اتسع صدر الرئيس بشار الأسد الى أسئلة ذات طابع شخصي، عن القراءة والعائلة والرياضة واللون، وأمور أخرى. هنا نص الأسئلة والأجوبة: ماذا تقرأ في هذه الأيام؟ - أقرأ في شكل عام الأمور العلمية. خارج إطار العلم، أقرأ مذكرات وبعض القراءات التاريخية، عن التاريخ. أحياناً أجلب بعض كتبه، خصوصاً من وجهة نظر غربية. أحب أن أقرأ التاريخ كيف ينظر إليه الأجنبي، لأن نظرته إلى تاريخنا هي التي تجعلك تفهم كيف يفكر تجاهك، فنظرته ليست مرتبطة باليوم. إذا لم تفهم كيف ينظر الى تاريخك، فمن الصعب أن تفهم كيف يفكر تجاهك. هل يصلك مقال ينتقدك؟ ألا ينزعج الحاكم من الصحافي الذي ينتقده؟ - لا، لأنه إذا أراد أن يكون واقعياً يجب أن يعرف بالتأكيد أن جزءاً كبيراً هو انتقادات لا يسمعها، فالأفضل أن يسمعها. الانتقادات موجودة، وإذا كان عقله منفتحاً فسيستفيد منها لتصويب مساره. والأهم من ذلك انه إذا كان يريد أن يتحدث مع الناس، كيف يتحدث معهم وهو لا يعرف ما هي الجوانب السلبية التي ينظرون إليها. ما أعتمده في خطاباتي هو هذه النقطة. خطاباتي كلها مبنية على تساؤلات الناس وانتقاداتهم، وكنت دائماً في خطاباتي أضع أجوبة أو تبريرات أو تحليلات للنقاط التي تطرح. من هو أصعب مفاوض التقيته في السنوات العشر؟ - مفاوض؟ لم يكن هناك أصعب مفاوض، لأن الإدارة الأميركية لم تكن تفاوض. كانت تُملي، فلم تفاوض ونحن لم نفاوض. كان معها الآخرون من الأوروبيين لم يفاوضوا. لم يكونوا قادرين على المفاوضات، لذا لم تكن هناك مفاوضات. المفاوضات بدأت أخيراً مع الإدارة الحالية، وهي حول موضوع السلام. لا أعتقد بأن هناك مفاوضاً صعباً فتلك لم تكن مرحلة مفاوضات. هل تحب لوناً معيناً؟ - نعم، الأزرق. هو إذاً السبب الرئيس لاتفاقك مع سعد الحريري. هل لديكم وقت للعائلة؟ - طبعاً، لا يجوز أن تكون لديك عائلة وليس لديك وقت لها. في مقابلتي مع التلفزيون الدنماركي قبل أيام، سئلت هذا السؤال. قلت إن المهم أنه إذا لم يكن لديك وقت للعائلة فلماذا تبني عائلة؟ فإما أن تكون لديك أولويات في الوقت وتعرف كيف ترتبها، وإما أن لا تكون لديك عائلة في الأساس. هل يضطر الحاكم أن يحكم بالتقارير؟ - لا، لا يقدر أن يحكم من دون الواقع. بالتواصل مع الناس في رأيي. أنت تستطيع أن تحكم بالتواصل مع الناس وبالقناعة، قناعة الناس، وهذا هو جوهر العلاقة. لذلك، حتى موضوع التطوير، حتى القانون لا يمكن أن يطبق إذا لم تكن هناك قناعة عند المستويات التي ستطبقه. من الموظف إلى المواطن، إذا لم تكن هناك قناعة يفشل أي قانون. فالحكم بالمعنى الشامل، يجب أن يعتمد على القناعة والحوار والتواصل، وإذا لم تكن لدينا القدرة على التواصل مع الناس فهذا غير ممكن. هل هناك إجراءات شديدة بالأمن في تحركاتك؟ إذا أردتَ أن تتناول «بيتزا» في مكان، هل يحتاج ذلك إلى خطة أمن؟ - لا، خطة الأمن تكون عندما يكون لديك خوف وقلق من الناس. ونحن مررنا بمفاصل صعبة في سورية، والحقيقة أن حماية البلد كانت من الشعب. ليس هناك أمن يحمي بلداً، ولا جيش يحمي بلداً، بل هناك شعب يحمي بلداً. وتبقى تلك أدوات للشعب، عندما يدعمها تنجح، وعندما لا يدعمها تفشل، وفعلياً هذا بالتجربة. هذا ليس كلاماً شعرياً. أنا رجل واقعي، بالتجارب، الذي حمى البلد هو الشعب، فليس هناك داعٍ لتلك الإجراءات. وعلاقتي بالناس معروفة في سورية. علاقة مباشرة وعفوية، ليست فيها رسميات، وأنا أميل إلى العلاقة العفوية في عملي وليس في علاقاتي الشخصية، لأنني أعتقد بأنها هي التي تعطيني الصورة الحقيقية عما يحدث في البلد. تفاعل الناس، قراءة وجوههم، هو الذي يعطيك مؤشراً حقيقياً. أما التقارير فلا يمكن أن تعطيك هذه الأشياء، ولو كانت صادقة. يجب أن تصرف أضعاف وقتك كي تدقق التقرير ذاته تحلله وتدققه. ولكن، فعلياً عندما تكون على تواصل مع الناس، يصبح من الصعب أن يصلك التقرير إلا صادقاً، وتصبح قادراً من القراءة الأولى على أن تحتفظ به وتستفيد منه. هل تم تجديد عقلية من يرفعون إليكم التقارير؟ - هناك أمران: أولاً، التطور الطبيعي للبلد. هذا يفرض نفسه على كل الناس، خصوصاً المسؤولين. وهناك الجانب الآخر عندما تكون على تواصل مع البلد هو نفسه سيكون بتقريره يتعامل مع شخص يعرف. هناك فارق بين أن أرفع تقريراً إلى شخص يعرف، أو الى شخص لا يعرف. هل تمارس الرياضة؟ - دائماً، ليس كل يوم. رياضتي الأساسية هي الدراجات، لكنني الآن ألعب التنس، إضافة إلى رياضة اللياقة التي هي الجري، وبعض التمارين. هل تغضب؟ - أنا هادئ بطبعي. إذا طلبتم إنجاز شيء ولم يُنجز، ألا تغضب؟ - أولاً يجب أن تفكر لماذا لم يُنجز. إذا غضبت لا تفكر. عندما تفكر وأنت غاضب، التحليل والنتيجة خطأ. فأولاً يجب أن تحاول إعطاء مبررات للخطأ، وأنت تعرف أنه خطأ، ليس التبرير بهدف أن تبقيه، وإنما التبرير لتتمكن من إصلاحه. عندما يحدث شيء خطأ تريد أن تصلحه، يجب أن تضع نفسك أولاً مكان المخطئ ومن ثم تستطيع أن تصلح. أنت لا تستطيع أن تصلح من منطلق أنت صح وهو خطأ، هذا كلام غير واقعي. هل يجرؤ أحد على القول للرئيس: أنتَ أخطأت؟ - هي قضية «توصيف». حتى في مجتمعنا لا أحد يقول لك: أنك أخطأت. يقول لك: ليست جيدة او هذه الناس تنتقدها. ليس بالضرورة أن يقول لك هذا شيء خطأ، كي أكون دقيقاً في المصطلح. سيجدون صياغات؟ - تماماً، الصياغات. أنا نفسي أبحث عن الخطأ. أهم شيء، عندما يأتي شخص كي يقول لك أنك قمت بعمل جيد، أو ليمتدح عملاً قمت به. أنت تبحث عن الجانب الآخر. هذه أهم نقطة، لأن أي عمل تقوم به قد يكون فعلاً عملاً جيداً ولكن: أين الجانب الخطأ في العمل. فكرة المطلق. أنا لا أؤمن بالمطلق، ليس هناك شيء مطلق. دائماً إذا كان لديك شيء جيد، لنفترض 70 أو 80 في المئة. أين هي العشرون في المئة الخطأ؟ إذا لم يقل لك أحد عليها، ستبحث عنها، وبالعكس. إذا جاء أحدهم وقال لك: هذه ليست جيدة، ستبحث عن الجانب الجيد فيها. إذا لم تُوجِد هذا التوازن، تكون لا تسير على الأرض. حتى في تعاملنا مع الأجانب عندما كانوا ينتقدوننا، عندما يمدحوننا، نقول لهم أن المديح أسوأ من النقد. ما علاقتك لتمدحني؟ فالفكرة ليست قضية مدح، الفكرة ما هو الواقع؟ هذا هو السؤال، اسأل نفسي: ما هو الواقع؟ أنا لا أعتبر النقد شيئاً سيئاً. أعتبر أنه طالما هناك عمل في شكل طبيعي، هناك جانب سلبي لا أخطاء فقط. العمل الجيد فيه جانب سلبي، هذه قاعدة عامة. لا يجوز أن أفعل شيئاً وأعتقد بأنه مطلق، فالنظرة للمطلق هي التي خرّبت العلاقة بيننا نحن العرب في كل شيء مطلق. إما نحن متطابقون، أو متحابون. الأبيض والأسود. فهنا النظرة ذاتها، إما أنت عامل شيء صح أو شيء خطأ. الأمور نسبية في كل شيء. عندما تكون بالأساس مؤمناً بهذه الفكرة تكون مرتاحاً، عندما يأتيك نقد لا تُفاجأ. من الممكن أن يأتيك نقد على شيء تعرف أنه خطأ، وجائز أن يأتيك نقد على شيء تعرف أنه صحيح. ولكن في المحصلة أنت متوقع أنه توجد نسبة خطأ، والذي أراه أنا بنسبة 20 في المئة خطأ يراه غيري 50 في المئة، فلا داعي للخلاف معه. أقول له: كلامك صحيح، توجد نسبة خطأ، لكنني أختلف معك في النسبة، لا أختلف معك في المبدأ.