تباينت وجهات نظر ثلاثة خبراء امريكيين في الشأن العراقي كانوا زاروا بغداد حديثا حول مستقبل العراق وانقسموا مابين متفائل بنجاح الولاياتالمتحدة في مهمتها في العراق واخر متشائم وثالث يرى الامور بمنظار معتدل. واعرب مايكل اوهانلون من قسم دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكينغز وخبير في الشؤون الامنية العسكرية خلال ندوة عقدت في معهد بروكينغز عن تفاؤل مشوب بالحذر فيما يتعلق بنجاح الولاياتالمتحدة في مهمتها في نهاية الامر شريطة ان تخفض من اهدافها0 في حين اعرب شارلز دويلفر وهو مفتش سابق عن اسلحة الدمار الشامل في العراق عن وجهة نظر اكثر تشاؤما نتجت على حد قوله جراء مناقشاته مع العراقيين خلال زيارته الاخيرة للعراق0 اما كينيث بولاك وهو مدير البحوث في مركز سابان لسياسات الشرق الاوسط وزميل بارز في قسم دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكينغز ومحلل لدى شبكة (سي ان ان) التلفزيونية الاخبارية فقد اتخذ موقفا اكثر اعتدالا حينما اعطى مبررات واسباب للتفاؤل وللتشاؤم معا0 وشرح اوهانلون وجهة نظره بالقول ان اساس النجاح في العراق هو ليس ما صرح به نائب وزير الدفاع الامريكي بول وولفويتز حول عراق ديمقراطي يحدث تحولا واسعا ورئيسيا في المنطقة بأسرها بل في وجود عراق مستقر لايهاجم جيرانه ولايطور اسلحة دمار شامل ولايتحالف مع تنظيم القاعدة ولايقمع الاقليات0 واضاف ان الولاياتالمتحدة بدأت تكتسب مع مرور الوقت المزيد من المعلومات الاستخبارية الجيدة في العراق كما ان قوات التحالف بدات تتفهم وتدرك الطبيعة الاساسية السياسية للحرب في العراق وتستخدم القوة بطريقة متأنية ومنتقاة بحذر0 واستند اوهانلون في تحليله على ارقام وحقائق منها ان قوات التحالف اعتقلت او قتلت مابين خمسة الاف الى عشرة الاف متطرف وارهابي في العراق مضيفا انه بقي منهم مايقارب مثل هذا العدد0 واضاف انه من المؤكد ان هناك تحسنا قد طرأ في نوعية المعيشة ومؤشرات الحياة لدى العراقيين مثل الكهرباء والماء والهاتف واعادة فتح المدارس والمستشفيات علاوة على اننا سنرى تقدما في احلال العراقيين في سلك الشرطة وفي القيادة السياسية 0كما قال اننا سنشهد حدوث انتعاش تدريجيا في الاقتصاد مضيفا ان الامور بدات في التحسن تدريجيا0 من جانبه اعرب دويلفر عن اعتقاده ان الرئيس الامريكي جورج بوش اتخذ القرار الاستراتيجي الصائب وهو ازاحة صدام حسين ونظامه نظرا لتشكيله تهديدا غير مقبول في المستقبل. واضاف ان صدام كان ينتهج استراتيجية تنص على بذر الانقسام والخلاف في مجلس الامن والاعتراض على المفتشين الدوليين مشيرا الى ان هذه العناصر سترد في تقرير ستنشره مجموعة البقاء العراقية العام المقبل0 وقال: انه استنتج أمرين من خلال مناقشاته مع العراقيين وهما ان قرار مجلس الحكم الانتقالي المؤقت في العراق ازاحة وطرد كافة العناصر المنتمية لحزب البعث اعطى رسالة الى كافة اعضاء الحزب واسرهم بانه لايوجد لهم مكان في مستقبل العراق كما ان قرار المجلس تفكيك الجيش والعناصر الامنية وتسريح الجنود اضر بعموم الطبقة العاملة في العراق. واضاف ان القرار شمل شريحة كبيرة من التكنوقراطيين والبيروقراطيين وطبقات المهنيين واسرهم وما سمعوه هو انه لايوجد لهم مكان في العراق وانهم اصبحوا الآن اشخاصا سيئيين وعليهم الآن حماية انفسهم قائلا ان تاثير ذلك هو تحول شريحة كبيرة من العراقيين الى اعداء للولايات المتحدة 0 وتابع ان وزير الدفاع الامريكي ابلغ العراقيين خلال يناير وفبراير الماضيين انه بامكان العراق تجنب الحرب اذا ماتنحى صدام حسين عن الحكم مع مجموعة محدودة من زمرته الا انه في شهري ابريل ومايو غيرت الولاياتالمتحدة قرارها وشعر العراقيون ان على جميع الاعضاء في حزب البعث الرحيل ايضا0 اما كينيث بولاك فقال انه لايرى اي سبب في عدم تحول العراق الى بلد مستقر ومزدهر وذلك نظرا لتوافر جميع لبنات البناء الجيدة فيه مثل التحسن الذي طرا على الكهرباء واعادة فتح وبناء المدارس وانتعاش الاسواق باسعار معقولة وبنسبة تضخم بسيطة0 واعرب عن اعتقاده بأنه اذا ماتم اعتبار العمليات التي جرت في منطقة السماوة اخيرا بانها تعني حدوث تحول جديد الا ان العديد من تلك الهجمات ينفذها اشخاص عراقيون يدفع لهم مبلغا وقدره 250 دولار مقابل قتل اي جندي امريكي0 وقال انه في الوقت الذي لايرغب فيه غالبية العراقيين في قرارة انفسهم في بقاء الامريكيين في العراق الا انه وعلى الرغم من ذلك ومن خلال مناقشاتي معهم فهم يشعرون بالرعب ازاء فكرة رحيل الامريكيين عن بلادهم. وتابع انهم جميعا يعتقدون (اي العراقيين) انه اذا مارحلت القوات الامريكية عن العراق فستنشب حربا اهلية فيه وانا اعتقد انهم على حق. وقال ان مبعث القلق الآخر للعراقيين هو الهجمات التي تشنها عناصر من النظام المقبور ضد العراقيين انفسهم ولاسيما الهجمات المميتة ضد المتعاونين مع الامريكيين0 وعلى صعيد متصل اشاد بولاك بالخريطة السياسية التي وضعها حاكم العراق بول بريمر قائلا انه على الرغم من انها معقدة وغير مثالية الا انها ستوجد هيكلا سياسيا يمكن الولاياتالمتحدة من البقاء في العراق لمدة عامين او ثلاثة اعوام وهي الفترة اللازمة والضرورية قبل تمكن العراقيين من الانتخاب وارساء حكومة شرعية0