تنطلق خلال الايام القليلة القادمة - باذن الله تعالى - اكبر حملة وطنية لاستنطاق اكثر من خمسة عشر الف طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية من مختلف مناطق المملكة التعليمية، وذلك بغية اعداد معجم لغوي يناسب اولئك الطلاب والطالبات. وقال الدكتور عبدالله بن حمد العويشق رئيس فريق الباحثين في مشروع اعداد المعجم اللغوي لتلاميذ المرحلة الابتدائية (بنين وبنات): ان هذا المشروع الوطني الكبير يعد اول مشروع علمي شامل على مستوى المملكة بهذا الحجم يتناول الرصيد اللغوي للطلاب والطالبات في المدرسة الابتدائية بمختلف مناطق المملكة، مشيرا الى ان هذا المشروع مدعوم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وذلك اداركا منها باهميته في تحقيق السمو بلغة اولئك الاطفال والتقريب فيما بينهم، كما انه يأتي استجابة لرغبة ملحة من لدن وزارة التربية والتعليم، ولاسيما في مرحلة المراجعة والتقويم الحالية. وذكر د. العويشق بان مشروع اعداد معجم لغوي لتلاميذ المرحلة الابتدائية (بنين وبنات) مشروع وطني ذو اهمية كبيرة، ومنافع كثيرة لما يرصده من مفردات والفاظ تساعد الطفل السعودي على تلبية حاجاته، والتعبير عن افكاره ومشاعره والاتصال بالمحيطين به في بيئته، لان الطفل لا ينمو من تلقاء نفسه، فهو يتشكل ويتغير ويرتقي لغويا وفكريا بقدر ما يوفر له في هذا الوسط او ذاك، موضحا بان هذه الاهمية تنبع من محورين هما: الفوائد التي سوف يحققها هذا المشروع - ان شاء الله - اولا، والمشكلات التي سيسهم هذا المشروع في معالجتها - باذن الله- ثانيا. وكشف د. العويشق عن اهم الفوائد والمزايا التي من المؤمل ان يبرزها هذا المشروع، مشيرا الى ان الوقوف على الرصيد اللغوي لدى اولئك التلاميذ يلقى بدوره الضوء على المستوى الذي يجب ان يتجه اليه التعليم اللغوي في تلك المرحلة المهمة من التعليم، حيث تعد الركيزة الاساسية التي يستند عليها التعليم في مراحلة التالية، كما انه يساعد المعلمين والتربويين عند وضع وسائل التعليم والتقويم المناسبة، الى جانب انه يسهم وبشكل مباشر في توحيد لغة الطفل السعودي او على الاقل تقريب بعضها الى بعض، كما ان ذلك يتيح الفرصة للمهتمين والباحثين نحو اجراء البحوث اللغوية التي تخدم النمو اللغوي لدى الطفل السعودي، هذا بالاضافة الى ان هذا الرصيد يزود اولئك الاطفال في تلك المرحلة بالفاظ عربية ميسرة، يعبرون بها عن المعاني التي يريدونها. وابان د. العويشق المشكلات التي يحاول هذا المشروع الاسهام في معالجتها، والتي منها مثلا: انفصام الصلة بين لغة التلاميذ المنطوقة ولغة المقررات الدراسية، وما قد يترتب عن هذا الانفصام من صعوبات في فهم المحتوى العلمي لهذه المقررات، والهوة الموجودة بين لغة التلاميذ المنطوقة والمكتوبة، وكذلك عدم وجود معجم موضوعي موجه للتلاميذ في تلك المرحلة، الى جانب الحاجة الى سجل للرصيد اللغوي للتلاميذ، بحيث تستفيد منه وسائل الاعلام، وكتاب ادب الطفل، وكذا الباحثون في النمو اللغوي لدى تلك الفئة المهمة في المجتمع والتي تمثل جيل المستقبل. واشار رئيس المشروع الى الاهداف الرئيسة التي يسعى هذا المشروع الوطني الى تحقيقها، وهي حصر الالفاظ الواردة في كتابات التلاميذ والتلميذات في المرحلة الابتدائية في مختلف مناطق المملكة، ورصد الالفاظ المنطوقة لدى تلك الفئة، وكذلك تدوين الالفاظ الموجودة في مقرراتهم، وكذلك في بعض القصص والوسائل الاعلامية (المرئية والمسموعة) الموجهة لاولئك الاطفال، الى جانب تصنيف تلك الالفاظ تصنيفا الفبائيا وموضوعيا في معجم يناسب هذه الفئة من التلاميذ، ثم اخيرا شرح تلك الالفاظ بلغة عربية ميسرة. واوضح د. العويشق بان