الحديث عن القضايا الكبيرة والهامة بأسلوب بسيط، لعل هذا أول ما يلفتك في الفيلم السعودي «وجده»، والذي يعد أول فيلم روائي طويل يتم تصويره بالكامل في المملكة العربية السعودية. الكثير من التحديات التي يواجهها هذا الفيلم بدءاً من موضوعه «المرأة»، الحساس جدا، وليس انتهاءً بفكرة السينما غير الموجودة علناً. لكن إصرار هيفاء المنصور للتعريف بالسينما السعودية وإيجاد مساحة لها ضمن قائمة الكبار، استطاعت ليكون ضمن القائمة المرشحة مبدئيا لجائزة الأوسكار عن أفضل فلم أجنبي، هذا الترشيح اعتبر الأول فى تاريخ السينما السعودية، وجاء نتيجة للنجاحات العالمية التى حققها الفيلم ومخرجته فى عدد من المهرجانات الدولية. وتدور أحداث «وجدة» المرشح لجائزة الأوسكار العالمية حول فتاة اسمها وجدة، التي تنتمي لعائلة من الطبقة المتوسطة، والدها موظف في شركة بترول وهو غائب طوال الوقت، ووالدتها موظفة تعاني يومياً من سائقها الباكستاني، وتحمل مخاوف ذهاب زوجها إلى امرأة أخرى. تحلم وجدة دائما بامتلاك دراجة خضراء معروضة في أحد متاجر الألعاب، على الرغم من أن ركوب الدراجات محظور على الفتيات، كي تتسابق مع ابن جيرانها الطفل في شوارع «الحارة»، إلا أنها تخطط لتوفير مبلغ من المال يكفي لشراء تلك الدراجة، وذلك عبر بيع بعض الأغراض الخاصة بها، لكن خطتها تنكشف، وتجد نفسها أمام سبيل وحيد وهو المشاركة في مسابقة لتحفيظ القرآن والفوز بها من أجل تحقيق حلمها بامتلاك الدراجة. أزمة المواصلات جزء كبير من الفيلم صوّر حياة «وجدة» داخل مدرستها، هذا الجزء كشف كيف يمارَس التخويف تجاه الطالبات داخل المدارس، هذا التخويف كان يصدر بشكل رئيسي من الأستاذة «حصة» مديرة المدرسة، التي كانت تمثل مزيجاً من السلطة الدينية الاجتماعية، فالأستاذة حصة كانت توزع منشورات تحث الطالبات على الحجاب، بالإضافة لأنها كانت تشجع على المشاركة في مسابقة لحفظ القرآن، كانت أيضاً توبّخ الطالبات في حال قيامهن بمخالفات. والدة وجدة تعمل معلّمة في مدرسة بعيدة عن المدينة، و تعاني بسبب أزمة المواصلات التي تعيشها الدولة، و هذا يحكي جانباً واحداً من معاناتها، فزوجها يفكر في الزواج بأخرى فقط لأنها لم تنجب له ولداً. الفيلم صوّر تشكيلة منوّعة من مشكلات المجتمع السعودي، و هذه المشكلات تم عرضها بذكاء من خلال الأحداث و الحوارات، تصوير الفيلم كان واقعياً، و ظهر ذلك في التفاصيل الصغيرة، كبيت «وجدة» الذي لم يكن باذخاً، و مدرستها الحكومية التقليدية، بالإضافة لعدد من التفصيلات التي ستكشفها مشاهدة الفيلم. عدد جوائز عالمية حصل الفيلم على ثلاث جوائز عالمية خلال مهرجان البندقية السينمائي ال 69، والجوائز هي جائزة سينما فناير، وجائزة الاتحاد الدولي لفن السينما، وجائزة إنترفيلم. وفي الدورة التاسعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي حصلت هيفاء المنصور على جائزة المهر الذهبي لأفضل فيلم روائي عربي عن فيلمها «وجدة». من جهة أخرى رحب النقاد بالفيلم باعتباره ينقل الأجواء الاجتماعية المحافظة في المملكة وجوانب من حياة المجتمع السعودي من خلال عائلة «وجدة» الصغيرة التي لم تنجب الأم فيها ولدا ذكرا يكمل شجرة العائلة، وكذلك من خلال علاقة التلميذات ببعضهن وبالناظرة في المدرسة الحكومية للفتيات التي ترتادها. تجاوب شعبي خلال عرضه بمهرجان دبي السينمائي، امتلأت صالة السينما بالجمهور، وكان عدد الجمهور السعودي كبيرًا، وبلغ عدد من حضر العرض أكثر من ألفين وخمسمائة. ومثّل الفيلم السعودية في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي كبلد منتج للمرة الأولى في تاريخه، إلى جانب كونه أول فيلم سعودي يتم بيع حقوق عرضه السينمائي لشركات أمريكية وأوروبية. وبعد عرضه في مهرجان لندن السينمائي، وصنّفته جريدة الغارديان البريطانية ضمن الخمسة الأوائل. تم بيع الفيلم في أغلب أنحاء العالم وفي أمريكا تم بيعه لشركة سوني كلاسيك أهم شركة أمريكية لتوزيع الأفلام الأجنبية في أمريكا الشمالية.