لن نتسبب في قطع رزق أحد إذا ما قلنا أن البضائع المفروشة على الطرقات وأمام الأماكن العامة وتحت أشعة الشمس الملتهبة وتعريضها للعوامل الجوية الأخرى كالغبار والرطوبة والحرارة والتلوث بأنواعه أن معظمها غير صالح للإستهلاك وأنها بضائع ضارة صحيا على المدى القريب أو البعيد.. فالغاية توفير بيئة صحية خالية من كل التشوهات. ولا أظن أن ثمة عاقل يطالبنا بالدليل الصحي كي نثبت له صحة ما ندعيه من مخاطر صحية محدقة بهذه البضائع أيا كان نوعها.. فقبل فترة قريبة ادخل مستشفى الملك فهد بالهفوف سبعة مرضى أثر تناولهم لبن - يعتقد انه طازج - اشتراه مضيّفهم من إحدى الباعة الجوالة ممن اعتادوا ترويج بضائعهم أمام المساجد أو الباحات العامة حيث كان الجميع يعاني حالة تسمم حاد اضطرهم البقاء في غرف العزل مدة أسبوعين على الأقل.. ولم تكن هذه الحالة الأولى من حالات التسمم الغذائي التي يتلقاه المستشفى أو غيره من المستشفيات الأخرى .. كما أنها لن تكون لأخيرة إذا ما بقي هؤلاء يمارسون تجارتهم خارج إطار القانون الصحي والتجاري. وتعتبر البسطات بمختلف أنشطتها والتي غالبا ما تتخذ الأرصفة مقرا رئيسيا لها من الظواهر السيئة المنتشرة في جميع المدن والمحافظات والتي تخلو تماما من أي ضمانان تجيز ترويجها بهذا الأسلوب المتخلف فضلا عن أن الأرصفة هي ملك عام لجميع المواطنين ومن حقهم أن تكون خالية من تلك البسطات لئلا تعرقل حركة مرورهم .. كما أن معظم الذين يقومون بإشغال هذه التجارة الجوالة لا يتمتعون بأدنى درجات اللباقة.. لهذا نستطيع القول أن البيع على هذه الشاكلة يمثل ظاهرة غير حضارية وتسبب الفوضى والعشوائية والإزعاج وتعريض صحة الآخرين للخطر حيث تبدو هذه البسطات غالبا وبشكل واضح في المدن ذات الأسواق الضيقة .. ورغم كل المبررات يبقى هذا الوضع غير صحي وتبقى هذه الظاهرة غير مقبولة والحل لن يكون إلا بإيجاد أسواق بديلة منظمة تشرف عليها الجهات المختصة باعتبارها الجهة المعنية بقمع هذه الظاهرة غير الحضارية. فالمتتبع لهذه الظاهرة يجدها في كل مكان دون أن يكون ثمة تحرك يذكر من أية جهة من الجهات الرسمية المعنية بتخليص البيئة والمجتمع من هذه الصور المشوهة .. ولعل الظاهرة تتسع حجما في أسواق بيع الخردوات المتعارف عليها محليا ب(أسواق الحراج) حيث توجد الكثير من البسطات العشوائية الغير مرخصة والتي تشكل مظهرا غير حضاريا لبضائعها المعروضة والتي يمثل الجزء الأكبر منها مخلفات وخردوات غير صالحة للاستعمال والتي في الغالب ترجع محتوياتها لعماله آسيوية متستر عليها. من يقوم بجولة ميدانية داخل أسواقنا المحلية أو غيرها من الأماكن العامة سيجد هذه الظاهرة بارزة في كل مكان أمام المساجد ومحطات البنزين والمطاعم والمجمعات التجارية والطرقات حيث يتم من خلال هذه البسطات الغير مسئولة تصريف الكثير من البضائع الرجيعة أو الفاسدة أحيانا كالفواكه والخضروات والعطور والكماليات والأجهزة التي غالبا لا تستند إلى أي سند قانوني أو أي مرجعية أخرى تضمن سلامتها. والغريب في الأمر كله أن الغالب من المستهلكين يتهافتون على الشراء من هذه البسطات على الرغم من أسعارها التي تماثل أسعار المحال التجارية المعتمدة .. وهو ما يؤكد التشجيع على البقاء والاستمرار والتكاثر .. بل وتوجيه الدعوة الصريحة إلى أصحاب المحلات التجارية القائمة بالتخلي عن محالهم واللجوء إلى البسطات كما يحدث في الأسواق الشعبية الدورية كسوق الخميس في القطيف والأحساء وسوق العزيزية بالخبر والكثير من شوارع الدمام حيث تجد المتسوقين يداومون على التسوق بل بعضهم يجد متعة التسوق في عشوائية البضائع والبسطات المتناثرة هنا وهناك. والسؤال البارز في معرض حديثنا هذا ... إلى متى تبقى أسواقنا وباحاتنا وأرصفتنا مليئة - أو بالأحرى مشوهة - بهذه البسطات بكافة أشكالها وأنواعها .. أم أن الأمر لا يعني أحد؟!. الظاهرة مسئولية الجميع يقول محمد إبراهيم الحساني: الموضوع برمته لا يحتاج إلى جهة مسئولة - وإن كنّا لا نعطي العذر لأية جهة بالتخلي عن دورها الرسمي في محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها - لكن ما نحتاج إليه بصورة أساسية هو وعي المواطن وإدراكه لمصالحة الشخصية .. فليس من الحكمة تحميل الجهات المعنية كل المسئولية..فظاهرة البسطات تحاربها الكثير من الأنظمة وتساعدها في ذلك المجتمعات المتحضرة .. وإذا ما كنّا جادين في تخليص أسواقنا من شوائب هذه التجارة الرخيصة فيجب علينا مقاطعة هكذا تجارة وتعويد أنفسنا على الشراء والتبضّع من المحلات والمجمعات ذات البضاعة المعروفة والمضمونة مشيرا إلى أننا بذلك نساهم في تشجيع المحلات التجارية وتحفيزها على تقديم الأفضل دائما. وأضاف: أن التشوه لم يكن في ظهور هذا النوع من البسطات فحسب بل في خلفياتها المتخلفة كترك مخلفاتها التالفة والفاسدة كالفواكه والخضار والعلب الفارغة وغير ذلك من صور التشوه البيئي حيث لا يعير غالبا أصحاب هذه البسطات أي اهتمام يذكر تجاه البيئة ونظافتها باعتبار أنهم غير معنيين بهذا الجانب.. مما يعني العيش تحت ظل بيئة ملوثة على الدوام إذا ما أصر هؤلاء البائعون المتجولون على ممارسة نشاطهم المتخلف. وطالب الحساني الجهات المسئولة وكذلك المواطنين بمحاربة هذه الظاهرة أينما وجدت بهدف الوصول إلى بيئة تسويقية نظيفة خالية من كل التشوهات مؤكدا أن التعاطف مع هؤلاء الباعة لا يعني المصلحة لهم أو للمجتمع بأكمله بل يصلنا إلى نتيجة حتمية هي تخلف أسواقنا المحلية وانتشار الأمراض نتيجة تعاطينا لبضائعهم المقلدة والفاسدة غالبا.