عزيزي رئيس التحرير من حق هذه المدينة الحسناء (الخبر) أن تفتخر وتختال وتطاول بهامتها السماء بهاءً وجمالاً وفتنة وسحراً بعقدها الفريد (شارع الظهران) والذي يعتبر واحداً من جملة (عقود كثيرة) تزدان وتفتخر بها هذه المدينة الرائعة. وعندما طرح رئيس بلدية الخبر السابق (عبدالرحمن بن عبد العزيز الشعوان- يرحمه الله) فكرة مشروع هذا الشارع منذ أكثر من أربعين سنة ونيف، كانت هذه الفكرة ضرباً من الخيال، ومدعاة للسخرية!! وسبباً للاعتراض والرفض التام من الجميع إذ كيف يجعل عرض هذا الشارع (91 متراً ونيف!!) وعندما طلب ( ابن شعوان) من القسم الهندسي في بلدية الخبر تخطيط شارع الظهران بهذا الاتساع، سخر منه (فرانك باترسون) مهندس شركة أرامكو المتعاون مع البلدية حينذاك وقال له: هل تدرك كم سيكلف الدولة شارع بهذا الاتساع!! وكان هذا الطلب مثار دهشة واستغراب هذا المهندس إلى حد الاعتراض!! وكان يسمي مثل هذه المشاريع الخلاقة ( أحلام ابن شعوان) ولم يكن الطريق مفروشاً بالورد فمعاملة هذا الشارع أعيدت من الوزارة المعنية ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة أوفدت الوزارة (وكالة وزارة الداخلية لشئون البلديات) لجنة لدراسة الوضع على الطبيعة وتم الاقتناع وتم التنفيذ وتحقق الحلم. وما ينطبق على شارع الظهران ينطبق أيضاً على شارع الملك عبد العزيز، فقد أحيل موضوع شارع الملك عبد العزيز إلى الأمير سعود بن جلوي يرحمه الله أمير المنطقة الشرقية حينذاك والذي اقتنع بوجهة نظر ابن شعوان وقال له تلك المقولة الراجحة ( يا عبد الرحمن إذا كان لابد من خطأ فليكن في اتساع الشارع وليس في ضيقه). ولقد أدرك الشيخ عبد الرحمن الشعوان أهمية التخطيط المستقبلي واستشراف المستقبل فعمل جاهدا على تخطيط وتطوير مدينة الخبر بنظرة مستقبلية إبداعية لا تزال آثارها مستمرة إلى يومنا الحاضر , ولقد واجه معارضة كبيرة ومستمرة من جيله , لأن ذلك الجيل كان يكفيه هما وعبئا وحملا ثقيلا , أن يركز على الحاضر فكيف بالمستقبل! وبطبيعة الحال فقد أدرك عبد الرحمن الشعوان ان شارعي الظهران والملك عبد العزيز يمثلان بوابتين وواجهتين لمدينة الخبر فلابد أن يكونا على المستوى المطلوب. لقد عاصر عبد الرحمن الشعوان يرحمه الله تلك الفترة التي كان فيها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وزيرا للداخلية , وكانت الداخلية حينذاك هي الجهة المسؤولة عن البلديات عن طريق وكالة الوزارة لشئون البلديات, قبل تأسيس وزارة الشئون البلدية والقروية, وقد كان الاتصال مباشرا بين وزارة الداخلية وبلدية الخبر, وكانت تلك الفترة التي تشرف فيها عبد الرحمن الشعوان يرحمه الله من الملك فيصل يرحمه الله ومن خادم الحرمين الشريفين بالثقة حافلة بالعطاء والإنجازات والإبداع ونتيجة طبيعية للتفاعل المثمر البناء بين ولاة الأمر والمواطن المسؤول في هذا البلد