هناك العديد من المبادئ المنهجية والاسس العلمية يعتمد عليها هذا المشروع والتي تم تأطيرها في بدايات عمل المشروع التي انطلقت قبل اكثر من سنة مشيرا الى ان من بينها: الرجوع الى الواقع الذي يعيشه هذا الطالب في وسطه الطبيعي، ومشاهدة هذا الواقع وملاحظته، ومن ثم استقراء المواد التي يتلقاها، والممارسات اللغوية التي يقوم بها، وكذلك الاعتماد على انواع متعددة من المعطيات المتعلقة فيه والمحيطة به، من مصادر خارجية، والتي منها مثلا: ما يقرأه التلميذ في الكتب المقررة، او القصص المؤلفة له والمجلات الموجهة له خصيصا، وكذا ما يكتبه في كتاباته المتنوعة سواء الحرة منها او الموجهة، الى جانب ما ينطق به نفسه، او ما يسمعه في محيطه، او يشاهده. واضاف د. العويشق القول بان هذا المشروع الوطني الكبير مر سابقا بمرحلتين كبيرتين، وبقي منه مرحلتان مهمتان ايضا، وهما: مرحلة الاستناطق، ومرحلة الاستكتاب، مشيرا الى انه تم الانتهاء من مرحلة اعداد الجوانب الفنية والوسائل التقنية الحديثة المساعدة على انهاء هذا المشروع وفقا لاحدث الاساليب العصرية. وبين رئيس فريق الباحثين في هذا المشروع بان الاستنطاق يقصد منه جعل التلميذ يتحدث ويتحدث باسترسال وبسليقته المعهودة حتى يتسنى للعاملين في هذا المشروع تسجيل تلك الكلمات والالفاظ التي ترد في كلامه، ومن ثم تعريفه وتخزينه في اجهزة الحاسوب التي اعدت لهذا الغرض، في حين نعني بالاستكتاب الطلب من هذا التلميذ او التلميذة الكتابة الموجهة وغير الموجهة وذلك وفقا للاسس والضوابط التي تم وضعها لتحقيق اهداف هذا المشروع. وذكر ان تنفيذ هذا العمل سوف يتم باذن الله في المدارس الابتدائية، التي وقع علهيا الاختيار في مختلف مناطق المملكة التعليمية في الشمال والجنوب، والشرق والغرب، وخلال ساعات الدراسة، حيث ان هناك تنسيقا مع وزارة التربية والتعليم بهذا الخصوص، موضحا بانه لن يأخذ وقتا طويلا من كل طالب وانما دقائق معدودة. واردف د. العويشق القول بان هذا المشروع الوطني يتطلب تكاتف الجهود والتعاون في سبيل انجاحه وذلك من قبل عدد كبير من المختصين والمهتمين، وكذا المسئولين، وفي مقدمتهم: المسؤولون في وزارة التربية والتعليم، وكذا المسؤولون عن ادارات التعليم في مختلف مناطق المملكة، مديرو المدارس والمديرات والمدرسون والمدرسات في المدارس الابتدائية التي تم اختيارها وفقا للاساليب الاحصائية، وكذلك اولياء الامور الذين سوف يتم استنطاق ابنائهم وبناتهم في المرحلة الابتدائية في سبيل، وضع معجم لغوي لهم، فهذا المشروع منهم ولهم، مشيرا الى اهمية تعاون رجال الصحافة والاعلام والكتاب وذلك لابراز اهمية المشروع وبيان فوائده. واشاد رئيس المشروع بالجهود الحثيثة والدعم الملموس المقدم من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلة بمعالي رئيسها، وكذا المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وعلى رأسهم معالي الوزير ومعالي نائبه، كما ابدى د. العويشق شكره الجزيل للمسؤولين في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية وفي مقدمتهم معالي مدير الجامعة د. محمد بن سعد السالم، وكذلك الشكر موصول لسعادة عميد كلية اللغة العربية بالجامعة، داعيا العلي القدير ان يوفق الجميع لانجاز هذا المشروع الوطني، وان تتحقق الاهداف المرسومة له. واختتم د. عبدالله العويشق حديثه بدعوة مديري المدارس المختارة احصائيا ضمن عينة المشروع ومديراتها في المرحلة الابتدائية، وكذا المدرسين والمدرسات في تلك المدارس، الى جانب اولياء امور الطلاب والطالبات اللاتي يمثلن العينة الى التعاون مع هذا المشروع الوطني والتربوي، وتفهم اهدافه ومنافعه على المدى الطويل.