تزرع الأشجار لوظائف جمالية، ولكن لم أجد هذه الوظائف في شوارع الأحساء. وتزرع الأشجار لوظائف تنسيقية، ولكن لم أجد هذه الوظائف في شوارع الأحساء. وتزرع الأشجار لوظائف هندسية، ولكن لم أجد هذه الوظائف في شوارع الأحساء. وتزرع الأشجار لوظائف مناخية، ولكن لم أجد هذه الوظائف في شوارع الأحساء. وتزرع الأشجار لوظائف معمارية، ولكن لم أجد هذه الوظائف في شوارع الأحساء. وجدت أن بعض الشوارع متصحرة بدون أشجار، وهذا يعني إلغاء كاملا لجميع وظائف الأشجار. عملا بالمثل الذي يقول: الباب اللي يجي منه الريح سده واستريح. وجدت أن زراعة الأشجار في شوارع الأحساء عبارة عن (سلق بيض)، ليس لها هدف. زراعة أصبحت جزءا من عمل روتيني، لا تحقق تلك الوظائف. نعبر الشوارع قائلين: (الله بالخير)، وهي جملة ناقصة، لكنها مفهومة. تعبر الأشجار أيضا مع الناس، وهي غير مرتاحة ولا تستمتع بوجودها في المكان والزمان. معا نبحر في رحلة ضياع الشوارع المتسكعة التي تبحث عن المفقود. اقترح أن تكون هناك جائزة، لمن يوضح أهداف الأشياء في الأحساء، ومنها بالطبع هدف زراعة النباتات في شوارع الأحساء. ننام وهناك أشجار في بعض الشوارع منتصبة، نصحو من النوم، لنجد أن هذه الأشجار قد اختفت. أزيلت من الحياة بضربة فأس كاسر جاحد. لا تدري لماذا زرعت؟ ولا تدري أيضا لماذا تم اجتثاثها؟ ولا تدري كم من الجهد والوقت والمال صرف عليها؟ كانت رحلة ضياع، هكذا بدون سؤال. أشجار ان وجدت تتم محاصرتها بالمناشير وأدوات القص والتشذيب الحديدية، ويتم تكويرها فوق الأرصفة، وأيضا لا تدري لماذا يتم معاملتها بهذه الصورة. نباتات أصبحت في شكلها مثل شكل جرة الفول، كأن البعض لم يشاهد في حياته أشكالا جمالية، غير جرة الفول. في جميع أنحاء العالم الناس تمشي على الأرصفة وتحت ظلال وأغصان الأشجار الباسقة والمغروسة بعناية على الرصيف لخدمة الماشي والمنتفع. ونحن نمشي في الشارع وليس على الرصيف، نمشي بجانب الأشجار المكورة المدورة المقزمة، وبشكل وهيئة بحيث تحتل كل مساحة الرصيف المخصصة للمشاة. تنحل بعض (صواميل) الرأس من التعجب، عندما أرى طلاب وطالبات المدارس تحشرهم الأشجار خارج الرصيف، يمشون في الشارع بين السيارات. اصبح للرصيف في شوارع الأحساء وظيفة واحدة، وهي حمل الأشجار المكورة، والممنوعة من النمو. كأن وجود الظل شيء غير مرغوب فيه. شوارع تحارب الظل والمشاة. شوارع الأحساء تذكرني بالتصحر. فهي شوارع متصحرة، بائسة، تساعد على التصحر. التصحر البيئي و التصحر العاطفي والتصحر البصري والتصحر الفكري، وبعضهم يقول: هذه شوارع جن. شوارع تزرع على أرصفتها الأشجار وبكثرة ويتم اجتثاثها وبكثرة. أحيانا يحكم عليها بالموت عطشا، حيث يتم قطع المياه عنها، لتتم زراعتها من جديد وهكذا. والسر عند علام الغيوب. عبر هذه السنين، ورغم وجود أيضا أسابيع الشجرة، وبعد كل هذه التجارب، بعد لم توجد الشجرة المناسبة لشوارع الأحساء. الشغلة أصبحت كلها مزاجية في غياب المساءلة. شوارع الأحساء خالية من نخيلها الشهيرة، ولي معها كلام خاص في موضوع قادم ان شاء الله. زراعة شوارع الأحساء عمل قديم ومستمر، ولكن أين نتائج هذا العمل، وجماليات إبداعه وفنه المتراكمة عبر السنين؟ تبحث فلا تجد شيئا. شوارع أصبحت مسارب لضياع واستنزاف الوقت والجهد والمال، هكذا، شوارع الأحساء تبحث عن وظائف الشجرة. وستظل تبحث في مدن أخرى.