بالرغم من ان الحوار الفلسطيني يجري وسط ظروف فلسطينية عربية دولية بالغة التعقيد فان من المتوقع ان يسفر عن نتائج ايجابية فالفصائل المشاركة كانت قد وافقت على وقف اطلاق النار في يونيو الماضي واستمر ذلك 51 يوماً لكنه انهار بسبب الاعتداءات الاسرائيلية. ورغم التحفظات المبدئية من حماس والجهاد على وقف شامل باطلاق النار الا انهما قد يقبلان به وفق شروط تحمي المدنيين وقيادات الفصائل وسيضع اعلان وقف اطلاق النار او الاستعداد لذلك ورقة في ايدي الحكومة الفلسطينية لفتح مفاوضات مع اسرائيل لتحقيق الاهداف الوطنية الفلسطينية المطلوبة. كما تواجه بعض الفصائل مشاكل خاصة و عامة تتطلب موقفاً موحداً، وهو امر يمكن انجازه ايضاً فالحصار الذي يتعرض له الرئيس عرفات رئيس حركة فتح، واعتقال احمد سعدات الامين العام للجهبة الشعبية لتحرير فلسطين، واعتقال القوات الامريكية في العراق لمحمد عباس (ابو العباس) لجبهة التحرير، من الامور التي ستتفق الفصائل على المطالبة بانهائها، أي فك حصار عرفات والافراج عن سعدات وابو العباس. وعلى المستوى الفلسطيني يأتي اطلاق وثيقة مبادرة جنيف في نوفمبر الماضي بين ياسر عبد ربه رئيس فدا بحضور شعبي فلسطيني ورسمي وشعبي عربي ودولي وبين طرف اسرائيلي غير رسمي، في ظل وجود خريطة الطريق الرسمية وافكار اخرى مثل صوت الشعب ومباحثات لندن ومدريد وغيرها، ليؤكد ضرورة تحديد جبهة فلسطينية تشرف على كل هذه الجهود الرسمية وشبه الرسمية والشعبية بحيث تصب كلها في خانة اقامة الدولة الفلسطينية وانهاء الاحتلال وضمان حقوق اللاجئين. كما ان تشكيل حكومة فلسطينية جديدة برئاسة احمد قريع، بعد ان ساهمت الاعتداءات الاسرائيلية وعدم الانسحاب من الاراضي الفلسطينية في انهيار حكومة محمود عباس "ابو مازن" يدفع إلى المزيد من التوافق بين الفصائل المتحاورة بين الحكومة، خصوصاً ان حماس اكبر معارض لها طرحت اخيراً ضرورة الاتفاق على برنامج سياسي موحد، بعد ان كانت تتملص من ذلك، وانه ينبغي ان تكون شريكة في صنع القرار مثلما هي شريكة الوطن والدم، ومن هنا يأتي مغزى مشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني في الايام الاخيرة من الحوار، الأمر الذي يعني ان التواصل سيستمر بين الفصائل والحكومة للصالح الوطني الفلسطيني. كما سيعزز دعم التنسيق بين الفصائل وبين الحكومة مقاومة جدار العزل والغم الاسرائيلي الذي يضم مساحات من اراضي الضفة الغربية ويعزل مناطق فلسطينية عن بعضها مما يحول دون تواصل اراضي الدولة الفلسطينية المرتقبة. اما على المستوى العربي فقد ادت الحملة الامريكية على المقاومة - التي تصفها بالارهاب - وتجميد ممتلكات وارصدة حركة حماس في عدة مناطق من العالم إلى دفع بعض الاطراف العربية إلى التوقف عن دعم حماس، والتي يقال انه كان يصلها المئات من ملايين الدولارات - وتحويل مبالغ مالية إلى السلطة الفلسطينية، مما يساهم في دفع حماس نحو الانضواء تحت راية الاجماع الوطني الفلسطيني، ويعزز نجاح الحوار. وادى تصاعد المقاومة في العراق ضد الاحتلال بقيادة الولاياتالمتحدة وسقوط قتلى امريكيين إلى دفع القوى الوطنية الفلسطينية نحو عدم توفير فرصة لتصعيد العدوان الاسرائيلي ضدها تحت ذريعة محاربة الارهاب وان اسرائيل تقوم بما تقوم به القوات الامريكية ضد المقاومة في العراق لمنع وقوع خسائر في صفوف الاسرائيليين كما ان الاحتلال الامريكي للعراق وانهيار الحكومة العراقية يدفع الفصائل إلى توحيد مواقفها للحيلولة دون تدخل اسرائيل يقوض ملامح ومؤسسات الدولة الفلسطينية المرتقبة. وعلى المستوى الدولي فان هناك تصعيداً في الحملة ضد حركة حماس في الولاياتالمتحدة واوروبا واستراليا بتجميد الارصدة او تسليط سيف الاتهام ب "الارهاب" على رقبتها. كل هذه المؤشرات والوقائع تدفع اطراف الحوار الفلسطيني إلى تحقيق نتائج ايجابية على اصعدة تحقيق الوحدة الوطنية وتوحيد اساليب العمل من اجل انهاء الاحتلال واقامة الدولة وايجاد مجتمع فلسطيني متماسك.