ما زلنا نعايش ونشاهد الكثير من منظماتنا ومؤسساتنا الحكومية خاصة وبعض مؤسسات القطاع الخاص تعج بالمشاكل التنظيمية والإدارية وتدني جودة وقلة إنتاجية أفرادها وموظفيها وما زلنا نرى كثيراً من المديرين وأصحاب القرار لا يكترثون لهذه المشاكل ومنهم من يتجاهلها لتجنب تبعات وعناء حلها، بعض الإدارات أصبح سوء التنظيم فيها وهمجية وفوضى العمل والتعقيد والتأخر في إنجاز المعاملات سمة وتقليداً من التقاليد التي يتوارثها مديرو وموظفو تلك الإدارة جيلاً بعد جيل، تتغير الوجوه وتتغير المباني والمشاكل هي المشاكل وما زال يواجه عملاء هذه الإدارة ما تعودوا أن يواجهوه وأن يروه طيلة العقد أو العقدين من الزمن. وهناك من المديرين من يرفع راية التدريب كلما حلت بساحة إدارته مشكلة أو معضلة حتى لو كان التدريب ليس هو الحل، بل إن منهم من جعل التدريب لغرض التعايش مع المشكلة التي يواجهها وليس لحلها. إن مشاكل الأداء التي تتعلق بضعف جودة وقلة إنتاجية العنصر البشري ليست بالضرورة نتيجة لنقص في المستوى المعرفي أو تدنياً في مستوى القدرات والمهارات لدى الفرد أو الموظف مما يستوجب اختيار التدريب كحل لهذه المشاكل، بل إن هناك عوامل كثيرة قد تسبب عدم توفرها تدنياً في مستوى الإنتاجية لا يكون في أكثر الأحيان للموظف علاقة مباشرة بها بل يجب أن توفرها المنظمة لتكون جزءاً من بيئة العمل ومن هذه العوامل على سبيل المثال لا الحصر: - قلة مصادر المعلومة المتوفرة للمؤدي "الموظف". - عدم توفر السياسات والتنظيمات الواضحة المتعلقة بإجراءات العمل. - ضبابية وعدم وضوح مقاييس ومعايير الأداء. - عدم توفر المحفزات وعوامل التشجيع المترتبة على إنجاز عمل أو مهمة ما. وفي الواقع فإن ما قرره المختصون في مجال تطوير وتحسين الأداء أن فاعلية التدريب كحل لا تمثل سوى ما نسبته 20% مقابل الحلول الأخرى التي يطلق عليها في المجمل "حلول غير تدريبية". إن الطرق التقليدية والعشوائية التي تواجه بها المشاكل في منظماتنا ومؤسساتنا لن تكون أبداً الحل الناجع لها، نحن نحتاج إلى معرفة سبب أو أسباب المشكلة أولاً قبل الشروع في اختيار الحل، ولمعرفة الأسباب فلابد من إجراء عملية تشريح كامل لأداء المنظمة أو الإدارة وذلك للوصول إلى مكمن الخلل وتحديد الأسباب بدقة عندها فقط نستطيع تصميم وتطوير ووصف حل أو حلول مناسبة تقضي على جذور أسباب المشكلة ومن ثمَّ تسهيل عملية تنفيذ هذه الحلول أو تذليل كل العقبات التي قد تواجه عملية التنفيذ، ونغلف ذلك كله بعملية تقييم مستمرة خلال المراحل الأربع السابقة، هذه ببساطة الطريقة المنهجية لصناعة الحل الذي ليس بالضرورة أو قد يكون بعيداً كل البعد عن موضوع التدريب. إن من السهل جداً أن نرى ونحدد المشاكل الإدارية في مؤسساتنا ولكن التحدي الحقيقي هو معرفة أسبابها ومن ثمَّ حلها والقضاء عليها وهنا تأتي وتبرز الحاجة الملحة للاستعانة بالجهات والإدارات المتخصصة في تطوير وتحسين الأداء ولمكاتب الاستشارات الإدارية ولمن لديهم العلم والخبرة والأدوات اللازمة للوصول إلى مكامن الخلل ووصف الحل والعلاج المناسب، كما أن تخصيص بنود وموارد مالية لهذا الغرض قد يكون في رأيي أهم وأجدى من المبالغة في تضخيم المباني والبذخ في تغيير الأثاث المكتبي كل عام أو عامين. إن المدير الناجح هو من يتعامل مع المشاكل الإدارية كواقع يجب تغييره وكفرصة لصناعة النجاح وإحداث الفرق في أداء إدارته، عليه أن يضع هذه المشاكل على طاولة النقاش وأن يشرك كل من له صلة في هذا النقاش، وأن يسخر كل قدراته وإمكانات إدارته للوصول لطريق الحل، عندها فقط يحدث التغيير والتطوير ويصبح النجاح هو الواقع. @ أخصائي تطوير الأداء البشري