتآلفة وإعطائها التحفيز المادي والمعنوي بشكل مستمر . خطوات للتخلص من البيروقراطية وأخيراً يقدم الدكتور محمد عبد الرحمن الدوغان وكيل الكلية التقنية للشؤون الأكاديمية بالأحساء وعضو جائزة الأمير محمد بن فهد للأداء الحكومي المتميز، نصائح لمديري الإدارات الحكومية والأهلية للقضاء على البيروقراطية في التنظيم والجانب السيئ فيها في تعقيد الإجراءات والروتين الممل منها أساليب تبسيط الإجراءات وتبسيط تنظيم المكاتب في الجهاز الحكومي، فمعايير جائزة الأمير محمد بن فهد للأداء الحكومي المتميز ركزت على : التدريب والتطوير (تكثيف التدريب على رأس العمل وخارج المنظمة، وتقنية المعلومات (التركيز على إيجاد مراكز معلومات بالمنظمات تهدف إلى تسهيل عملية الاتصال بين وحدات المنظمة وتوفير قواعد بيانات متكاملة ، وتقييم الأداء يجب مراعاة جوانب التحفيز الداخلي للمنشأة عند تقييم الأداء ومحاولة استغلال للموارد المادية والبشرية داخل المنظمة بكفاءة لتحقيق الفعالية وتحقيق الأهداف التنظيمية، وتبني مفهوم القيادة الإدارية ومحاولة إيجاد تابعين لهذا القائد ليس لمنصبه التنظيمي، ولكن لأسلوبه القيادي، والمركزية / اللامركزية تفويض السلطة الصلاحيات عند وجود ثقة لدى العاملين وتعويدهم على اتخاذ القرار، والمبادرة والابتكار والإبداع وترويج فكرة تحفيز الموظفين المبدعين وتبني مفهوم جائزة الموظف المتميز الشهرية. ولتطوير الفكر الإداري يؤكد الدوغان على حاجتنا إلى إيجاد آليات للتعاون بين الأجهزة والإدارات الحكومية، فليس بالضرورة أن تبدأ كل إدارة من الصفر، بل تبدأ من حيث انتهى الآخرون، ولنتبن فكرة إنشاء قاعدة بيانات للأكاديميين والمتخصصين والعلماء وأصحاب الرأي والفكر، ونستفيد منهم في استشارة أو رأي معين، ولنوثق علاقاتنا بعضنا البعض في الأجهزة الحكومية، كل ذلك سوف يعود بالنفع على الجهاز الحكومي نفسه وتطويره خدمات المستفيدين. كما أن من المهم تشجيع مفهوم الجودة في الأداء واطلاق كلمة عميل بدلا من مراجع لنشر الوعي بأهمية تقديم الخدمة وتحقيق رضا المستهلك. وأيضا تبني مفهوم العمل الجماعي والتفكير الجمعي وفريق العمل ومفهوم التآزر وإيجاد أشخاص بعينهم توافق وانسجام لتحقيق أقصى إنتاجية ممكنة 2+ 2+ 4= 5 و وضع دليل إرشادي للخدمات المقدمة في الجهاز الحكومي وإيجاد موظف استقبال في كل منظمة حكومية (علاقات عامة) وتطوير مفهوم استخدام صفحات الإنترنت للخدمات الحكومية و التمهيد لتطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية ,و تشجيع الاستثمار في مقرات ومباني الأجهزة الحكومية من قبل مراكز التدريب الخاصة بعد أوقات الدوام الرسمي وتشجيع مفهوم المحاضرات , الندوات حلقات النقاش داخل الجهاز الحكومي وإنشاء وحدات لدعم الجودة في المنشآت بحيث لا تتمثل في صورة رقابية على الجهاز , وتطوير مفهوم شئون الموظفين ليصبح تنمية الموارد البشرية وتطويرها , وتشجيع مفهوم الإدارة بلا ورق واستخدامه الحفظ الإلكتروني والماسح الضوئي , تقليل التوقيعات والتأشيرات والمراحل التي تمر بها المعاملة منذ ورودها للجهة , الاهتمام بالتخطيط ووضع خطة عمل متكاملة واستراتيجية واضحة تنبثق منها خطط تشغيلية , وضع دليل تنظيمي به الهيكل التنظيمي للجهة والوصف الوظيفي والسلطات والمسؤوليات والمرؤوسين المباشرين والرؤساء وتوضع في يد كل موظف. الاهتمام بخلق بيئة عمل مريحة وثقافة تنظيمية مؤهلة وتجديد النظرة للأجهزة الحكومية كجهة تقدم خدمة للعميل لا تعقد العميل وتؤخر معاملته وضع رسالة للمنشأة واستراتيجية واهداف توضع بشكل بارز في المنظمات وعند المداخل ولدى الموظفين و وتعزيز مفهوم الاتصال بجميع انواعه لتقليل التعارضات ما أمكن , الإسراع بعملية التكامل مع القطاع الخاص وخصوصا بعد انضمام الدولة في منظمة التجارة العالمية ومحاولة الاستفادة من الأشخاص المتدربين تدريبا لاستخدامهم في تدريب موظفين آخرين داخل الجهة دون الحاجة لإرسالهم الى معاهد تدريب. وترشيد الإنفاق واستغلال الموارد بشكل جيد , وإنشاء جهاز مركزي , وليكن عبر المحافظة (أمانة لجائزة الأداء المتميز) او أمانة لتطوير الأجهزة الحكومية يقوم بمتابعة تنفيذ هذه الإجراءات في الأجهزة الحكومية لتطويرها واخيرا تشجيع القطاع الخاص على سعودة الوظائف ونشر الفكر والإداري داخل المنظمات والاهتمام بتسويق المنتجات بتقديم خدمة افضل للعملاء والاهتمام بالتدريب.