عندما تفرض التحديات المرحلية غطا سلوكيا يترك اثره على احداثيات النفس الانسانية فان ذلك مدعاة لتقصي لب الامور لا مسوغاتها الامر الذي يضعنا امام صورة تتجلى فيها الفوضى الفكرية والوجدانية وحتى النفسية منها غير مؤهلة للممارسة العملية في مواجهة التحديات الكبيرة او حتى تحديات الحياة البسيطة. فقد دأبنا ردحا من الزمن على صياغة شخصيتنا وواقعنا على اساس رافد واحد ومحور واحد ندور في فلكه ونراهن على تلك الاحادية كهدف استراتيجي يمكن ان يحقق لنا ذلك التوازن المطلوب في صناعة الحياة ومواجهة تحدياتها المفترضة لكن هكذا رؤيا يمكن ان تقوض اي مشروع فضلا عن كونه مشروعا شخصيا لبناء شخصية هي اساس وركيزة مجتمع بكامله يواجه تحديات العولمة بكامل معناها الا يديولوجي وفي كل الجوانب بما يمكن ان يحاصر قيمنا ومبادءنا في كل ساحات الحياة. لذلك فلا بديل عن تبني خيار تعددية الروافد والمحاور وذلك بتعددية الثقافة والفكر ومزجها وصهرها في بوتقتنا الحضارية ليتسنى لنا تحديد آلية لصياغة الواقع الذي يمكن الرهان عليه لتعزيز صمود اطروحتنا الحضارية بما تستوعب من مفاهيم وافكار لكي لا ترجح كفة عن كفة وتلك هي الموازين القسط التي اسس لها نبي الرحمة عندما قال: (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) لاتممها لا لالغيها فرسالة الاسلام وحضارته من هذا المنظور جاءت لتكون رافدا اضافيا لحضارة البشر ومهيمنة على كافة ماسبقها من الحضارات لا لتكون الرافد الوحيد وكانت الاشارات كثيرة على ذلك في الفكر الاسلامي لامجال لذكرها. كل هذا الا يمكن ان يشكل انطلاقة لميزان سيكيلوجي يجعلنا نصوغ ثقافتنا واخلاقياتنا بتنوع يختزل العمق ولا يفرط في القشور بعيدا عن الترف الفكري ففي فكرنا الاسلامي دعوة صريحة لهذا الانفتاح على ثقافات العالم وحضارته كروافد اضافية لحضارتنا وفكرنا نأخذ منه مايتوافق مع معتقداتنا الدينية وننبذ ما يتنافى او يتعارض معها .