رحّب رجالات البنوك والمصارف بالحكومة الجديدة على اعتبار أنها حكومة أصلب وأشد مقاومة للضغوط الأجنبية الرامية لتقويض السرية المصرفية التقليدية للبنوك السويسرية، كما تقول الأوساط اليمينية في سويسرا. وترحب أوساط اصحاب العمل بنفس هذه الحكومة، باعتبارها خيارا عقلانيا يضمن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية لتعزيز الاقتصاد السويسري الذي فقد الكثير من طاقاته على المنافسة خلال السنوات العشر الماضية كما قال رودلف رامساير، مدير رابطة اصحاب العمل. ولا غرابة في صدور مثل هذه المواقف بعدما كشف الاستجواب الشخصي، الذي أجرته إحدى مؤسسات استطلاع الرأي العام مؤخرا، النقاب عن أن هانس رودلف ميرتس الوزير المنتخب الجديد في الحكومة السويسرية له موقف من المال والأعمال والاقتصاد، أكثر نزوعا إلى اليمين من مواقف كريستوف بلوخر الوزير الفيدرالي الجديد الآخر وزعيم حزب الشعب السويسري. فالمعروف أن المعارضة التي ظلت قائمة حتى اللحظات الأخيرة لانتخاب كريستوف بلوخر في الحكومة الفدرالية، ترجع لحقيقة أنه ينادي بحرية الاقتصاد والأسواق وبتعزيز موقف الشركات والمؤسسات الإقتصادية السويسرية لزيادة قدراتها على المنافسة، وبخفض النفقات الفيدرالية خفضا جذريا وبمعاملة المواطنة والمواطن معاملة البالغين القادرين على تحمّل المسؤوليات والواجبات. محكوم على الجميع بالادخار والتوفير ويعنى ذلك على الصعيد العملي، التطبيق الحازم للخطة التقشفية الرامية لإصلاح الميزانية الفيدرالية التي وافقت عليها غرفتا البرلمان الفدرالي هذا الأسبوع والقاضية بتوفير 6 مليارات فرنك بين عام 2004 وعام 2006، دون خفض معاشات الوزراء الفدراليين السبعة ودون خصم شيء من الميزانية المقررة لتعزيز شبكة دور الحضانة، لتشجيع الأمهات الراغبات في العمل على الإستمرار. عدا ذلك تقتطع هذه الخطة التقشفية حصصا ملحوظة من العلاوات الفدرالية المرصودة للتكوين والبحث العلمي، وللتأمينات الاجتماعية باستثناء التأمينات الصحية على وجه الاحتمال، ومن الدعم المقدم للفلاحين والمزارعين وغيرهم. وفي ظل الإجماع العام بين الشركاء الاجتماعيين في سويسرا على ضرورة التقليل من المديونية الفدرالية المتصاعدة والتي تناهز حاليا 110 مليار فرنك سويسري، ترى الأوساط النقابية والعمّالية في هذه الخطة خطرا على الإنجازات التي توصلت إليها منذ الحرب الثانية، خاصة على تأمينات التقاعد وتأمينات البطالة وغيرها من التأمينات الاجتماعية التي وقعت بين فكي المقص مرارا منذ مطلع عام 2003. لكن اليمين المتشدد لا يرى بديلا للمثل هذه الإجراءات غير الشعبية لإنقاذ النظام الاجتماعي ولتدعيم الاقتصاد كي يستعيد طاقاته على المنافسة المتصاعدة في زمن الإنترنت والعولمة وانهيار مختلف الحواجز الحمائية.وترد النقابات العمالية على هذه التبريرات بالقول إن خفض النفقات الفيدرالية لا يؤدي بأي حال من الأحوال إلى إنعاش الاقتصاد الوطني، وإنما العكس هو الصحيح، خاصة إذا ما تراجعت الاستثمارات الفدرالية في البنى التحتية العامة التي تعاني من إجراءات الادخار والتوفير منذ عقد على الأقل.