بعد التنفيذ الفعلي لانظمة حزام الامان اشارت التقارير بانخفاض عدد المصابين في الحوادث من 32.361 في عام 1420ه الى 28.998 مصابا من العام الذي يليه بالرغم من تصاعد عدد الحوادث من 267.772 لعام 1420ه الى 280.401 حادث مروري، وبذلك لنا ان نتصور حجم الخسائر الوطنية من الموارد البشرية والتي يصعب تعويضها وتشكيلها من جديد.. حيث كان منها مثلا العالم المتخصص والذي صرفت عليه دولته الغذاء والتعليم والرعاية طيلة سنوات حياته ثم فجأة تخسره او التاجر الذي يسهم في دفع عجلة التنمية والذي يعول - بعد الله تعالى - العاملين والموظفين والفنيين والذين هم في رحلة تدريب دائمة بالاضافة الى الاعمال الخيرية التي يتبرع بجزء من امواله في مساعدتها لتطوير اعمالها ولمساعدة المعوزين والفقراء. حدثني منذ فترة احد الزملاء المشهود لهم باحترام انظمة المرور والتقيد الممل بالسرعة المحدودة بانه قد تعرض لحادث مفجع من قبل احد سائقي الشاحنات الكبيرة وعند نزول سائق الشاحنة الذي كان على عجالة بتفقد حالة زميلنا سائق السيارة التي تدمر الجزء الامامي منها بشكل كبير ومن ناحية السائق، قال له سائق الشاحنة بلا مبالاة (لا تشيل هم انا مؤمن على الرخصة)؟!! ألهذا الحد وصل الاستهتار من قبل بعض العمالة وسائقي الشاحنات والاجرة بارواح وممتلكات الوطن والمواطن؟ حتى ان الحادث وقع اثناء توصيل ابنائه للمدارس، وقد اكون جازما بانه لا يوجد انسان واحد في طول البلاد وعرضها يقود سيارة الا ولديه بعض القصص والحكايات عن مدى تهور اولئك السائقين والذين معظمهم من غير المواطنين، فما بالنا الان وقد تم توفير الحماية الكاملة لهم بان يصدموا او يخربوا او حتى يدهسوا اي شيء يعترض طريقهم او يعكر مزاجهم أثناء القيادة. وقد صرح احد المسئولين في الادارة العامة للمرور ان تناقص اعداد الحوادث في الفترات الاخيرة يعود الى الجهود البذولة في نشر التوعية المرورية من خلال حملات التوعية والضبط المروري في الميدان.. الخ ولكني غير مقتنع في الحقيقة بجدوى ذلك اذا ما تم توجيه تلك الحملات لتلك النوعية من السائقين وقناعتي تلك نابعة من عدة ثوابت لا يسعنى المجال لذكرها كاملة ولكن اهمها وابرزها ان معظم اولئك السائقين لم يعرف القيادة الا في طرق وشوارع المملكة والتي بدايتها استخراج الرخصة عن طريق قاعة التدريس فقط دون التطبيق، فنحن بذلك اذا اردنا تعليمه فنون القيادة اصبحنا كمن يعلم مبتدئا في السباحة اصول الغوص في اعماق البحار والمحيطات. لذا تكون المعالجة الشاملة من وجهة نظري لتلك السلوكيات من اولئك السائقين بايجاد نظم ضبط ترتكز على المفهوم الاداري الاوتقراطي بان اي خطأ يتبعه عقاب اذا لا يكتفي بان التأمين المسكين يتكلف كل شيء لكن لابد من اجراء امني من قبل الادارة العامة للمرور كمنع السائق من القيادة لفترة معينة واذا تكررت تلك المشاكل قد يؤدي الى سحب الرخصة من السائق نهائيا. لا أريد ان تصبح أرواح المواطنين والمقيمين في ارض هذا الوطن الغالي عوالم تجريبية وتدريبية لكافة القادمين اليه من الشرق والغرب كما هي طرقه وشوارعه التي تعج بالمتدربين الذين تقدموا في برامجهم التدريبية حتى نالوا درجة (الاستهتار) في القيادة.