يساوي خبراء المال السويسريون القطاع المالي بأهميته قطاع الطاقة في سويسرا، إذ توازي الخسائر المقدرة بملايين الفرنكات نتيجة الكوارث التي يمكن حصولها فيه مثل انقطاع الكهرباء تلك الممكن أن يتكبّدها قطاع المال لدى تعرضه للشلل، بفعل عوامل كثيرة ربما تطمس سويسرا في أخطار في حال لم ينجح المتخصصون بقطاع المال في التأقلم مع تجارة القرن ال 21 الرقمية الحديثة، التي لا يزال أسيادها الأميركيون يهيمنون عليها. وتُقدّر قيمة أعمال القطاع المالي السويسري ب 62 بليون فرنك سويسري سنوياً، فضلاً عن توفير وظائف لأكثر من 260 ألف سويسري وأجنبي. وفي حال بدأت المصارف السويسرية إقفال أبوابها، وهذا ما حصل لدى بعض المصارف الصغيرة في الأعوام الأخيرة، يرى الخبراء أن حركة الأموال السنوية داخل سويسرا والمقدّرة بنحو 12 تريليون فرنك سويسري، ستتوقف عن الجريان داخل شرايين سويسرا الاقتصادية. وسيكون ذلك مثابة كارثة ذات مفعول أسوأ بكثير مما حصل باليونان، ما يعني أن حكومة برن ستعلن إفلاسها فوراً. ويعتبر الخبراء في جامعة «كور» السويسرية، أن فاعلية القطاع المالي شرط رئيس لاقتصاد وطني يتمتع بوضع قوي ومستقبل زاهر، وهو ما سعت إلى تنفيذه بشجاعة خلال السنوات العشرين الأخيرة دول آسيوية وخليجية كثيرة خصوصاً الإمارات. ويستأثر القطاع المالي المحلي بنحو 11 في المئة من محركات الاقتصاد السويسرية، وتهيمن المصارف على 47 في المئة منه. أما شركات التأمين فهي تنجح في توليد حركة أعمال سنوية تصل قيمتها إلى 25 بليون فرنك سويسري. في حين تتمكن الشركات المدرجة أسهمها في بورصة زوريخ، في توليد حركة أعمال سنوية مجموعها 34 بليون فرنك سويسري. يُذكر أن القطاع المالي السويسري يميل بقوة إلى إدارة الأصول المحلية والأجنبية في المقام الأول، واستأثرت أعمال إدارة الأصول خلال العام الماضي بنحو خُمس نشاطات القطاع المالي عموماً. لذا، سيكون لأي «مصيبة» تطرأ على نشاطات إدارة الأصول عواقب ائتمانية وخيمة على الطبقات الاجتماعية الفقيرة والغنية معاً. علماً أن نشاطات إدارة الأصول تتطرق أيضاً إلى إدارة بوالص التأمين على الحياة وصناديق الشيخوخة والتقاعد، التي تستأثر بنحو 14 في المئة من نشاطات كهذه. ويشير خبراء في جامعة «لوزرن»، الى أن قطاع الاستثمار المصرفي تعرض في سويسرا لانتقادات لاذعة وصدمات قوية، قبل اندلاع أزمة المال المصرفية وبعدها. كما لعبت إعادة تنظيم القوانين المصرفية السويسرية والدولية، دوراً في تقليص نشاطات القطاع المصرفي الاستثماري. وتراجعت عائدات المصارف السويسرية السنوية منذ عام 2000 حتى اليوم، بين 20 بليون فرنك و25 بليوناً، بسبب ضعف نشاطات الاستثمارات المصرفية السويسرية التي تراجعت وتيرتها حتى في الصين. ولتفادي أي كارثة قد تحصل في قطاع المال السويسري، يرى المراقبون في جامعة برن، أن التركيز على تعزيز نشاطات شركات التأمين وتحديثها داخلياً وخارجياً سيكون من الآن وصاعداً واجباً حيوياً، وعلى المصارف السعي إلى تفعيله في أسرع وقت ممكن.