يسعى الفيلم الروائي السعودي الطويل «وجدة»، الذي عرض مساء الجمعة في افتتاح الدورة السابعة من مهرجان «أيام بيروت السينمائية» للأفلام العربية بحضور مخرجته هيفاء المنصور، إلى أن «يفتح حواراً» في شأن المجتمع السعودي من دون أن «يتصادم معه». وينقل الفيلم الأجواء الاجتماعية المحافظة في المملكة عبر قصة «وجدة»، الفتاة السعودية الطموحة التي تحلم بشراء دراجة هوائية لتتسابق مع ابن الجيران، وتحاول أن تجمع المال لشرائها. وكذلك تحضر جوانب من حياة المجتمع السعودي من خلال عائلة وجدة الصغيرة التي لم تنجب الأم فيها ولداً ذكراً يكمل شجرة العائلة، ومن خلال علاقة التلميذات بعضهن ببعض وبالناظرة في المدرسة الحكومية للفتيات التي ترتادها. وتقول المخرجة هيفاء المنصور لوكالة فرانس برس أن الرسالة التي أرادتها من فيلمها، وهي كاتبته أيضاً، هي «الإصرار على حب الحياة والأمل والتفاؤل». وتضيف: «أهم شيء في الحياة أن يحلم الإنسان ويطارد أحلامه وألا ييأس». وتنطوي معالجة المنصور لقصة «وجدة» على انتقاد لبعض المظاهر الاجتماعية، ولكن على نحو سلس وذكي وغير مباشر. وتقول عن ذلك: "كان من المهم جدا ان اصنع فيلما يعبر عن المجتمع، ويفتح حوارا في شأنه، ولا يتصادم معه». وتعتبر أن: «الهدف الأساسي من السينما أن تمس مشاعر الناس، وهي ليست مقالة صحافية أو إيديولوجية، بل هي مشاعر وأحاسيس». وتتمنى المنصور أن يؤثر نجاح فيلمها ايجاباً وأن: «يساهم في بناء ثقافة سينمائية لدى السعوديين، وتكوين إحساس عندهم بأن ثمة سينما تقدمهم وتحكي عنهم، ولا تستفزهم بقدر ما تعبر عنهم وتنتمي إليهم، فيشعرون من خلالها بهذا الانتماء ويحتوونها». وتعلق المنصور على تزايد عدد الأفلام السعودية القصيرة وعلى نمو الصناعة السينمائية في المملكة على يد مخرجين ومخرجات سعوديين، فتشدد على وجوب: «أن تكون هذه الأفلام صادقة وأن تتعاطف مع مجتمعها، فالصدق هو الذي يفتح الباب لأي مخرج». ورغم بروز مخرجين وممثلين سينمائيين سعوديين، فإن القطاع السينمائي لا يزال يفتقر إلى تقنيين متخصصين، إذ أن الموجودين في المملكة «متمرسون في الدراما التلفزيونية»، على ما تقول المنصور، مشيرة إلى أنها حرصت على وجود سعوديين إلى جانب مديري التصوير والصوت الألمانيين في «وجدة»، لكي «يتدربوا على تقنيات العمل السينمائي». ولا تخفي المنصور حزنها لكونها لا تستطيع ان تعرض فيلمها في السعودية، لكنها تشير إلى أنه: «سيعرض ربما في الصيف المقبل على»، مشيرة إلى أنه سيصل إلى السعوديين كذلك عبر الاسطوانات المدمجة. وكان "وجدة" شارك في مهرجان البندقية السينمائي ونال جائزتين في مهرجان دبي السينمائي الدولي، هما جائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل ممثلة للطفلة وعد محمد. وتصف المنصور ردة الفعل الخليجية على عملها بأنها كانت «دافئة وحميمة». وتقول: «لم أتوقع أن أحصل على جائزتين في مهرجان دبي السينمائي. كان مهماً بالنسبة لي أن أرجع إلى بلدي والمكان الذي أنتمي إليه بفيلم جميل». تجدر الإشارة إلى أن مهرجان: «أيام بيروت السينمائية» الذي افتتح بفيلم «وجدة"، يختتم في 24 آذار/مارس الجاري بفيلم «عالم ليس لنا» الوثائقي للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل.