إذا نظرنا إلى النظم واللوائح في جامعات المملكة نجد أنها تحوي الكثير من التفاصيل القانونية والتنظيمية التي أصبحت بمرور الوقت وتغير الظروف معيقة لمسيرة الجامعات وتطورها بسبب تكرر الحاجة إلى تعديل هذه النظم وصعوبة تحقيق هذه التعديلات. وهذه التجربة تؤكد وجاهة الاتجاه نحو تعديل هذه النظم بحيث تقتصر على مواد أساسية فقط، وترك التفاصيل لمجالس هذه الجامعات لتوفير المرونة التي يتطلبها التأقلم السريع مع المستجدات والتغيرات كلما برزت وللتأقلم مع خصوصية كل جامعة، فهذه المستجدات تتوالى بسرعة في مجتمع يتسارع النمو فيه مثل مجتمعنا. إن كل مشروع صغر أم كبر يستدعي وقفة للتأمل والدراسة بين وقت وآخر لدراسة ما تم عمله ولاستشراف ما يجب عمله مستقبلا. ويوجد في التعليم العالي حاجة أكبر لمثل هذه الوقفة. فلا شك أن هناك متغيرات كثيرة تتطلب إعادة النظر في أنظمة الجامعات وأساليب العمل فيها. ومصادر هذه المتغيرات كثيرة أهمها الزيادة المتنامية في الطلب على التعليم العالي. إن تمكين قطاع التعليم العالي من مواجهة هذه الزيادة المطردة يتطلب تضافر الجهود من جميع العاملين في قطاع التعليم العالي ابتداء من تطوير منهجية سليمة لتحديد التخصصات الملائمة للطفرة التنموية التي تشهدها البلاد وانتهاء بوضع السبل الكفيلة بزيادة قدرة الجامعات على استيعاب كل القادرين على دراسة هذه التخصصات. وزيادة الاستيعاب لا تنحصر في توسيع المباني والتجهيزات وزيادة عدد العاملين فقط بل تبدأ في الحقيقة وفي الحال بزيادة كفاءة القطاعات الأكاديمية في الجامعات. وهذا يتطلب من كل الإداريين الأكاديميين الحرص على تطوير فعالية الأداء في أقسامهم الأكاديمية بشكل يمكن من استيعاب أعداد أكبر من الطلاب. وأعتقد جازما أن من الممكن لكثير من هذه الأقسام أن تفعل ذلك لو توفرت لها القيادة الواعية والإرادة الحازمة وفوق كل هذا المرونة النظامية الكافية. لكي تتاح للجامعة الفرصة للقيام بدورها بكفاءة وتميز فإن من الضروري عدم إعاقة الميول الإبداعية أو التفردية فيها، بل تشجيعها. ولكن لا يتم هذا التشجيع ولا تنتفي هذه الإعاقة إلا إذا توافرت في المسؤول القدرة على تفهم مقتضيات التميز وسبل الوصول إليه. أما إذا فاق الحرص على منع الخطأ الاهتمام بالإبداع والتميز فقل على التعليم العالي المتميز السلام.