كثير منا سمع بالوفاة الدماغية التي تصيب البعض فتجعله طريح فراشه لا يبصر ولا يسمع ولا يعقل شيئا، يبدو ضعيفا عاجزا عن كل شيء، لا يربطه بالحياة الا اسلاك وانابيب قد التفت عليه من كل ناحية حتى غدت كالمتاهة. يقال عنه انه مات دماغيا ولكنه من الناحية الشرعية لم يمت بعد حتى تخرج الروح وتفارق الجسد، معدود على الاحياء وهو للاموات اقرب، لا يمكن الاعتماد عليه في شيء ولا يتوقع منه شيء الكل ينظر اليه نظرة اشفاق ورحمة والبعض يرمقه متأملا معتبرا من حاله وما صار اليه. اظنك عزيزي القارىء قد ادركت الرابط بين هذه المقدمة والفكرة التي اردت طرحها من خلال هذه السطور، ان كثيرا من علاقاتنا الزوجية قد مات دماغيا وان كان من الناحية الشرعية مازال قائما ولم يحدث الطلاق بعد والذي هو بمثابة الوفاة الشرعية كخروج الروح من الجسد.. اصبحت العلاقات صورية لا حقيقة لها والروابط هشة ولا يمكن الاعتماد عليها لبناء التوقعات والاحلام.. الابتسامات تولد ميتة والاشواق ذبحت بسكين الجفاء.. حتى الكلام صار صمتا مملا او نقاشا يفضي الى نزاع. كم من امرأة علا صراخها فلم يفق عليه وسنان؟ وكم من دمعة محزونة بللت خدودها؟ كم من زوج ندم على اختياره زوجه؟ لم يثنه عن الطلاق الا بكاء طفله الرضيع..وكم من ابناء ينتظرون الليل علهم يتضاحكون او يلعبون في احلام جميلة بحياة سعيدة تجمع ابويهم؟ ان تقرير الواقع والاعتراف به لا يحل مشكلة او يصلح حالا وان كان هو بداية الحل. ولكن الواجب ان نتحاور بمنتهى الشفافية والصراحة لنتعرف على الاسباب التي ادت الى موت علاقتنا دماغيا، ومن المسئول عن ذلك؟ اهو الزوج ام الزوجة، وما اثر ذلك على الابناء من الناحيتين النفسية والسلوكية؟ وهل الطلاق هو الحل؟ ام يمكن لعلاقة بلغت هذه المرحلة ان تستعيد حياتها وعافيتها من جديد؟ عزيزتي الزوجة - عزيز الزوج للوقوف على اجابات تلك الاسئلة نحتاج الى سلسلة مقالات ولقاءات واستفتاءات ولكن يكفي من القلادة ما احاط بالعنق وسأكتفي باشارات سريعة علها تفتح ابوابا مغلقة وتوسع آفاقا ضيقة. ان الحب الذي يجمع الزوجين والعلاقة التي تربطهما كالنبتة الصغيرة ان لم يتعهدها صاحبها بالرعاية والسقاية فانها لن تكبر ولن تورق او تزهر يوما، وستكون ضعيفة هزيلة تجتثها الرياح، او كطفل رضيع ان لم تتعهده امه بالرضاعة والغذاء فسيكون ضعيفا ناحلا عرضة للخطر كلما ألم به مرض. فالمسوؤلية اذن مشتركة بين الزوجين في رعاية مولودهما الجديد (الحب) والحفاظ عليه امانة ملقاة على عاتقيهما، وليكن معلوما للجميع ان الحب ليس كلمة تقال او مشاعر مكبوتة انما هو ترجمة سلوكية راقية لمشاعر قلبية متقدة.