القراءة الممتعة والمتمعنة للمقابلة التي اجرتها احدى الصحف المحلية مع سمو الامير الوليد بن طلال الاسبوع الماضي وما تضمنته اجوبة سمو الامير من انتقادات لوزارة البترول والثروة المعدنية وشركة ارامكو السعودية واتهامهم بفشل المفاوضات مع شركات النفط العالمية تحمل اكثر من معنى. استميح الأمير الوليد بن طلال عذرا بالتعليق على هذا الموضوع من منطلق الحوار الفكري. ليس هناك شك في ان التوقيع مع اكبر شركات الغاز في العالم هو خطوة جبارة ولكن لم يعرف بعد اذا كانت التفاصيل قد (عرقلت) من قبل الموظفين اوأن هناك خفايا تفاوضية اخرى قد تتعلق بالمردود المتوقع على الاستثمار او الضمانات التي لانعرفها. وكما يقول المثل الغربي الشيطان في التفاصيل او The Devil is in the details. ولا اعتقد ان تكون وزارة البترول قد لعبت دور الخصم والحكم في هذا المجال اذ ان ارامكو مملوكة بالكامل للدولة وليس لوزارة معينة، وكم كان بودي لو افصح سمو الامير عن (تحفظه الكبير على طريقة ادارة مشاريع الغاز). اما عن ان فشل المفاوضات فقد اضرت بسمعة المملكة التجارية والتعاقدية في الخارج فالكل يشهد بخبرة ارامكو السعودية بالتفاوض وابرام الاتفاقيات الناجحة من كوريا الجنوبية مرورا باليونان الى اكبر مصافي النفط والتكرير والتسويق في امريكا الشمالية. اشار سمو الامير الى العقد الموقع مع شل بانه (عقد رمزي لأنه لا يوفر استثمارات ضخمة للمملكة) وقد يكون هذا صحيحا لدرجة ما ولكن لنلقي نظرة سريعة على التفاصيل. المتوقع ان تنفق شل وتوتال قرابة 500 مليون دولار خلال المرحلة الاولى للمشروع قبل بدء الانتاج الفعلي. اما المرحلة الثانية فسوف تركز على عمليات الانتاج حيث ينتظر ان ينفق التحالف البترولي ملياري دولار في هذه المرحلة المتوقع ان تفتح آفاقا واسعة لاعمال الموردين ومقاولي الباطن خاصة للشركات المحلية التي ستحظى بفرص متعددة للمشاركة في هذا المشروع. السبب الثاني في رأيي الذي يعزز من قوة الاتفاقية مع شل هو خبرة ومساهمة شل الفعالة في خمسة مشروعات استثمارية في السعودية مع كل من الشركة السعودية للصناعات الاساسية (سابك) وشركة ساسرف التابعة ل (ارامكو السعودية) ومجموعة الجميح في الرياض، ومجموعة العشماوي في جدة. نظرة ايجابية اخيرة للموضوع كله، الوليد بن طلال وكل غيور آخر على مصلحة هذا البلد له الحق كل الحق في ان ينتقد ويطرح البدائل، ولكن اغلب المؤشرات تفيد بأن الغاء الاتفاقية مع اكسون موبيل والشركات الاجنبية الاخرى لن يؤثر فعليا على ما سوف تحققه المملكة من نجاحات اقتصادية اخرى بعد التوقيع على الاتفاقية الاخيرة مع شركة شل وان هذه الاتفاقية الاخيرة ستفتح الابواب لاتفاقيات اخرى مماثلة والله المستعان. * عضو جمعية الاقتصاد السعودية