بدأت المملكة منذ وقت مبكر بالاهتمام بموضوع الطاقة الصديقة للبيئة للاستفادة من الطاقة الشمسية في أراضيها الممتدة ومساحاتها الشاسعة، ففي تجربة بحثية متميّزة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية سميت ب «القرية الشمسية» تمكّنت المدينة من انتاج 350 كيلوواط من القدرات الكهربائية تمت بها تغذية ثلاث قرى صغيرة في شمال الرياض وذلك حين كانت التقنية المتوافرة والمستخدمة في بداياتها الأولى، في حين أن التقنيات العالمية المتاحة في عصرنا الحالي قد تمكّن من إحراز انجازات أكبر. المملكة بدأت تدرس إقامة مشروعات جديدة تعمل بالطاقة الشمسية (اليوم) وتعمل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في الوقت الحالي على تطوير تجربة «القرية الشمسية» باستخدام تقنية تركيز أشعة الشمس على خلايا كهرُضوئية صغيرة مستفيدة من تقنية النانو والتي يمكنها انتاج 10 ميغاواط طاقة كهربائية، أي أكبر بثمان وعشرين مرة من التجربة الأولى، بينما تعمل الآن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على مشروع فريد من نوعه تحت عنوان «واحة الطاقة الشمسية» الذي يمثل نقلة نوعية في استغلال الطاقة الشمسية والاستفادة منها بأحدث التقنيات العلمية، وكمثال يحتذى في الاستثمار بالطاقة الشمسية ينظر إلى «مصدر» (شركة أبوظبي لطاقة المستقبل) في مشروع فريد لتزويد مدينة بالكامل بالطاقة الكهربائية المنتجة بواسطة أشعة الشمس. وتستحق الطاقة الصديقة للبيئة استثمارها والاستفادة منها، بيد أن التحدي الذي يواجه من يسعى لتحقيق ذلك يتمثل في تجاوز الصعوبات والعقبات وايجاد الحلول الاقتصادية والتقنية المناسبة لتحويل هذه الطاقة الشمسية إلى طاقة أخرى مناسبة يستفيد منها الانسان بسهولة كالطاقة الحرارية التي يمكن استخدامها مباشرة في تسخين المياه، أو كالطاقة الكهربائية التي يمكن أن تغذي أحمال الإنارة والأحمال الكهربائية الخفيفة عموماً، خاصة أن أهم عنصر في تصنيع الخلايا الكهرُضوئية التي هي العامل الأساس في تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية تعتمد على عنصر أساسي وهو مادة السيليكون التي تتوافر بوفرة في رمال صحراء المملكة، اضافة إلى أنّ تلك المسافات الصحراوية الشاسعة تساعد على بناء محطات توليد كهرُضوئية عملاقة عليها مُؤمنة مقداراً عالياً من الطاقة الكهربائية المستمدة من الشمس. تستحق الطاقة الصديقة للبيئة استثمارها والاستفادة منها، بيد أن التحدي الذي يواجه من يسعى لتحقيق ذلك يتمثل في تجاوز الصعوبات والعقبات وايجاد الحلول الاقتصادية والتقنية المناسبة لتحويل هذه الطاقة الشمسية إلى طاقة أخرى مناسبة يستفيد منها الانسان بسهولة. وعلى الرغم من هذه الجهود السابقة إلا أننا ما زلنا بحاجة ماسة وبدرجة كبيرة في وطننا العربي للأبحات والاستثمار في مجال استخدام الطاقة الشمسية في التكييف، باستخدام نظام التبريد بالامتصاص ( Absorption Refrigeration System ) حيث يمكن استخدام الطاقة الشمسية كمصدر حراري لهذا النظام للانتفاع منها في منازل المناطق النائية والمزارع والبيوت المحمية الزراعية التي يمكن أن تدمج فيها تقنيات كهرُضوئية تمكن مع تزامن شدة الاشعاع الشمسي والارتفاع العالي لدرجة الحرارة من تشغيل نظام تكييف امتصاصي يمكِّن من تبريد تلك البيوت المحمية عند درجات حرارة مناسبة للنباتات، وقد يبدو هذا غريباً على الشخص غير المختص بل وقد لا يصدّقه، إلا أن هذه هي الحقيقة حيث يمكن استخدام الطاقة الشمسية ذات الحرارة العالية في التبريد، وهذا يحتاج لمزيد من الجهود والاستثمار لتطوير هذه التقنيات. كما أن هناك دراسات أخرى لنظام توزيع الألواح الشمسية على أسطح المنازل، بتكلفة انشائية منخفضة نسبة إلى الوفر الذي ينتج عن تخفيض فاتورة الكهرباء، وقد برزت فكرة متميزة في دولة جنوب افريقيا، حيث قامت إحدى الشركات هناك بمشروع لتأجير الألواح الشمسية المنتجة للكهرباء ودفع ايجارها من خلال استقطاعه من فاتورة الكهرباء الشهرية، ففي احصائية نشرتها الشركة في نهاية عام 2008، أشارت إلى أنها تخدم حوالي 2700 مستهلك للكهرباء، بالإضافة إلى خفض ما يقارب 250 مليون كيلو جرام من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو أو بما يعادل ايقاف 63 ألف سيارة من السير لمدة عام كامل. ويشترك كل من القطاعين العام والخاص في أهمية الاستثمار في الطاقة الشمسية عبر الجهات الأكاديمية والبحثية والتشريعية من جهة والمستثمرين لنقل وتوطين تقنيات الانتفاع من طاقة الشمس من جهة أخرى، فالجهات الأكاديمية والبحثية تعمل من أجل تجاوز الصعوبات التقنية، فيما تضع الجهات التشريعية التنظيمات والحوافز الاستثمارية للدخول في هذا المضمار، وعلى القطاع الخاص الشروع والدخول بقوة في الاستفادة من هذه الفرصة الثمينة والاستثمار في سوق الطاقة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي.