تتميز مؤسسات القطاع الخاص في المملكة بالحرص على تحسين جودة الانتاجية سواء في قطاع السلع الصناعية والزراعية او في قطاع الخدمات مما انعكس على رقي المنتجات وقدرتها على المنافسة الخارجية من حيث الكم والكيف.. وفي اطار حرص هذه المؤسات يجدر ان اطرح فكرة (حلقات الجودة في المؤسسات اليابانية) ومن المعلوم ان نجاح الادارة اليابانية الباهر اثار اهتمام الدول المتقدمة والنامية وانعكس ذلك النجاح على جودة المنتجات اليابانية وانتشارها وضخامة الطلب عليها وقد تلخصت عوامل ذلك النجاح في: تطور الأسلوب الاداري في المؤسسات اليابانية. تطور الأساليب الفنية منها. تأثير الثقافة اليابانية في العاملين فيها. فعالية وايجابية بيئة العمل اليابانية. ولاء العاملين لتحسين الجودة في الاداء والإنتاج سعيا وراء تحقيق غاية تعزيز امة يابانية عظيمة. ولذلك فقد حرص العاملون في اليابان على تحسين جودة أدائهم وانتاجيتهم. فنراهم يتطوعون من أنفسهم في الاشتراك في (حلقات الجودة) في مؤسساتهم ويعملون بكل حماسة وجدية من أجل تطوير وتحسين الجودة والانتاجية كل في مؤسسة العمل جنبا الى جنب مع القيام بواجباتهم الاعتيادية. وفي مقال نشرته مجلة: (كاليفورنيا للادارة) تحت عنوان (الانتاجية: التعلم من اليابانيين) عرف الدكتور هيروتاكا تاكيوجي وهو أستاذ للادارة في جامعة هارفرد, حلقات الجودة بأنها: (مجموعة من العاملين تتطوع لدراسة وحل مشكلات العمل).. وهي: مجموعة صغيرة من العاملين يؤدون عملا متشابها او مترابطا، يتقابلون بشكل دوري بهدف تحديد وتحليل وحل مشكلات الجودة والانتاج وتحسين الأداء. وترتكز فكرة حلقات الجودةاليابانية على الامور الآتية: 1. ان كل عامل مسئول عن عمله وانه يرغب ان يؤدي عمله بكفاءة واتقان. 2. ان كل عامل هو خير خبير في اكتشاف وحل مشكلات الجودة المتعلقة بعمله وبالتالي فان اولئك الذين يؤدون اعمالا معينة هم اعرف من غيرهم بما تتطلبه تلك الاعمال من تحسينات. 3. ولا تتم التحسينات في الجودة وفي مستوى الأداء إلا من أشخاص مدربين وملتزمين بالاخلاص والولاء للمؤسسة. ومن الجدير بالقول ان المؤسسة التي تسعى الى تطوير ذاتها وجودة اعمالها واداء العاملين فيها فانها تعتمد بالدرجة الاولى على حلقات الجودة من العاملين فيها.. قبل استقطاب الهيئات الاستشارية من خارج المؤسسة. وكلما سعت مؤسسات العمل الى تحفيز العاملين فيها على تكوين حلقات الجودة التطوعية ومنحت افرادها التشجيع والتقدير كلما تعمقت فيهم مشاعر الولاء والاخلاص لمؤسسة العمل.. ويؤدي ذلك الى التفاني من قبل اعضائها في ايجاد الحلول الايجابية لمشكلاتها ولتطوير جودة الاداء والانتاجية وحل عقبات تطورها. ويرى الكاتب: انه بالنسبة لمؤسسات العمل في القطاعين الحكومي والأهلي ان تبادر الى تشجيع روح المشاركة من قبل العاملين في حلقات الجودة التطوعية. ومن ابرز الأمور التي تؤدي الى تهيئة العامين في المؤسسة للانخراط في (حلقات الجودة). التدريب والتأهيل الكافي لتطوير قدراتهم ومعرفتهم بتحسين الجودة ورفع وعي العاملين بأهميتها ورفع معنوياتهم. الحفز والتشجيع بتقدير جهودهم لترسيخ مشاعر الولاء للمؤسسة وتطوير القدرات الادارية التلقائية. زرع الثقة في نفوسهم بانهم اقدر على معرفة مشكلات الجودة وحلها. ومن خصائص حلقات الجودة انها تتميز في المؤسسات اليابانية بالخصائص الرئيسية التالية: الانتساب الى الحلقة يعد امرا اختياريا بمعنى ان العاملين لهم مطلق الحرية في الانتساب الى الحلقة وكذلك في الانسحاب منها. تحظى الحلقة بالدعم المالي والمعنوي من قبل الادارة العليا. وهذا يعني ان الادارة العليا تتحمل كافة المصروفات وتطبق التوصيات المقدمة من قبل الحلقة وترعى برامج التدريب ويعني ايضا ان الادارة العليا تخصص وقتا وتبذل جهدا من اجل تطوير فاعلية هذه الحلقات. انعقاد الحلقة يكون عادة بعد اوقات الدوام الرسمي. ولكل حلقة من حلقات الجودة في المؤسسة اليابانية قائد يكون عادة احد المشرفين والرؤساء المباشرين. اما اسلوب عمل حلقات الجودة من الناحية الوظيفية.. فانه ينظر اليها على انها جهاز لحل مشكلات العمل على النحو الآتي: تعريف المشكلة. وضع سلم للاولويات للعمل على حل المشكلة المطروحة. البحث عن الاسباب وجمع البيانات وتحليلها. تطوير الحلول بالاعتماد على الاجهزة الفنية الموجودة في المنشأة. الحصول على تدريبات متقدمة على حل المشكلات طبقا للحاجة. الحصول على تقدير واعتراف الادارة. تطبيق الحل بعد موافقة الادارة. وتعتمد حلقات الجودة في المؤسسات اليابانية على المستوى العالي للعاملين ثقافيا وفنيا وعلى قدراتهم الذهنية التي تمكنهم من استخدام الاساليب الرياضية والاحصائية في معالجة وحل المشكلات المطروحة. واذا ما اريد تطبيقها في المؤسسات العامة الحكومية او في مؤسسات القطاع الخاص فانه لابد من توفير المناخ المناسب في هذه المؤسسات تنظيميا واداريا وتدريبيا وتحسين اجواء العمل والارتقاء بالعلاقات الادارية لتكون قادرة على حفز الهمم والارتقاء بالكفاءات لدى العناصر البشرية العاملة تدريبا وتأهيلا وتشجيعا وحفزا لتكريس الولاء لدى العاملين في المؤسسة ودفعهم الى التفاني في تطوير ورفع مستوى الانتاجية فيها كما وكيفا وتقدير وتكريم المبدعين والجادين في اداء اعمالهم وتطويرها. ونحن في هذه لمرحلة من تاريخ نهضتنا الاقتصادية والاجتماعية يجب ان نستفيد من تجارب الآخرين.