الحبيب , والشواهد والإنجازات على ذلك كثيرة وكبيرة وبارزة وتمثل تاجا على رأس هذا الوطن لو أردنا ان نسرجها لاحتجنا الى صفحات لا يتسع المجال هنا لذكرها وحسبنا إننا أشرنا الى شارعي الظهران والملك عبدالعزيز, ومن نافلة القول أن نقول أن شارع الظهران وعبدالرحمن الشعوان اسمان لا يفترقان فلا يكاد يذكر أحدهما بدون الآخر، لقد مضت خمسة عشر عاماً على وفاة المغفور له بإذن الله تعالى/ عبد الرحمن بن عبد العزيز الشعوان، رئيس بلدية الخبر السابق، ولا تزال فكرة تكريمه لم تتعد القلوب والنيات الحسنة والدعوات الصادقة في بلد سباق دائماً إلى تكريم الرواد في حياتهم وبعد مماتهم. لقد أعطى هذا الرجل الفذ لبلده الكثير.. كفاحاً وإخلاصاً وإبداعاً وإنجازاً، رجل سبق عصره، وعشق العمل والإبداع والكفاح. وعاش لبلده فترة حافلة بالإنجازات التي تقف شاهدة وشامخة في مدينة الخبر إلى وقتنا الحاضر، وستظل كذلك معلماً بارزاً وجزءاً خالداً من تاريخ هذه المدينة . ولنقرأ معا مقدمة المؤرخ / صالح الذكير يرحمه الله في تأريخه لسيرة عبد الرحمن الشعوان يرحمه الله في (الذاكرة الضوئية) في جريدة اليوم (28/12/1420ه ) وقد وفاه بعضا من حقه عندما قال : ( بعد قراءة سيرة هذا الرجل العصامي الفذ، وبعد الوقوف على آثاره المجيدة لا يسع المرء إلا أن يكبر مثل هذه النفس الإنسانية ويتأمل ما يمكن أن يفعله الإيمان إذا تملك النفوس واستوطن القلوب ليزيد العزيمة مضاء والإصرار مضيا، وعندما يكون هذا الإيمان وهذا العشق للوطن، تهون على الإنسان نفسه لتوهب رخيصة في سبيل إعلاء شأنه، إلى أن يقول : وحسبي أن أقول أن الكلام في صفاته : (إذا كتبت يبيض من نورها الحبر) . كما يقول في خاتمة موضوعه : (هل يعقل أن الرجل الذي بنى لوطنه مدينة لا يوجد فيها شارع واحد يحمل اسمه تخليداً لما فعله أو تقديرا لما أسدى ! هذا هو حال الشيخ عبدالرحمن الشعوان الذي أمضى قرابة العقدين من الزمن، استطاع خلالهما أن يفعل ما تعجز عنه مجموعة من البشر في عقود من الزمن . وعندما نطالب بإعطاء شيخنا حقه بعد مماته، فإننا نكرم في الحقيقة أنفسنا ونجل شيخا عاش على ثرى هذه الأرض الطيبة عمرا مديداً حافلاً بالحب والعطاء والتضحية وجليل الأعمال. عندما يكرم الوطن أبناءه العاملين الذين عاشوا له وماتوا في سبيله، فإنما يكرمنا جميعا، وعندما يكون السلف قدوة، يغدو الخلف استمرارا ليصبحوا بدورهم سلفا وهذه سنة الحياة. ونهيب بالمسؤولين وولاة الأمور أن يعيروا طلبنا اهتمامهم ويروا جدواه، وهو ليس بالعسير ألا وهو إطلاق اسمه على شارع بارز في مدينة الخبر عرفانا وتقديراً أليس هو الذي كانت شوارع الخبر جزءاً من حياته ؟ فلا أقل من أن يحمل أحدها اسمه مع انه باق في نفوس أبنائها وذاكرتهم ) انتهي ما كتبه الذكير. سؤال أخير: هل يدرك الأبناء هذا التكريم ؟ محمد عبدالرحمن عبدالعزيز الشعوان عبدالرحمن الشعوان